يأتى مهرجان "حل بديل" كرد فعل قوى من جيل اعتاد أن يوفّر دائماً لنفسه البيئة التى يحب أن يبدع ويخلق فيها ما يحب وما يريد ودون أى قيود، ومن خلال المهرجان أراد صاحبا الفكرة ميدو صادق وصابر السيد كسر قاعدة اعتماد الفن فى المقام الأول، بل ووقوفه على الإنتاج والتصاريح، وقد بدأت الفكرة فى دخول حيز التنفيذ فى الرابع والعشرين من مارس الماضى بتوفير مكان مناسب لتقديم العروض الفنية، بحضور أشهر الفرق الموسيقية والمسرحية ومخرجى الأفلام المستقلة الروائية القصيرة والوثائقية، بالإضافة لفرق الرقص ومسرح العرائس، والذين قرروا أن يقدموا فنونهم دون تقاضى أى أجر ودون وجود حتى تذاكر لحضور الفقرات. يقول صابر السيد أحد مؤسسى المهرجان، إن الهدف من المهرجان ليس فقط عرض هذا العدد من العروض وتقديم هذه الفترة التى لا تتجاوز شهراً، بل إن هدفهم من المهرجان هو ترسيخ فكرة أن كل من لديه فناً ليقدمه لا يحتاج إلى المزيد من المقوّمات كى يعرض فنه على الجمهور، وقد وضّح صابر أنه مثلاً لو كان أحد المخرجين لا يمتلك من الحياة إلا فيلمه الذى أنتجه ذاتياً وليس لديه مكان لتقديمه ولا وسائل للإعلان عنه فهو لا يحتاج الآن إلا لمنزل أحد أصدقاءه أو حتى أحد المحبين للفن والذى قد يتحمّل حضور 50 شخصاً على سبيل المثال لمشاهدة الفيلم وبتكرار تلك العملية يكون قد قدّم فيلمه لشريحة كبيرة من الشباب وبصورة بسيطة ومجانيّة. لخّص صابر فكرته "حل بديل" فى تصريحات خاصة لليوم السابع، قائلاً إن من حق أى مبدع أن يعرض إبداعه على الجمهور دون أن يتحمل أى أعباء إنتاجية، سواء بتمويله الشخصى أو حتى أن يتحمل معاناة بحثه عن الإنتاج، وأيضاً من حق كل محب للفن أن يجد ما يريد دون أن يتحمّل ثمنا باهظا فى المقابل. وصابر السيد، الممثل ومهندس الإضاءة والصوت والمصوّر أحياناً ومدرب الحركة بعض الوقت، والذى تؤهله قدراته الفنية للتصنيف كفنان شامل، لم ينكر صعوبة الأمر وكونه شاقّاً ولكنه ممتعاً بنفس القدر أن تشاهد إقبال الناس على الفن الذى يسبح عكس اتجاه التيار العام بعيداً عن الابتذال و"البهرجة الفارغة" على حد تعبيره، وأنه و"ميدو" شريكه فى الفكرة مستمران فى البحث عن أماكن أخرى فى كافة محافظات مصر لتقديم الحل البديل لتصل الفنون لكل مريديها من كافة الشرائح الاجتماعية، وقد أكد أن خبرتهم كتقنيين تؤهلهم لتحويل أى مكان إلى ساحة عرض فنّى أياً كان هذا المكان. وفيما يخص الإقبال الغير متوقع للجماهير على المهرجان، صرّح "صابر" أن هذا الأمر يدل على أن النظرة المغرورة المتعالية التى ينظر بها عدد كبير من المثقفين تجاه المجتمع ليست صحيحة، فالناس التى يتهمونهم بانحدار الذوق لم يبخلوا على أنفسهم بالفن المستقل بمجرد إتاحته لهم، وأن الخطأ الأكبر يقع على كل من يجلس فى برجه العالى مع من يشابهونه لينظر ويحكم على المجتمع بانعدام الذوق أو انحداره، دون أن يتحرك كى يضيف ويصل للناس كى يكون الفن الذى يسميه "راقِ" فى موضع منافسة من الأساس. وقد أثبتت التجربة أن الناس تتحرك نحو الأفضل وحينما يصل إليهم الفن يستطيعون حينئذ تذوَقه والتوجه ناحيته، وربما يعتبر "حل بديل" هو الباب الواسع الذى فتحه هذا الجيل أمام فنونه كى تتقدّم للمجتمع ليتعرف عليها من جديد، ومن خلالها يصل صوت هذا الجيل وتلك الفئة التى لا تحظى بالاهتمام الإعلامى الذى يحظى به آخرون. جدير بالذكر أن المكان الذى اختاروه لتنفيذ الفكرة ليس بالفخامة التى تتسم بها المسارح الخاصة، ولا بالعراقة التى تتسم بها مسارح الدولة، فالمكان ليس إلا "التاون هاوس" وهو معرض للفنون التشكيلية متوسط المساحة وليس به مقاعد للجلوس ولا إضاءة قويّة ولكنه استطاع جمع شمل عدد ليس بقليل من مريدى الفن المستقل من موسيقى ومسرح ورقص وسينما. ويعد المهرجان، الذى خرج بفكرته "صابر السيد" و"ميدو صادق"، ببرنامج حافل من العروض السينمائيّة والفنية والموسيقية والأدائية، ومنها عروض موسيقية لكل من "محمد شفيق" و"ندى الشاذلي"، "موريس لوقا" و"رامى أبادير"، فرقة دروشة، مشروع كورال، "على طالباب"، "حسن زكي" و"يسرا الهواري". بالإضافة إلى العروض المسرحية ل "ليلى سليمان"، وأشعار "أمين حداد"، "ريم حاتم"، "عمر المعتز بالله". وأيضاً "محمد فوزى" بالعرائس. وكذلك يقوم المهرجان بتقديم عروض ستاند آب كوميدى لمعتز عطا الله ونجم الستاند آب كوميدى فى الوطن العربى "على قنديل" والملاحق قضائياً فى الفترة الحالية نظراً لتقديمه مواد ساخرة لاذعة تجاه النظام الحاكم فى مصر. كما يقدّم عدد من العروض من مدرسة الرقص المعاصر، وفرقة نغم للهيب هوب، وعروض المايم لعمرو عبد العزيز بالإضافة إلى عرض عدد من الأفلام للمخرجين أدهم الشريف، دينا حمزة، عمر روبرت هاميلتون، ولمجموعة من الأفلام القصيرة وأفلام الأنيميشن. وكذلك تقديم ل مصرين وعرض مسرحى لفرقة الورشة إخراج حسن الجريتلى.