خمسة أعوام مرت على تأسيس حركة 6 إبريل، وهى الحركة السياسية الأبرز بين فصائل المعارضة فى الشارع المصرى منذ ثورة يناير 2011 وحتى الآن، لا سيما أنها تحولت من مجرد حركة احتجاجية مساندة للطبقات العاملة الكادحة منذ إضرابها فى مثل هذا اليوم عام 2008 بالمحلة الكبرى، إلى حركة سياسية رافضة لسياسات النظام الحاكم بشكل عام، طالما أنه يحيد عن تحقيق مطالب العدالة الاجتماعية القائمة على المساواة. ونجحت محاولات الحركة ودعواتها لإضراب عام فى مصر فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك، ولعل نجاحها فى هذا الأمر وزيادة شعبية حملتها «خليك بالبيت» وقتئذ هى التى زادت من إصرارها على البقاء فى الساحة السياسية والاستمرار فى خندق المعارضة ضد نظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك، من خلال تنظيم مسيرات ومظاهرات من وقت لآخر، وكانت حركة 6 إبريل أول المؤيدين لدعوات الدكتور محمد البرادعى لإجراء تعديلات دستورية فى نهاية عام 2009، مما أدى لوقوع أعضاء الحركة ضحية لبطش قوات النظام السابق أثناء الاحتجاجات السلمية بدعوى أن الحركة تسعى للنيل من أمن واستقرار البلاد. وعلى الرغم من ذلك كله فإن شباب 6 إبريل كانوا أول الداعين لثورة الخامس والعشرين من يناير وأحد العناصر الأساسية الفعالة فيها، ولم يتوقف دورها عند هذا الحد بل واصلت اعتراضها على نظام المجلس العسكرى الذى تولى إدارة شؤون البلاد خلال الفترة الانتقالية، ومازالت تمارس دورها فى الاحتجاج على سياسة الدكتور محمد مرسى لدرجة أن البعض دعا لأن يكون يوم 6 إبريل 2013 انطلاقاً لثورة ثانية ضد نظام جماعة الإخوان المسلمين. من إضرابات عمال المحلة إلى مساندة البرادعى: فى 6 إبريل من عام 2008 ظهر دور الحركة فى العمل السياسى مع إضراب عمال المحلة الكبرى، عندما دعا شباب الحركة لاستغلال هذا اليوم كإضراب عام فى مصر بأكملها، وبالفعل أطلقوا دعوة وقتئذ بعنوان «خليك بالبيت» وبدأوا فى نشرها من خلال الشبكات الاجتماعية والرسائل القصيرة لتليفونات المحمول، وبالفعل أحدثت الحركة صدى قويا، وبدأت تلفت أنظار مسؤولى الدولة إليها.. وبعد ذلك اختفت الحركة عن الأنظار لفترة، ثم عادت مجددا من خلال تنظيمها مسيرات فى الإسكندرية بمنطقة الكورنيش خلال فترة الرئيس السابق، مرددين مجموعة من الأناشيد الوطنية وكانت النتيجة هى اعتقال أجهزة الأمن لعدد من أعضاء 6 إبريل. واستمر عمل الحركة بين شد وجذب بينها وبين النظام السابق، وكان من أبرز مواقفها حينئذ دورها فى مساندة الدكتور محمد البرادعى فى تشكيل جمعيته وتأييد مبادرته لتعديل الدستور، وتلا ذلك دورها فى ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 وبعدها تتابعت مواقفها فى رفض كل ما يخالف أهدافها من قبل النظام الحاكم حتى الآن. بين الثورية والصراع على المناصب: يعد المهندس أحمد ماهر واحدا من أبرز كوادر حركة 6 إبريل، هو وخالد المصرى، أحد مؤسسى الحركة ومدير المكتب الإعلامى لها، وفادى المصرى، وهو أحد مؤسسى الحركه بالمنصورة وأبرز الأعضاء، وعمرو على واحد من أبرز قيادات العمل الجماهيرى، ومن الكوادر المؤسسة للحركة فى مجال العمل الجماهيرى أحمد النديم، عضو المكتب السياسى وأحد المؤسسين لها بمحافظة المنصورة، وطارق الخولى وغيرهم، وقد أحدثت الانشقاقات التى دبت فى صفوف الحركة وتتجدد من وقت لآخر، تساؤلات عديدة فى الشارع السياسى المصرى، خاصة بعدما استقال عدد من أعضائها وانسحبوا منها مرجعين أسباب ذلك لعوامل عدة، فمنهم من قال إن الاستقالة جاءت نتيجة خلاف بين أعضائها على المناصب القيادية فيها، ومنهم من قال إن الانسحاب من الحركة جاء نتيجة أنها ابتعدت عن المسار الثورى وتخلت عن طريقها المعارض. وبالفعل خرج المنشقون عنها معلنين تأسيسهم لائتلاف آخر تحت اسم «6 إبريل.. الجبهة الديمقراطية» ولكن أحمد ماهر رفض الاعتراف بهذا الانشقاق، مؤكدا على ثباتهم ونافيا صلة الجبهة بالحركة الأساسية وأعضائها المؤسسين. هل تدربت حركة 6 إبريل على قلب نظام الحكم فى أوروبا؟ أينما ترددت أنباء عن أحداث عنف أو شغب، ذكر اسم «حركة 6 إبريل» وذلك على اعتبار أنها الجانب الأقوى والأشهر فى المعارضة حتى الآن، وقد طاردت الاتهامات أعضاء الحركة خلال الأيام الثمانية عشرة الأولى من ثورة الخامس والعشرين من يناير، عندما تم اتهامهم بالخيانة كما اتهموا بأنهم تلقوا تدريبا فى دولة أوروبية لقلب نظام الحكم المصرى وزعزعة، الاستقرار، وأنهم يتلقون الأموال من جهات خارجية لإثارة الفتنة فى مصر. لكن أيا من هذه الاتهامات التى أطلقها نظام حسنى مبارك عليهم قبل سقوطه لم تثبت صحتها، ورغم ذلك فإن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أثناء إدارته لشؤون البلاد فى الفترة الانتقالية أعاد توجيه هذه الاتهامات لهم مجددا عندما ذكر فى أحد بياناته أن الحركة تقوم بتحريض الشعب ضد الجيش، مما أثار استياء عدد كبير من النشطاء والحركات السياسية لاتهام حركة وطنية بمثل هذا الاتهام، رغم أنها كان لها دورها البارز فى ولادة الثورة المصرية، ورفض أعضاء الحركة وقتها اتهامات المجلس العسكرى كما تضامن معهم بعض الائتلافات الثورية، معتبرين أن هذه الاتهامات بمثابة التشكيك فى وطنيتهم، مطالبين المجلس بنقد من يروج الشائعات والأخبار الكاذبة مثلما ينقدون الحركة، خاصة أن فكرة الوقيعة بين الجيش والشعب تعد مستهلكة. وأخيرا توقفت هذه الاتهامات بعدما أعلنت لجنة تقصى الحقائق براءة الحركة من تهمة تلقى أموال أجنبية من الخارج، وحينها طلبت الحركة من المجلس العسكرى الاعتذار العلنى لهم عن اتهاماته السابقة. رفض تأسيس حزب سياسى: اعترضت قيادات الحركة على ما تم تداوله فى وسائل الإعلام بشأن تأسيس حزب سياسى يحمل اسمها، معتبرين أن ذلك مجرد محاولة للمتاجرة بها لخدمة أهداف ومصالح فئة معينة، متهمين من يسعى لذلك بأنهم أفراد منشقون عن الحركة، معتبرين أن نجاح حركة 6 إبريل يكمن فى بقائها على تشكيلها الأول، ومؤكدين أنها لن تتحول لحزب سياسى أبدا، خاصة أن المناخ الحالى لم تكتمل فيه مسيرة الديمقراطية الحقيقية، ولم يتم استكمال أهداف الثورة، مشيرين فى هذا السياق إلى أن الحركة لن تدخل ضمن أى اندماج أو ائتلاف سياسى. أساليب الاحتجاج؟ تلجأ حركة 6 إبريل من وقت لآخر لاستخدام أساليب جديدة لم يألفها أو يعرفها أحد للتعبير عن غضبها، مثلما فعلت مؤخرا، وقررت أن تكون لها مظاهراتها الخاصة، فتظاهر أعضاؤها أمام منزل الرئيس محمد مرسى «بالبرسيم»، فى خطوة سخر منها كثير من مستخدمى المواقع الاجتماعية مثل «فيس بوك» و«تويتر»، لا سيما أن هذه الفعالية جاءت بعد اعتداء بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين على عدد من الصحفيين والإعلاميين أمام مكتب الإرشاد بالمقطم. ولم تكن هذه هى الفعالية «الغريبة» الوحيدة التى نفذتها الحركة، حيث نظم أعضاء حركة 6 إبريل مسيرة إلى منزل وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، رفعوا خلالها «ملابس داخلية نسائية»، وانتهت بهجوم قوات الأمن لتفريق المتظاهرين والقبض على عدد من أعضاء الحركة. وأثار هذا الحدث ردود أفعال كثيرة فى الشارع، حيث اعتبرها البعض إهانة للمرأة فى حين رأى آخرون أنها خطوة عبثية فى غير وقتها، فى حين ظهرت بعض الأصوات المؤيدة لما فعلوه، معتبرين أن ما حدث هو أداتهم الخاصة فى التعبير عن رأيهم، وأنهم أحرار فى ذلك، ودفعوا ثمن ما فعلوه، واعتبر المهندس أحمد ماهر، المنسق العام للحركة، وأبرز مؤسسيها، أن حبس شباب 6 إبريل واستمرار حبسهم على خلفية الأحداث هو بمثابة إعلان حرب على حركة 6 إبريل من قبل نظام مرسى، مشيرا إلى أنه ليس من المنطقى حبس شباب 6 إبريل بتهمة إهانة وزير الداخلية، وهم لم يستخدموا سلاحاً ولم يحاولوا إثارة أى شغب. سيف الدعاوى القضائية: لم يسلم أعضاء الجبهة من توجيه بعض التهم إليهم والمطالبة بمحاكمتهم أكثر من مرة، حيث ألقت قوات الأمن عام 2011 القبض على عدد من أعضاء حركة 6 إبريل أثناء قيامهم بالتظاهر فى منطقة روض الفرج، تنديدا بحادث تفجيرات كنيسة القديسين، وتم توجيه تهمة الاعتداء على ضباط الأمن المركزى لأعضاء الحركة وقتها.. كما أقام المحامى محمد محمود زيادة، دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، يطالب بحظر ظهور التيار الشعبى وجبهة الإنقاذ وحركة كفاية، وحركة 6 إبريل بجبهتيها، فى جميع وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، لممارستها أعمالها دون ترخيص مطالبا بغلق جميع مقارها بالقاهرة والمحافظات. جائزة نوبل: فى 2011 تم ترشيح الحركة لنيل جائزة نوبل للسلام لدورهم فى ثورة يناير التى أطاحت بنظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك، ووقتها أصدرت الحركة بيانا قالت فيه إنها ستهدى الجائزة لشهداء الثورة، لأنهم هم الأبطال الحقيقيون الذين ضحوا بأرواحهم فى سبيل نيل الحرية والقضاء على الظلم والظالمين، كما أكدوا أنهم لم يقوموا بما قاموا به من محاربة الظلم والظالمين والوقوف بجانب الثورة وتأييدها من أجل مجد زائل أو جائزة ما، وإنما قاموا بما قاموا به من أجل مصر وحدها، ومن أجل نيل الحرية التى يستحقها الشعب المصرى، بعد أن استعبده الحاكم الظالم لمدة ثلاثين عاما. مواقف ومحطات بعد الثورة: أحداث مجلس الوزراء وذكرى محمد محمود: كانت حركة 6 إبريل أولى الجبهات المعارضة التى شنت هجوماً مصوراً على المجلس العسكرى للرد على تصريحات المجلس العسكرى والدكتور كمال الجنزورى، رئيس الوزراء السابق، بشأن أحداث مجلس الوزراء وشارع قصر العينى الدامية، حيث عرضت فيديوهات لانتهاكات قوات الجيش ضد المتظاهرين، وخاصة السيدات، كما أذاعت مقاطع فيديو لقيام قوات الجيش بالصعود على أسطح المبانى، ورشق المتظاهرين بالحجارة، والإشارة لهم بإشارات بذيئة. وفى ذكرى محمد محمود، حملت الحركة رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى المسؤولية عن القتلى الجدد الذين سقطوا فى هذا اليوم، مطالبين بإقالة حكومة الدكتور هشام قنديل. الإعلان الدستورى الأخير: عبرت الحركة عن غضبها الشديد من الإعلان الدستورى الذى أعلنه الرئيس مرسى فى نهاية العام الماضى، معتبرين أنه يعطى سلطات مطلقة للرئيس، ويخلق فرعونا جديدا، وكانت الحركة من أوائل القوى الرافضة للإعلان مطالبة بإقالة الحكومة وتعيين حكومة جديدة ذات خطة واضحة بتوقيتات محددة يمكن للشعب المصرى أن يحاسبها عليها، كما طالبوا بإعادة هيكلة وزارة الداخلية بما يحقق أمن الوطن وكرامة المواطن، وإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع دستور جديد بما يحقق مشاركة جميع أطياف الشعب فى هذا الدستور. تكون أو لا تكون.. مصر بين طريقين ..الحوار والتوافق الوطنى أو العنف والحرب الأهلية.. النهوض والمشروعات القومية والاستثمارات أو الانهيار والإفلاس والغلاء والبطالة سكة السلامة أم نهاية الندامة؟ ..الاستثمار مفتاح الإنعاش الاقتصادى.. والداخلية تنتظر هيكلة بعيدة عن سياسات السلطة.. والبدائل: صراع سياسى وانهيار اقتصادى رايحين على فين.. انتخابات الثورة.. التصويت على انقسام مصر رايحين على فين.. الرئيس و"جبهة الإنقاذ" من يقود مصر ل "الحرب الأهلية"؟