بيروت (ا ف ب) - لا يجد السباح الاسترالي ايان ثورب في النتائج العادية التي حققها خلال جولتي سنغافورة والصين من كأس العالم للحوض الصغير، اخفاقا بل قاعدة او ركيزة يبنى عليها في رحلة "الالف ميل" نحو دورة لندن الاولمبية العام المقبل. اختار "التوربيدو" مسافتي ال100م متنوعة وال100م فراشة للانطلاق مجددا بعد غياب خمسة اعوام، وكان اعلن في 2 شباط/فبراير الماضي عودته وباشر التدريب في تينيرو (سويسرا) تحت اشراف الروسي غينادي تورتسكي، مدرب الكسندر بوبوف البطل الاولمبي في ال50 وال100م عامي 1996 و2000. وسباقات "جس النبض" التي يخوضها ثورب (29 سنة) ستستمر حتى مشاركته في بطولة استراليا في آذار (مارس) المقبل، المؤهلة للدورة الاولمبية. يوضح ثورب، الذي سبق أن كشف ان قرار عودته كان عاطفيا بالدرجة الاولى، ان "تجربة سنغافورة التي مهدت لمشاركتي في بكين وطوكيو ضمن جولات كأس العالم وضعت النقاط على الحروف، وارشدتني الى مواقع ضعف وامور فنية علي معالجتها واصلاحها". ويدرك ثورب ان حجز مكان في المقدمة بعد هذا الغياب "ليس بالامر السهل ويتوجب علي بذل جهد يومي للتطور واستعادة بريقي". من هذا المنطلق، شعر ثورب بسعادة غامرة حين وقف على لوحة الانطلاق في سنغافورة، لكن هذا الشعور كان ممزوجا بشد عصبي، "فالرهبة كبيرة لان امام مسؤولية لا يستهان بها. فانا اعرف انه يمكنني حصد القليل من هذه العودة وقد افقد كل شيء". اضحى ثورب حديث الاعلام و"رجل الساعة" منذ اعلن في شباط الماضي عودته الى المنافسات. وعلى رغم ان هذا القرار يعتبر "قفزة في المجهول" في نظر كثيرين، فقد تصدر البطل السابق استفتاءات اكثر الرياضيين الاستراليين شعبية على مر التاريخ، وكان العام الماضي يحتل الموقع السابع. ازاء ذلك، يلفت ثورب الى ضرورة الصبر عليه، متمنيا على مشجعيه "الا يحكموا علي سريعا او ينتظروا مني انجازات منذ السباقات الاولى". عموما، مدربته السابقة تريسي منزيز (2002- 2006) كانت تفضل لو بكر اكثر في قرار العودة، مشيرة الى انها احترمت قراره حين ابلغها بتوقفه "مع علمي جيدا انه يملك طاقات تجعله يبقى في الصدارة فترة طويلة". كما تكشف منزيز ان حلم ثورب التباري في ال100م وحصد ذهبية. وكان حاول ذلك في دورة اثينا الاولمبية عام 2004 وحل ثالثا، لا ننسى انه سباح استثنائي منذ ان توج باول القابه العالمية عام 1998". وتلفت الى ان تورتسكي خبير في سباقات السرعة، و"تلميذه" تأسس جيدا على ايدي دوغ فروست. وتذكر: "لما توليت الاشراف على تدريبه كنت مثل رسام تتوافر له كل الادوات والالوان ليبدع في اعماله. وقد حققنا معا نتائج غير متوقعة، ولا اظنها قد تتكرر مع اي سباح آخر". في غضون سبع شهور خسر ثورب نحو 10 كيلوغرامات من وزنه، وطور تقنية سباحته للسباقات الحرة، لكن عودته لم تقنع مثلا السباح المتقاعد دون تالبوت ابرز ابطال ال400م قبل ظهور ال"توربيدو"، اذ تساءل عن سبب اختياره خوض ال100م متنوعة "وهو الاسوأ بنظري في سباحة الظهر"، معتبرا ان قرار المنافسة مجددا مرده الى الرغبة في حصد المال. في المقابل، يبدو تورتسكي مرتاحا الى اداء سباحه "الذي تتملكه الرغبة والاصرار، فاهلا به". تحديات بين آخر ظهور له في العاب الكومنولث (2/2/2006) في بيرث والمشاركة في جولة كأس العالم في سنغافورة، غاب ثورب 2101 يوما عن السباقات، وكان قرر في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2006 الاعتزال وهو في سن الرابعة والعشرين بعد معاناة مع الاصابات، عقب "سنة راحة" وحرية امضاها عقب المشاركة في دورة اثينا الاولمبية. ويقف ثورب امام تحد جديد، ينافس الوقت في الدرجة الاولى ليستعيد "اعتباره الفني" طامحا بذهبية ال100م في لندن، ربما، لتكون السادسة له في مشاركاته الاولمبية. واذا استطاع تعزيز اوقاته السابقة قد يستمر الى ما بعد الالعاب الاولمبية المقبلة، علما انه من ابرز التحديات التي قد تواجهه حظر البسة السباحة التي تسهل العوم السريع في الماء. سلك ثورب طريق الاحواض وهو في الثامنة من عمره، اذ راح يرتاد حوض بادستو قرب سيدني، واشرف على بدايته دوغ فروست مكتشفه والمساهم في امجاده، علما ان الفتى واجه في مستهل مسيرته خطر التوقف عن العوم لمعاناته من حساسية زائدة بسبب مادة الكلور التي تطهر بها المياه. وينحدر ثورب من عائلة رياضية، وقد تميز باكرا وبلغ طول قامته 80ر1م وهو في سن ال13، واكتسح سباحي جيله وكاد يتأهل لدورة اتلانتا الاولمبية عام 1996. في 15 كانون الثاني/يناير 1998، اصبح ثورب اصغر بطل للعالم في ال400م، حيث فاز باللقب في بيرث وعمره 15 سنة و3 اشهر ويومان. يومها قال مواطنه غرانت هاكيت: "حين تجاوزني اثناء السباق شعرت انني اتشقلب في جرن غسالة" نظرا لقوة ضرباته في الماء. حصد ثورب (90ر1م، 100 كلغ) الذي يبلغ عرض صدره 54 سنتم، 5 ذهبيات اولمبية (3 في سيدني 2000 و2 في اثينا 2004 في ال200 وال400م)، فضلا عن 11 لقبا عالميا 6 منها في فوكووكا (اليابان) عام 2001، و13 رقما عالميا (6 في ال200م و5 في ال400م و2 في ال800م). وسيطر 7 سنوات على سباق ال400م (1997 - 2004)، ولا تزال في جعبته 6 من افضل 10 ارقام عالمية... واليوم يكرر المنافسة بوتيرة موجة قد تتحول الى تسونامي.