لا تتحرك قيد متر فى أرجاء حى السيدة زينب بكامله إلا ويلفت نظرك العديد من الباعة الذين جاءوا لينالوا الرزق المبروك بمجاورتهم لها فى مولدها، وعلى خلاف ميدان التحرير فالباعة هنا يعلمون طبيعة رواد المكان لذا ما كان منهم إلا أن يأتوا لهم بكل ما يريدون، من أشياء تحمل البركة أو الفرحة أو الذكرى من المكان. يجذبونك بأصواتهم الجهورية وطريقة عرضهم للحلوى، الأول ينادى عليك والآخر يغنى فى حضرة السيدة بأناشيد المدح لآل البيت والآخر يقدم بعض بضائعه مجانا "دوق وجرب"، على جنبات الطريق بائعو حلوى المولد والتى تعتبر من الأشياء الأساسية فى هذه المناسبات فلابد أن تجد أناسا من رواد المكان يشترون الحمص، أو العجمية، وغيرهما من الحلوى المتعلقة بالمولد، وبجوارهم بائعو البخور الذين قد يكونون سببا فى إضفاء الرائحة على المكان بأكلمه. يقبع فى الجوار رجل جالس على الرصيف وأمامه عدة درجات تحمل كل منها العديد والعديد من الأشكال والألوان المختلفة للطراطير والوشوش "الماسكات" التى تسترعى نظر الأطفال، فهو كما قال يعلم أن الكثيرين يأتون إلى هنا وهم على يقين أن اليوم عيد لذا لابد لهم من إسعاد أبنائهم بأن يشتروا لهم مثل هذه الطراطير أو الأقنعة أو البالونات. ولا مانع من وجود العديد من معروضات السبح والميداليات الدينية، و"توك" البنات، التى تمثل للرواد الذكرى التى يشترونها من المولد، كما يقول مصطفى مجدى "خريج كلية التجارة"، أحد رواد المولد، إنه كل مرة يزور المولد يجذب نظره ألوان السبح والمشغولات اليدوية التى يشترى منها هو وأصدقاؤه كذكرى للمكان، ويذكر مصطفى أنها ليست المرة الأولى له فى المولد فهو حريص على متابعة مثل هذه المناسبات، حيث يرى ما لا يراه سوى فى شاشات السينما، كما أن الجو بالنسبة له مختلف فصخب المولد وروحانياته أفضل بكثير من صخب المدينة. لم يفت العاملون فى مجال السياسة الفرصة، حيث لا ضرر من وجود أفراد يجمعون توقيعات لتمرد فى المولد، محمد أبو النصر "خريج نظم معلومات"، والذى يحمل بين يديه استمارات الحملة ويسير على مهل بين صفوف المريدين متابعا لطقوسهم، وفى الوقت نفسه فى محاولة منه لتنشيط حملته، يقول إن المولد يحوى الكثير من الناس ومن مختلف محافظات الجمهورية لذا علينا ألا نضيع هذه الفرصة. وفى شوادر صغيرة متجاورة تسمع صخبا شديدا ناتجا عن وجود مجموعات من العازفين والمطربين بتلك الشوادر يتغنون فى تنافس لجذب الرواد إلى نصبات الشاى التى تحوى كراسى مريحة أفضل من مكوث المريدين، واستسلامهم للأرض بعد عناء يوم من الطواف حول المقام أو التنزه بين شوادر المولد ومتابعة فعاليات المولد، وبرغم أن أسعارهم ليست بالباهظة لكن المنشدين وعازفيهم قادرون على إخراج أضعاف ما تدفع فى مشروبك، حتى تنول بركة الست.