لأليكس فلسفة خاصة تقضي بعدم الاستسلام مهما كانت النتيجة أو الحالة، لم يكن يستطيع الاستمرار كل هذه السنوات، لولا قوة في داخله تخبره أن سينجح مهما تعثّر. في 29 سبتمبر عام 2001، انتهى الشوط الأول بين توتنهام ومانشستر بفوز السبيرز بثلاثة أهداف دون رد. في غرفة تغيير الملابس، كان ثمة شبح من اليأس يطوف باللاعبين يعلمهم أن المباراة قد انتهت. هنا وقف فيرجسون قائلاً: "حسنا، سوف أخبركم ماذا ستفعلون. علينا تسجيل الهدف الأول لنا في الشوط الثاني، سوف نريهم من نحن إن أحرزنا الهدف الأول". في ممر اللاعبين كان تيدي تشرينجهام كابتن توتنهام يشد من أزر اللاعبين قائلاً: "لا تسمحوا لهم بتسجيل هدف مبكّر". يقول السير إنّه لا ينسى كلمات كابتن توتنهام، لأنّ الدقيقة الأولى حملت الهدف الأول للشياطين الحمر، وانتهت المبارة 5-3 لصالح أبناء السير أليكس. روح الشياطين الحمر تشكلّت بمواقف مثل هذه. الشهر التاسع من السنة التالية عام 2002 كان كارثياً، مانشستر لم يكسب إلا مباراتين فقط من ستة. رأى فيرجسون أن السكاكين كانت معدّة لتقنصه، لم يسيئه ذلك، حيث يرى نفسه شخصية عامة، علاوة على عدم قدرته على بناء جسور من العلاقات الطيّبة مع الصحافة. يقول أليكس: "ليس لديهم أي أسباب لكي يدعموني في الأوقات الصعبة، أنا لا أمنحهم ما يريدون من أخبار وتفاصيل". استيقظ يوماً فوجد العنوان الرئيسي لصحيفة ما: "وقتك انتهى. فيرجسون: حان موعد الرحيل". شكّل ذلك عليه ضغطاً كبيراً، يدرك أنّه كما وصفوه يوماً بالنجاح حين كان يكسب المباريات، فإنّه من المنطقي أن ينعتوه بالأحمق عندما يخسر. يتذكّر نصيحة السير مات بوسبي أسطورة أخرى لمانشستر حيث كان يردد: "لماذا تقرأ الصحف عندما تحقق نتيجة سيئة؟.. تجنبّها على الفور". كل اللاعبين تنعكس عليهم النتائج السلبية، يتأثرون بنقد يذكرهم في جريدة. يقول السير أليكس إنّ لاعبا وحيداً طوال مسيرته التدريبية هو الذي لم يتأثر أبداً مهما تم تناوله: ديفيد بيكهام. من الممكن أن يلعب بيكهام اسوأ مباراة ممكنة، لكنه لا يصدق أنّه لعب بطريقة سيئة. مهما أخبره أليكس أنّه كان خاطئاً، لا يسمع ويسعى للحصول على المزيد من الكرات. يقول عنه: "لا يقبل أبداً أنّه أخطأ خطئا واحداً". "في بعض الأوقات، يجب أن يكون المدرب أميناً مع المشجعين. هم ليسوا أغبياء". كان المشجعون طفقوا ينتقدون طريقة اللعب التي يؤدي بها مانشتسر في العام 2002، خاصةً بعد خسارة الديربي أمام السيتي. في ذلك اليوم لم يطق السير غرفة خلع الملابس التي يكون ملكها، يقول: "ليس اسوأ من غرفة تبديل الملابس عندنا تخسر ديربي". كان أليكس يقول إن الاحتفاظ بالكرة أشبه بالديانة في مانشستر يوناتيد، لكن الاحتفاظ بها دون اختراق الخصم مضيعة للوقت، وفان نيستلروي كان صاحب الفائدة المرجوة لتغيير خطة السير، حيث قرر تجديد الطريقة التي يلعبون بها: نقل الكرة إلى الأمام بدلاً من النقلات العرضية، التحرّك بشكل أسرع، ممارسة الضغط على الخصم. بدأ الأداء يتحسّن بالتدريج. الغرور ليست من صفات أليكس، يستمع إلى صوت الجمهور الذي يمنحه المشاعر الرائعة ساعات حصد البطولات. اللاعبون الذين تحبهم سوف يأتي من هم أفضل نضارة وشباباً، يؤدون التكتيك الذي يدور في رأسك. لا ينسى فيرجسون أبداً مع حدث مع فيل نيفل ونيكي بات. أصبح هناك في خط الوسط روي كين وسكولز وفيرون. لم يعودا الاختيار الأول بالنسبة إليه. يقول أليكس أنّه يضرهم بجلوسهما على مقاعد البدلاء، والرحيل لمصلحتهما. يقول عن نيفل: "من العظماء الذين يحب المدرّب وجودهم. يمكن إخباره: نيفل، اذهب إلى الجحيم ثم عد لكي تقطّع هذه الشجرة، سوف يجيبك: أين المنشار الذي سأقطع به الشجرة؟". لا يتأفف من تبديل أدواره داخل الملعب أو أن تطلب منّه أي شىء داخل المستطيل الأخضر. جاء الأخ جاري نيفل إلى أليكس وأخبره: "لماذا لا يمنح فيل اللعب كأساسي؟". كان فيل نيفل لا يرغب في الحديث إلى السير عن ذلك، فأخبره أليكس أن يقابله في منزله. حضر برفقة زوجته، طلب أليكس من كاثي أن تصطحب زوجة نيفل. ذهبت كاثي فوجدت جولي زوجة نيفل تنهار بالبكاء قائلةً : "لا نريد أن نرحل عن مانشستر يوناتيد". أخبر فيرجسون نيفل: "أنا أستخدمك بشكل يضر مستقبلك". اتفقل فيل مع مدرّبه وقرر الرحيل. في المساء قالت كاثي لزوجها أليكس: "أنت لن تجعله يرحل؟.. لا يمكن أن تجعل أشخاص كهؤلاء يرحلون". "كاثي. هذا أفضل له، هل تفهمين؟.. إن ذلك يقتلني أكثر مما يقتله". بيع نيفل بمبلغ زهيد من وجهة نظر فيرجسون: ثلاث ملايين ونصف دولار. لكن الرغبة في اللعب كأساسي لا يمكن أن يقف حائلاً أمامها. العواطف هامة في عالم الكرة، لكن مصلحة الفريق لابد وأن تؤسس حدود العلاقات في مستطيل لا يعرف أواصر الصداقة وروابط العلاقات الإنسانية، لن يرحمك الملايين، المكسب وحده هو الذي يقيّض للجماهير الفرحة. تغلب السير على رغبته بالاحتفاظ بنيفل، لكي ينفعه، والأهم أن ينفع مانشستر يوناتيد. في الحلقة القادمة: ماذا حدث مع نيكي بات؟.. ولماذا حذّر السير رجل أعمال مانشستراوي من شراء برمنجهام سيتي لكيلا يخسر 100 مليون جنيه استرليني؟ اقرأ أيضا: سيرة فيرجسون (1).. حين قرر الرحيل لوفاة أخت زوجته وعدم تحمله خسارة الدوري سيرة فيرجسون (2).. حين طالبه مشجّع برد قيمة التذكرة فنصحه بالالتحاق بدار المسنين سيرة فيرجسون (3).. حين طرد لاعب لشربه الخمر دون إذنه وأنهى عقد الكابتن لإشارته بشكل غير لائق سيرة فيرجسون (4).. حين قرر عام 2001 الاعتزال وأخبره ابنه: أنت سيرة فيرجسون (5).. مارتن يول مدرب مثير للإعجاب.. ولم اتخذه مساعدا بسبب هذا الشخص