أتذكر تماماً إنني في الأيام الأولى لإعلان ترشيح الدكتور حافظ المدلج للمنافسة على رئاسة الاتحاد الآسيوي تساءلت أين نحن من أحمد الفهد؟، وأردفت قائلاً: "لا يجب أن نخطئ الطريق ونحن في طريقنا إلى كوالالمبور، فبوصلة الرئاسة في جيب الشيخ الكويتي"، وزدت: "إنه عرّاب الانتخابات بلا منازع"، ليأتي الرد من زميل لي بالقول متهكماً: "كم تبالغ في قوة الرجل"؟!، وبكل استهتار وصلف يضيف: "من يكون أحمد الفهد"؟! في الأثناء كان المدلج يتحضر للسفر إلى عمّان بحثاً عن مفتاح التوافق المزعوم، وحينما فشل في إيجاده هناك؛ خصوصاً بعدما أدار المرشح البحريني، أو بالأحرى مرشح أحمد الفهد ظهره للمجتمعين في العاصمة الأردنية. قفل المرشح السعودي راجعاً ليس إلى الرياض بل إلى دبي معلناً التحالف المعلن مع يوسف السركال، وقد بدا تحالفاً استراتيجياً وليس تحالفا تكتيكيا، إذ أعلنت القطيعة مع الشيخ سلمان آل خليفة، وتم تدشين الهجوم الشرس على الشيخ أحمد الفهد. ما قام به المدلج في هذا الشأن كان أشد وأفظع مما قام به السركال فقد هدد الفهد وتوعده باقتحام المجلس الأولمبي الآسيوي عليه ما لم يرتدع ويعود عن خياراته، بعد أن ذكّره بأنه لولا السعودية لما عرف الطريق لبوابة المجلس؛ فضلاً عن أن يربض على كرسيه الكبير كل هذه السنين، من دون أن ينسَى أن يرسل له رسالة مختزلة وواضحة بما تحمل من لغة تهديد ووعيد: "أقول لأحمد الفهد: من طق باب الناس طقوا بابه". مرشحنا التوافقي لم يكتف بذلك بل قال في السركال ما لم يقله الإعلام الإماراتي عنه، بل حتى الإعلاميين في حملته الانتخابية تركوا الباب موارباً من باب لعل وعسى، ولا أنسى يوم أن خرج في إحدى الإذاعات الإماراتية ليقول: "السركال مدّ يده للسعودية، ودائماً ما يشدد على مواقفها، ومن الصعب على المملكة أن تقف على الحياد في ظل هذه المعطيات"، قبل أن يضيف: "السركال وبحكم خبرته الكبيرة في الاتحاد الآسيوي هو المرشح الأوفر حظا"، مستطرداً بالقول: "إذا لم تفز السعودية بالرئاسة فمن مصلحتها أن يفوز السركال لتحصل على مقعد النائب والانتخابات لعبة مصالح". في الأثناء كنت أتابع خطوات مرشحنا، وقد أرسلت له محذراً من أن يضع بيضه كاملاً في سلة السركال، إذ شددت عليه أن طريقته في إدارة اللعبة الانتخابية لا تعبر عن مرشح منافس أياً يكن توجهه؛ بقدر ما تعبر عن مفتاح انتخابي في حملة رئيس الاتحاد الإماراتي، وزدت على ذلك أن تصريحاته الإعلامية خصوصاً تلك التي فرد فيها عضلاته على رجل آسيا الأقوى، وأعني احمد الفهد تفرغ عن لسان إعلامي لا عن لسان مسؤول يفترض فيه الحصافة بألا يقطع على نفسه خطوط الرجعة، ولكن هيهات وقد غلبه التحدي وأعمى عينه العناد. أما اليوم وقد انتهت اللعبة فها هو ذا صاحبنا ينقلب على كل قناعته، وخياراته، وتحديه. ليس هو وحده بل كل من راهنوا عليه، ليصبح الشيخ سلمان فجأة في نظر المدلج الشخص المناسب للمكان المناسب وفي الوقت المناسب، وقبله ألمحوا أن صوت السعودية ذهب إليه باعتباره المرشح الأكفاْ، ثم قالوا إن فكرة التوافق السعودية هي التي ساقته لاكتساح القارة الصفراء، أما نحن فنقول: على من تضحكون؟!