من رحم القبيلة وُلد، فريق سعى مؤسسوه لتواجد ابناً لهم في الدوري الممتاز، الأمر الذي لم يحتاج الكثير من الوقت حتى أصبح فريق مصر المقاصة بين أندية القمة في البطولة المصرية. سبع سنوات كاملة مرت على صعود المقاصة للدوري المصري الممتاز للمرة الأولى، نهاية الفريق مع درجات "المظاليم" انتهت في الخامس من شهر مايو عام 2010. كالطفل الذي يتعثر ثم ينهض مجدداً ليبدأ أولى مراحل حياته منطلقاً في دنياه باحثاً عن عدد الأهداف التي يضعها نصب عيناه، بدأ مصر المقاصة مسيرته في الدرجة الرابعة المصرية عام 1999. "أردنا فريق يمثل محافظة الفيوم في الدوري الممتاز، هذا هو هدفنا في البداية "، هذه كانت البداية كما يسردها وليد هويدي مدير شركة الكرة في مصر المقاصة ليلا كورة. تأسس فريق الكرة في مصر المقاصة عام 1998، ولكن نادي هويدي كان متواجداً منذ فترة الستينات، البداية كانت أهدافها مختلفة في ظل الترابط الأسري في محافظة الفيوم بحكم الطباع الصحراوية. ويضيف هويدي: " أنا من أسس فريق الكرة، ووالدي هو صاحب العضوية رقم 3 به، لم نتمكن من منح إدارة النادي لشخص بعينه، العائلات هنا تحترم بعضها البعض للغاية ". إدارة نادي هويدي -مصر المقاصة حالياً- كانت بالشورى بين الجميع، في ظل العلاقات القبلية والعصبيات التي تربط الأهالي في محافظة الفيوم، وهنا كانت البداية. أولى خطوات النادي الناشيء كانت في الدرجة الرابعة المصرية عام 1999، الأمر لم يكن بتلك الصعوبة سواء بها أو في الثالثة والثانية، "فقط كنا نحتاج للفكر والإدارة لا للأموال" كما قال هويدي. ويضيف: " تواجدنا في الدرجة الثانية لمدة ست سنوات، مجموعة الصعيد حينها كانت تمتد من الفيوم لأسوان، الأمر كان صعباً في البداية وأنهينا الموسم في مركز متأخر ". الطفل الصغير بدأ يتعثر مع زيادة مهامه ليلجأ لوسائل المساعدة من أجل الصمود والوصول إلى الحلم الذي لطالما أراده، فهو يبحث عن التواجد بين الكبار بأقدام ثابتة لا يشوبها تعثرات جديدة. ويقول هويدي: " عقدنا جلسة واتفقنا على أننا لن نتمكن من الصعود للدوري الممتاز إلا في وجود راعِ لنا، هنا كانت البداية بالتعاقد مع الفراعنة للسيراميك في موسمنا الثالث بالدرجة الثانية ". التعاقد مع راع جديد أدى بدوره إلى تغيير اسم الفريق إلى الفراعنة، لكن الأمر لم يدم طويلاً في ظل البحث عن راع آخر بعد عام واحد فقط، وفي ظل رحلة البحث حصل الفريق الفيومي على المركز الرابع في الترتيب النهائي لمجموعة الصعيد، ثم الثاني في العام التالي. التعاقد مع شركة مصر المقاصة كان له مفعول السحر، الفريق تغير مسماه للحالي ونجح في تصدر مجموعته في الدرجة الثانية، أخيراً تحقق الحلم وسيظهر أبناء الفيوم في الدوري الممتاز. هويدي يقول عن الأمر: " موسم 2009-2010 تحت قيادة أحمد عبد الحليم نجحنا في التأهل أخيراً للممتاز، أذكر مباراة الصعود جيداً، كانت أمام الوادي الجديد بحضور 20 ألف مشجع في الملعب ". "لقد أصبحنا نادِ جماهيري، الجماهير تؤازرنا في كل مكان"، هكذا علق هويدي على بداية فريقه في الدوري المصري، قبل أن يفسر الأمر بقوله: " أنتمى لقبيلة الحرابي وهي الأكبر في الفيوم، وبالتالي فإن كل القبائل العربية معنا ". مفاجآت المقاصة لم تتوقف عند هذا الحد، الفريق بات على بعد خطوة واحدة من التأهل للكونفدرالية الأفريقية بعد موسمه الأول في الدوري الممتاز، بالتأكيد الأمر لم يكن في حسبان مؤسسي النادي. ويعلق هويدي على الامر قائلاً:" الموسم الاول حققنا المركز السادس، المباراة الأخيرة كنا متقدمين على الأهلي بهدفين لواحد وتعادلوا معنا بركلة جزاء مشكوك في صحتها، لولا فقدان النقطتين لتواجدنا في المركز الرابع وشاركنا في الكونفدرالية بعد موسمنا الأول ". الشاب الذي ترعرع سريعاً بعد أن وجد ضالته في الرعاة عقب تعثراته بات على مقربة من تمثيل مصر قارياً، بعد أن كانت غايته الوحيدة هي تمثيل محافظته في الدوري الممتاز. "مشاركتنا في البطولة الأفريقية بعد أول موسم كانت ستصبح صعبة للغاية، الله لا يسعى إلا لما فيه الخير لعباده"، قناعة هويدي بصعوبة المهمة ربما أدت إلى مزيد من النجاحات التالية. بعد انتهاء الموسم الأول للمقاصة، ألغيت البطولة المصرية لموسمين متتاليين بسبب حادث بورسعيد ثم ثورة 30 يونيو، ليعود الفريق من جديد في الموسم التالي والذي شهد عامه الرابع في البطولة الممتازة. المركز التاسع كان في انتظار المقاصة خلال موسمه الرابع، قبل أن يتعاقد مع إيهاب جلال المدير الفني الحالي، التعاقد الذي أتي بثماره في نهاية الموسم، فالفريق لم يعد ممثلاً لمحافظة الفيوم فقط حينها. المقاصة نجح في احتلال المركز الرابع في نهاية الموسم الأول له مع جلال وبات ممثلاً مصرياً في كأس الكونفدرالية الأفريقية، حلم أبناء الفيوم يكبر خطوة بخطوة حتى وصل للمرحلة القارية. هويدي يتحدث مجدداً قائلاً: " الأمر لم يكن سهلاً بالتأكيد، تراجعنا محلياً للمركز التاسع في الدوري، المشاركة في جانبين كانت صعبة، بالإضافة لعدم تركيز اللاعبين بسبب السماسرة وحديث الأندية الأخرى معهم ". تواجد المقاصة في المركز التاسع كان يحتاج لوقفة من جانب إدارته، وهو ما أكده هويدي بقوله: " لا نستطيع أن نمنع أحد من الحديث مع اللاعبين، ولكننا تعاهدنا معهم على ألا يفكرون في الأمر خلال الموسم ". والآن، عاد مصر المقاصة إلى أندية القمة من جديد بتواجده في المركز الثاني لترتيب الدوري، " انجزنا بالتواجد في المركز الثاني حتى الأسبوع 27، ومازلنا نحافظ على نفس المستوى والأداء " بحسب حديث هويدي. الفوز بالدوري، المنافسة على لقب دوري الأبطال الأفريقي، هدفان أصبحا في عقل المقاصة خلال الفترة الحالية، لا مستحيل في كرة القدم وليتمسك كل فريق بحقه في المنافسة لطالما وجد على وجه الأرض. هذه لم تكن النهاية، ولكنها كانت خاتمة حديث مؤسس فريق الكرة في نادي مصر المقاصة عن الطفل الذي ولد من رحم القبائل العربية التي كان حلمها الأوحد ممثلاً لها وسط كبار الكرة في مصر. اقرأ أيضا.. تقرير.. الزمالك يخسر لقب الدوري رسميًا فيريرا: التفاهم بين إيناسيو والزمالك سيكون صعبًا بالأرقام.. الزمالك أخفق في "دارتس" الإسماعيلي.. وجبهة يسرى "مشوهة".. وأين ذهب باسم؟!