في مجلة "الاثنين والدنيا" عام 1948 كتب الأديب عباس محمود العقاد مقالا بعنوان (مواضع الجمال) يقول فيه: مهما تعمقوا في تعريف الملاحة والجمال ووصف محاسن الوجه، أن أظهر ما تظهر الملاحة من معارف الوجه في العين والشفة؛ لأنهما الجارحتان اللتان ترتسم فيهما حالة النفس وإحساسها بوضوح وجلاء، إنهما نافذة النفس فمنها تطل على العالم ويطل العالم عليها، والعين خاصة هي عنوان صفة النفس ومزاج الجسد. ولابد من صلة بين الشفة والإحساس لأن الشفة هي ملتقى أعصاب الوجه فلا تهيج في الجسم هائجة إلا ويبدو لها أثر على الشفة فتنقبض أو ترتجف أو تهدل، وترى الإحساس في الشفة يتوق إلى مقابلة مثله؛ لأن الإحساس يبلغ فيها أشده..وهذا هو الميل إلى التقبيل. وقد وضعت هذه الحساسية في الفم لأنه هو باب الجوف، والجوف بحاجة إلى حاسة ظاهرة تجيد له جس الأشياء قبل وصولها إليه، ولهذا نرى الأعمى أكثر ما يعتمد في جس الأشياء على شفتيه بعدما فقد البصر أصبح يعتمد على الحس وحده وليس في جسمه ألطف من الحس من شفتيه، فالشفة هي ترجمان الإحساس ومجس العواطف. إن لكل عضو جماله الخاص به وجمال العيون والشفاة بوجه عام لا يكتمل الجمال إلا به.