شاهدت بالأمس فيلم "بوبوس" للكاتب يوسف معاطى الذى يعرض لك واقعنا ويتنقل بك من مأساة إلى أخرى فى سخرية ممزوجة بالمرارة، وإن لم تخل من ابتذال آذى مشاعرى فى بعض المشاهد ربما كان مقصودا من المخرج لا أعرف. ***يبدأ الفيلم فى حوالى نصف ساعة بمرور سريع على شخصياته.. - عادل إمام رجل الأعمال صاحب مجموعة أول وأكبر...كل حاجة فى البلد، عايش حياته بالطول والعرض لديه كل متع الحياة، و"متعثر" مديون وشركاته فاشلة ومهددة بالانهيار.."فاسد" مقترض من البنوك بضمانات وهمية وذلك بالاستعانة ب "نظام بيه" عزت أبو عوف الذى يسهل كل شىء مادام ابنه الصغير "بوبوس" شريكا فى كل الشركات ومفيش مانع يكون ضامن فى البنوك أيضا. يسرا الأرملة الطروب سيدة الأعمال الارستقراطية التى توظف جمالها أيضا للاحتفاظ بمستوى معين من الحياة فهى أيضا مديونة و"متعثرة"، زوجها الراحل مديون لعادل إمام الذى يريد أمواله ونصف القصر الذى تسكنه. أشرف عبد الباقى مدير المنزل المنبهر بنموذج عادل إمام العصامى، يحتفظ ب100 جنيه عليها توقيعه رغم أنه فى شدة الاحتياج فهو يكافح 9 سنوات وخطيبته من أجل تدبير نفقات الزواج، ولكنه أيضا "متعثر"، أمضى السنوات فى عمل دءوب هو وهى للحصول على شهادات كثيرة من معاهد وكليات دون أن ترفع من مستواهم المعيشى. ** ببساطة ومن تفاصيل أخرى الكل (ما عدا تجار المخدرات) متعثر البسيط والمتوسط ورجل الأعمال.. حتى الدولة نفسها. رجل الأعمال الفاسد لديه كل المتع المادية والاجتماعية، ورغم ذلك ورغم علاقته الجيدة بالشاب أشرف عبد الباقى لم يفكر لا هو ولا يسرا فى مساعدته ماديا حتى يعرفه فى حديقة القصر المهول، ولم يجرؤ أو حتى يفكر أشرف أيضا فى الطلب حتى ال100 جنيه لم يصرفها وإنما اعتبرها ذكرى، فى الجزء الأخير من الفيلم نرى بقية عائلة أشرف عبد الباقى وقد تكيفت مع الواقع عندما لم تسمح لعادل إمام بالانفراد بيسرا (المتعة) إلا بعد أن يوفر لهم المادة والمتعة معا، لكن الشباب (أشرف عبد الباقى وزوجته مى كساب) ما زالا لا يريدان أكثر من الدعم المعنوى فى سخرية أحسستها حزينة عندما أفقدتهم الضغوط المادية حتى الفطرة الطبيعية فى السعادة عندما حصلا عليها أخيرا، بينما الأغنياء عادل إمام و يسرا يستشعروها فى سلاسة رغم سنوات عمرهم الأكبر نسبيا. **فلسفة الفيلم يطرحها فى البداية من خلال أشرف عبد الباقى الذى يرد على سؤال عادل إمام عن تأخر زواجه بأن "الدولة مش عايزة" فهى المسئولة لإنها التى وضعت العقبات المادية وصعبت الحياة، ثم يعود فى مشهد تال عندما يواجه عادل إمام ويلقى فى وجهه ال100 جنيه أنه هو وأمثاله أيضا مسئولون لأنهم سرقوا ونهبوا وأيضا فسدوا فتعثروا وتعثرت معهم الدولة فتعثر معها البسطاء، ثم يحذر المؤلف هؤلاء الأغنياء بأن الدائرة قد تدور عليهم وتصبح "الدولة مش عايزة" لهم أيضا لصالح وحوش أكبر، فهم رغم مرورهم اليومى على مأساة أشرف وأمثاله لا يتصورون حياتهم بدون أى حق من حقوقهم ولن يسمحوا للدولة بذلك، عندما يقول "نظام بيه" لعادل إمام إن "الدولة مش عايزة" زواجه من يسرا يرد قائل إنه سوف يتزوجها غصب عن ...... ويتحول فجأة إلى ثائر يتزوجها ويحاولا الهرب فيسجنا ويستعين بالواسطة أحيانا ومنظمات حقوق الإنسان أحيانا لتوفير أشكال الرفاهية داخل السجن. **يسخر يوسف معاطى فى ألم من واقعنا فى مشاهد أخرى قصيرة كمشهد الرئيس، المقارنة بين معاملة ضابط الشرطة لكل من عادل إمام وأشرف عبد الباقى، الفروق الطبقية داخل السجون، وأخيرا يبلغنا أنه يشعر أنه "مفيش فايدة" بمشهد خروجهم من السجن عندما يحل "فكرى بيه جديد" مكان "نظام بيه" ويجمع رجال الأعمال لبدء صفحة جديدة فيلمح عادل إمام صورة على مكتبه لابنه "باسم" فيضحك قائلا "بوبوس"!!!!!!!!!!!!!!