مواطن من إثيوبيا

قبل أن تحكم على أحد يجب أن تضع نفسك مكانه... فلتتخيل حال دولتك حيال إنشاء مشروع ضخم سيُحدث تأثيرا كبيرا فى الكهرباء والطاقة لديها وحينما تشاهد التلفاز تستمع إلى بعض التصريحات من دول أخرى مجاورة بشأن وجوب إيقاف هذا المشروع والبعض الاخر يقترح استخدام القوة لهدمه... تُرى ماذا أنت بفاعل ؟!
سيظن القارئ الآن أننى مواطن من إثيوبيا "مُتخفٍ" أتحدث العربية بطلاقة ! ولكن الحقيقة أننى مصرى... أفكر قبل أن أخطو أية خطوة... هل من المعقول أن نردد أن أحد حلول مشكلة سد النهضة هو استخدام الحل العسكرى... أولا ما هى عواقب هذا الحل وبماذا سترد إثيوبيا تجاه هذا الأمر وماذا لو تم هجوم مضاد على السد العالى بالتعاون مع دول أخرى نعلمها جميعا ؟!
أعلمُ جيدا أن الحل العسكرى هو خيار مطروح لكن يجب أن ننحيه بعيدا على الاقل فى الوقت الحالى ونحن نعانى الكثير من العثرات فى الشئون الاقتصادية.. لما لا نطرح الموضوع على المتخصصين والباحثين فى هذا الأمر ونعرف مدى الضرر الواقع علينا بالتحديد وأبعاده وكيف نتفاداه مستقبلاً وتأثيره بالضبط على حصة المياه فى المستقبل.
إعمال العقل وطرح الموضوع على الفنيين فى هذا المجال أمران لابد منهما لكن ثمَّ مشكلة فادحة أخطر من سد النهضة نفسه وهى إهمالنا الجثيم تجاه أى مُشكلة حتى تتفاقم وتطفح فوق رؤوسنا كأن نبحث عن تطوير السكة الحديد بعد عشرات من حوادث القطارات! لكم تحدثنا عن قضية تلوث مياه النيل وإلقاء المخلفات به... وماذا عن مشروع دكتور فاروق الباز ؟! الآن أدركنا قيمة النيل وأهميته لمصر... كفانا عبث ولنبدأ بخطى ثابتة وواضحة.
أخيرا إذا كنا منذ عشرات السنين نُلقى بمخلفاتنا فى النيل ونعبث به فليس من المنطق أن نلوم غيرنا أنه يستغل هذا الكنز ؟؟!! فلنستقيظ من سباتنا العميق ولنعلم أن مصر قد حباها الله كنوزا لا حصر لها إما أن نحافظ عليها جيدا ونتكاتف من أجلها أو لا نكترث لأمرها بالمرَّة !