هناك أُناس ضحوا بسعادة صغرى طامحين فى سعادة ما بعدها سعادة، نتعرف على شخصية مُسلمة صدقت النية فى حُب الله، جاهدت فى سبيله لا فى سبيل مجد أو شهرة أو مال، لنتذكر قوله تعالى: "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا" ( 23 ) ليجزى الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما" ( 24 ). لنتعرف على شخصية حنظلة بن أبى عامر الأنصارى الأوسى، تلك الشخصية التى كانت ومازالت شاهدًا على رحمة وعدالة الله عز وجل، لا يحاسب صادق النية والمقصد بذنب فاسق الظاهر والطوية. كان حنظله رضى الله عنه يعانى الألم والعذاب من موقف أبيه المعادى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان شريكه فى تلك المعاناة عبدالله بن عبدالله بن أُبى بن سلول رضى الله عنه ابن رأس النفاق، كما تزوج جميلة أخت عبدالله. واستأذن حنظلة رضى الله عنه النبى صلى الله عليه وسلم فى أن يدخل بها فأذن له، فكانت ليلة الزفاف، وبعد أن أفضى حنظلة رضى الله عنه إلى عروسه فى أول ليلة، سمع منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم يهيب بالمسلمين أن يخرجوا إلى غزوة أحد. فترك حنظلة عروسه ونسى فرحته الصغرى طمعا فى الفرحة الكبرى، إنها مجاهدة الكفار للفوز بإحدى الحسنيين النصر أو الشهادة، فشغله الصوت والعجلة عن الاغتسال، ولاحت له عن كثب تلك الفريسة التى يتمناها، ولقد كانت هذه الفريسة أبا سفيان زعيم قريش، فضرب عرقوب فرسه فقطعه، ووقع أبو سفيان إلى الأرض يصيح: يا معشر قريش أنا أبوسفيان بن حرب، وفيما كان حنظلة رضى الله عنه يهم بأن ينقض عليه ويرديه قتيلا، كان ابن شعوب وهو شداد بن الأسود يراقبه فحمل على حنظلة رضى الله عنه، وضربه بسيفه فقضى عليه وألحقه بالشهداء الأبرار. وبعد معركة "أُحد" قال الرسول لأصحابه:" إنى رأيت الملائكة تغسل حنظلة بن أبى عامر بين السماء والأرض بماء المزن فى صحاف الفضة" رضى الله عنك وأرضاك يا حنظلة.