أكد عدد من أعضاء هيئة كبار العلماء على استقلالية الأزهر الشريف ووقوفه على مسافة واحدة من جميع الأحزاب والتيارات السياسية والفكرية وعدم الانحياز لأى منها. وأشار العلماء على هامش زيارتهم للمملكة العربية السعودية، إلى أن الأزهر المؤسسة الدعوية العلمية العريقة أكبر من أن يتخندق فى اتجاه أو حزب أو جماعة، رافضين محاولات البعض إلقاء التهم جزافا أو الزج بالأزهر فى الصراعات الفكرية والسياسية. فمن جانبه، قال دكتور حسن الشافعى رئيس مجمع اللغة العربية وعضو هيئة كبار العلماء "إننا نواجه بعد الثورة نوعا من السيولة فى ظل أوضاع طارئة، والأزهر يسعى من جانبه لجمع كل الأطياف وكان بعضها لا يرغب فى لقاء البعض الآخر ولكن عندما جاءت الدعوة من قبل الأزهر وجدت استجابة من الجميع. وأضاف أن الأزهر تحرك مؤسسيا وهذا هو السبيل لحل مشكلاتنا وهو المحافظة على مؤسسات الدولة لأن هناك قوى واتجاهات تسعى لتفكيك هذه المؤسسات ولم ينج من مؤامراتهم الجيش ولا القضاء ولا حتى الأزهر. بدوره، شدد دكتور محمد عمارة المفكر الإسلامى وعضو هيئة كبار العلماء على أن الأزهر ليس مؤسسة سياسية أو حزبا ولكنه مؤسسة جامعة تعبر عن قضايا الأمة. وكشف أن كل التيارات السياسية فى مصر أجمعت كلها فى الدستور الجديد على أن الأزهر هو المرجعية الوحيدة للشريعة الإسلامية كمؤسسة مستقلة باعتباره من المقومات الأساسية للأمة. ولفت إلى أن الأزهر يعمل بالأصول والكليات ولا يعمل بالفروع، والسياسة من الفروع وعلاقة الأزهر بالسعودية هى علاقة فى الثوابت والأصول لأنها قبلة المسلمين جميعا، والأزهر يؤمن بأن المسلم يستطيع أن يستغنى عن كل بلاد العالم ماعدا أرض الحرمين الشريفين. وحول جدوى "حوار الأديان" وأهميته، أوضح دكتور محمد عمارة المفكر الإسلامى وعضو هيئة كبار العلماء أننا نؤمن أن "الحوار ليس مجرد فضيلة بل فريضة لأنه السبيل إلى التعارف وقد تحاورنا كثيرا بين الشمال والجنوب ولكن المتتبع للنتائج يجد أن السلبيات أكثر، لأن الحوار يجب أن يتم بين أطراف متكافئة يعترف كل منها بالآخر كما أن الخلافات والانقسامات داخل العالم الإسلامى تضعف موقفه فى أى حوار". وعقّب دكتور فريد نصر واصل مفتى مصر السابق وعضو الهيئة بالقول إن الأزهر جامع وجامعة يعمل على جمع الأمة وارتباطها بدينها وعقيدتها لأن وحدة الأمة ترتبط ارتباطا وثيقا بالعبادة، بل لعلها جوهر العبادة لأن الخطاب فى القرآن موجه للجماعة المؤمنة، وصلاة الجماعة والجمعة تجمع المسلمين وكذلك صوم رمضان والحج يؤدى بصورة جماعية وهكذا كل العبادات جوهرها دعوة إلى وحدة المسلمين قلبا وقالبا. وتابع :"الأزهر يمثل الوسطية التى يلتف حولها الجميع وإذا كانت السعودية قبلة المسلمين فى الصلاة فإن الأزهر يمثل قبلة المسلمين فى العلوم الشرعية ومن ثم فإن العلاقة بين الأزهر والسعودية يجب أن تكون كعلاقة الروح بالجسد، كما ينبغى توحيد الرؤى والتنسيق والتعاون الدائم بين علماء السعودية ومصر". يذكر أن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر قد اختتم مساء أمس زيارة للسعودية على رأس وفد من كبار العلماء استغرقت يومين توجه بعدها إلى البحرين. وقد التقى شيخ الأزهر، خلال زيارة السعودية التى استمرت يومين، مع ولى العهد السعودى الأمير سلمان بن عبد العزيز، ووزير الخارجية السعودية الأمير سعود الفيصل. كما أجرى مباحثات مع وزير الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية ومفتى عام المملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ. وتم خلال هذه اللقاءات بحث القضايا والتحديات التى تواجه العالم الإسلامى، والهجمة الشرسة التى يتعرض لها الإسلام ونبى الإسلام صلى الله عليه وسلم، وضرورة التنسيق المشترك بين المملكة ومصر من أجل تحقيق التضامن الإسلامى ومواجهة هذه التحديات. واتفق الجانبان على ضرورة تعزيز التعاون بين علماء البلدين ودعم الدور الهام والمتميز الذى يقوم به الأزهر كمؤسسة علمية وتعليمية ودعوية فى نشر الإسلام الوسطى المستنير والفكر المعتدل، باعتباره من أهم السبل فى مواجهة الفكر المتطرف والمنحرف.