كعادته التي لا يقطعها منذ مجيئه للعمل في مصر، اثار البرتغالي مانويل جوزيه المدير الفني للنادي الاهلي الاجواء المصرية بتصريحاته المثيرة والساخنة ليسير علي نفس درب مواطنه جوزيه مورينيو المدير الفني لريال مدريد الاسباني والذي يفعل دائما نفس الشيء سواء درب في ايطاليا او انجلترا او اسبانيا. فالمدربين البرتغاليين اثبتا انهما بالفعل يملكان مشكلة في التعامل مع الصحفيين، فهما لا يتقبلان ان يتم انتقادهما بشكل مستمر خاصة وانهما عادة ما يرتكزان علي انتصاراتهم الارشيفية والتي صنعت لهما اسمين بارزين في عالم كرة القدم سواء الافريقية او الاوروبية. وحديثي هنا سيكون منصبا علي ازمة جوزيه "الافريقي" الاخيرة مع بعض الصحفيين الرياضيين في مصر والتي تطورت لتقحم فيها رابطة النقاد الرياضيين نفسها من اجل شمل كل الصحفيين. ازمة "جوزيه والصحفيين" .. فلاش باك وهذه الازمة ليست صنيعة اليوم ولكنها صنيعة فترة الولاية الثانية لمانويل جوزيه مع النادي الاهلي وبالتحديد من موسم 2004-2005 وحتي موسم 2008-2009 وهي الفترة التي شهدت كتابة جوزيه لاسمه بحروف من ذهب مع الجيل الابرز للفريق الاحمر وتحقيقهم للعديد من البطولات سواء المحلية او القارية وصولا لإنجاز الميدالية البرونزية في مونديال الاندية 2006. المثير للدهشة ان ازمة جوزيه مع بعض الصحفيين لم تظهر علي الاطلاق في فترة ولاية البرتغالي الاولي وبالتحديد في موسم 2001-2002، بل اقولك لك عزيزي القارئ ان الصحافة الرياضية وقتها كانت مساندة لجوزيه بطريقة غريبة للغاية لدرجة ان بعض الصحف القومية هاجمت ادارة النادي الاهلي وبالتحديد لجنة الكرة وعلي رأسها الكابتن طارق سليم علي قرارها برحيل البرتغالي في نهاية الموسم المذكور. ودافعت الصحافة بشدة عن البرتغالي كونه تمكن من تصحيح اخطاء المدير الفني الالماني ديكسي والذي كان قد افقد الفريق الاحمر هيبته تماما في موسم 2000-2001 ولم يتمكن سوي من احراز كأس مصر بصعوبة بالغة علي الرغم من خروج الزمالك والاسماعيلي من هذه البطولة وقتها في ادوار مبكرة. فجوزيه تمكن وقتها من صناعة فريق شاب لا يتعدى متوسط اعمار لاعبيه ال22 سنة وتمكن من قيادتهم للتحليق فوق القارة السمراء بالفوز بلقب دوري الابطال وكأس السوبر وبنا علاقة خاصة مع الجمهور الاحمر بفوزه الشهير علي الزمالك (6-1) وبتعادل الشهير ايضا مع الاسماعيلي (4-4) في مباراة وصفها الكثيرون بأنها الأحلى في تاريخ مباريات الدوري المصري. ولكن كل هذا لم يشفع عند الادارة الحمراء التي قررت الاستغناء عن المدرب البرتغالي، لتقوم بعض الصحف الرياضية المصرية القومية وقتها بشن هجوما لاذعا عليها وعلي قرارها غير السليم، بل ان اسم جوزيه لم يخلو من صحيفة بعد ذلك للاستشهاد به عندما جاء الهولندي جو بونفرير وصعق الاهلاوية بهزيمة انبي الشهيرة في نهاية موسم 2002-2003 ثم البرتغالي توني اوليفيرا والذي ذاق الفريق الاحمر معه هزائم مذلة ببداية موسم 2003-2004. وعندما قررت الادارة الحمراء اعادة مانويل جوزيه مرة اخري بسبب ضغط الجماهير، هللت الصحافة الرياضية اجمع لهذا القرار الصائب وارشيف هذه الجرائد موجود حتي الان ويمكن الاطلاع عليه. اسباب ازمة جوزيه والصحفيين وكما قلت في السطور السابقة، كانت فترة ولاية جوزيه الثانية هي اساس مشكلته مع الصحفيين واسباب الازمة لها ابواب ومداخل كثيرة سواء من وجهة نظر جماهير الاهلي او من وجهة نظر المتابعين للأمر، الا اني اري ان "كاريزما" الرجل البرتغالي ساعدت في هذا الخلاف والشجار بشكل كبير. فعلي الرغم من طبيعة الشعب المصري المحب بشكل عام للمسؤول ذو الشخصية القوية او "الكاريزما" وهو ما يفسر هذه العلاقة الخاصة بين جماهير الاهلي ومدربهم البرتغالي، الا ان هذه النوعية من الشخصيات تكون منفرة للبعض الاخر وبالأخص الصحفيين الذين لا يطيقون التعامل مع هذه النوعية علي الاطلاق. وقد يبرر البعض هذا الامر بكون جوزيه شخصا اجنبيا غير مصريا، الا ان هذا الامر غير صحيح علي الاطلاق، فبالنظر الي علاقة الصحفيين بالراحل صالح سليم رئيس النادي الاهلي السابق سنجد نفس السيناريو حدث وكأنه " كوبي وبيست" علي رأي اللغة الالكترونية. فصالح كان مكروها في الصحافة والاعلام كونه لا يتحدث كثيرا فيها كما انه دائما وابدا ما كان يتعامل بحذر شديد مع الصحفيين الامر الذي جعل بعض منهم يهاجمه لأي سبب كان حتي اني مازلت اذكر هذا العنوان الشهير الذي كتب في احدي الصحف قبل انتخابات النادي الاهلي في اواخر التسعينات وكتب فيه " صالح سليم .. الذي يدير الاهلي من انجلترا بالتليفون". المشكلة ذاتها هي كانت بوادر مشكلة الصحفيين مع جوزيه فتصرفات البرتغالي الشخصية هي ما تثير بعض من هؤلاء الصحفيين حتي ولو كانت تصرفات بسيطة يفترض ان لا يتم التركيز عليها، ولكن مشكلة الطرفين جعلت بعض من الصحفيين يركز علي هذه الامور من اجل "نرفزة" البرتغالي بشكل او بأخر حتي ان اذكر ان احد الصحفيين علق علي تدخين جوزيه "للسيجار الكوبي" في مقالة باحدي الصحف القومية وهو يحلل احدي مباريات الاهلي فنيا؟ بكل تأكيد جوزيه كان يلتقط الطعم عن طريقه مقربيه والذين يحرصون علي ترجمة كل حرف وكلمة تكتب عنه في الجرائد وبالتالي كان دائما وابدا ما يقوم بهاجمة منتقديه بقوة ولذلك دائما ما نري جوزيه في صف "رد الفعل" وليس في صف "الفعل نفسه"، ولكن ما يؤخذ علي البرتغالي استخدامه لألفاظ لا يجب ان يتم استخدامها امام مرأي ومسمع الجميع حتي ولو كان قد هوجم بألفاظ مماثلة من اي شخص اخر، فمبدأ رد الاساءة بالإساءة مرفوضا طالما كان هناك جموع من المشاهدين متابعين لألفاظ هذا او ذاك. ازمة ال"Some Dirty People" كل ما سبق يلخص مشكلة جوزيه الاخيرة وحديثه علي قناة الاهلي، فهو اخطأ بدون شك في استخدام جملة "Some Dirty People" حيث ان هذه الالفاظ لا يمكن ان تقال علي الهواء، ولكنه في الوقت ذاته اصاب حقيقة بعض من الصحفيين الرياضيين غير الشرفاء في اداء مهنتهم. - فالصحفي الشريف لا يتطرق لأمور شخصية في حياة شخص اخر لا يحق له التطرق اليه سوي عبر الامور الفنية والتحليلية لكرة القدم فقط. - والصحفي الشريف لا يستخدم الفاظا جنسية وخادشة للحياء لإيصال معني للقارئ مهما كانت اهمية هذا المعني الذي يريد ايصاله. وهذه النوعية من الصحفيين وهي موجودة بدون شك في جموع الصحفيين الرياضيين المصريين هي من قصدها جوزيه في حديثه ولكن الرجل البرتغالي اضاع حقه بيده لأنه انزلق في لفظ ما كان يجب ان يستخدمه وهو يتحدث لمشاهدين كثر. وكم كانت ادارة النادي الاهلي حكيمة في ضغطها علي جوزيه من اجل الاعتذار كتابيا للجموع الصحفيين خاصة وانه لا يجب التعميم في مثل هذه الامور، ولكن يؤخذ علي رابطة الصحفيين الان محاولتها المستميتة من اجل تطويل الازمة بإصرارها علي اعتذار جوزيه تلفزيونيا وليس كتابيا، بل انهم ذهبوا للتوقيع علي بيان من اجل هذا الامر. موقف بعض الصحفيين .. حق يراد به باطل وموقف بعض الصحفيين هذا يذكرني بموقف بعض المحاميين الذين تطوعوا للدفاع عن اسر الشهداء في قضية قتل الثوار، فربما من المنظور الخارجي تجدا شخصا يريد الدفاع عن حق شخص اخر وهو امر رائع بدون شك، ولكن الحقيقة المرة ان هذا الشخص لا يريد الا تلميع نفسه فقط والظهور امام الكاميرات وهو نفس حال الكثير ممن وقعوا علي هذا البيان خاصة وان المشكلة انتهت، ولذلك يظهر الامر وكأنه " حق يراد به باطل". فرابطة الصحفيين او نقابة الصحفيين ذاتها لو ارادت فعلا اثبات انها تريد "حقا" فعليها ان تثبت لجموع قراءها ان تطهر نفسها اولا ممن الحقوا العار بها، عليها ان تطهر نفسها ممن افسدوا مظهر الصحافة الرياضية المصرية، عليها ان تنظف اوراقها من الالفاظ الاباحية التي نقرأها كل يوم حتي وصل الامر بالبعض ان منع دخول الجرائد الي بيته حتي لا تتلوث اذن او اعين اولاده بمثل هذه الالفاظ. هذا هو الحق والذي ان تحقق، لن يختلف عليه اثنين حتي ولو كان من بينهما مانويل جوزيه. لمناقشة الموضوع مع الكاتب والتواصل معه عبر الفيسبوك برجاء الضغط هنا