محمد المنسى قنديل: الشيطان أول من تمرد في التاريخ «سجود إبليس لآدم».. تلك الحادثة التي رفض فيها الشيطان السجود لآدم بعدما وضع نفسه في مقارنة خاسرة معه، هذه المقارنة حرمت إبليس في النهاية من رحمة الله وجعلته منبوذا ومكروها حتى يومنا هذا. وفى هذا السياق يرى الدكتور محمد وهدان الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، أن قضية سجود إبليس لآدم عليه السلام قضية جدلية جاءت بدايتها لحكمة من الخالق، من أجل بداية الخليقة ونزول الإنسان على الأرض ليعمرها، موضحا أن السبب الرئيسى في رفض إبليس للسجود نفسه التي أغوته بالكبر والتمرد، فمن وجهة نظره النار أفضل من الطين ولكنها حكمة من الله سبحانه وتعالى في خلق الكون بشقيه الخير والشر، كما أن الشيطان وضع نفسه في موضع المقارنة مع آدم، حيث رأى أن النار أكثر نفعا من الطين، ولكنه لم يستوعب أن الطين هو رمز العقل والرزانة والهدوء بينما النار هي رمز الشر والأذي، ونتيجة لاعتراضه على طاعة أمر الله حرم من كرمه ورحمته ليصبح أول مخلوق يخسر رضا الله، فما كان منه إلا أن زاد عناده بعدما عرف نتيجة مستقبله الذي خسره، لذا أراد أن يدمر كل شيء من حوله وأن ينشر الفساد والشر في الأرض، وكان طلبه أن يمهله الله سبحانه في الدنيا إلى يوم القيامة وبالفعل هذا ما حدث، فما كان من الشيطان إلا أن قرر الانتقام من جنس البشر، فتمرد وتكبر وأقسم أن يعادى كل من ينتمون لبنى آدم. ويضيف: « لقد منح الله سبحانه وتعالى إبليس ما طلبه وأحبه من نعيم الدنيا، والسلطة على بنى آدم، وجعل مجراه في دمائهم، ومقرّه في صدورهم، ما عدا الصالحين منهم فلم يجعل له عليهم سلطانا، وعندما رأى ذلك آدم لجأ إلى ربه قائلا «يا رب جعلت لإبليس سلطة عليّ وعلى ذرّيتى من بعدي، وليس لقضائك راد إلاّ أنت، وأعطيته ما أعطيته، فما لى ولولدى مقابل ذلك؟ « فقال سبحانه وتعالى: «لك ولولدك: السيئة بواحدة، والحسنة بعشرة أمثالها» فرد آدم « يارب زدني، يارب زدني»، فقال عزّ وجلّ: «أغفِرُ ولا أُبالي». الكاتب الصحفى صلاح عيسى، وكيل المجلس الأعلى للصحافة كان له رؤية أخرى، في قضية رفض إبليس السجود لآدم، موضحا أن السبب في وجود الخير هو الشيطان، فالإنسان الذي لا يخضع لإرادة إبليس هو الخير الذي يقاوم الشر ويقاوم وسوسة إبليس. مدللا على ذلك بمثال أنه في حال وضع إنسان في مكان منعزل لم يتعرض لأى غوايات فهو لم يرتكب شرا ولكن الهدف الرئيسى من رفض إبليس السجود هو وجود الأخيار والأشرار من أجل أن تولد الحياة الدنيا. وأشار «عيسى» إلى أن رؤيته هذه تتطابق مع رؤية الكاتب والمفكر عباس محمود العقاد، فالأخير يرى أيضا أن إبليس سبب تواجد البشرية وسر الصراع بين الخير والشر. الأديب محمد المنسى قنديل من خلال رؤيته الأدبية الخيالية للحوار الذي دار في الملأ الأعلى يقول: إبليس رفض السجود لآدم نظرًا لأن هناك أمرًا إلهيًا صدر بعدم السجود لأى مخلوق سواه، وربما يكون إبليس قد تعامل مع الموقف من هذه الزاوية مضيفا: إنه بهذه الطريقة أصبح الشيطان هو أول من تمرد في التاريخ لأنه رفض أوامر الخالق عز وجل، فتح المجال لمن بعده بالتمرد لتتشكل بذلك الحياة بشقيها الخير والشر من يتبع «الشيطان» بعيد عن رحمة الخالق ومن يتبع الله يختصه برحمته.