سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
وديع الصافي.. "راحوا فين حبايب الدار".. تشييع جثمان "عملاق الطرب" الإثنين المقبل ببيروت.. عانى من الفقر والحرمان في صغره.. ترك الدراسة ليساعد والده.. مؤسس "المدرسة الصافية" ذاب عشقاً في مصر
توفي المطرب والملحن اللبناني الكبير، وديع الصافي، الجمعة، عن عمر يناهز 92 عاماً، بعد مسيرة فنية حافلة، استحق خلالها لقب "عملاق الطرب" في العالم العربي. ولفظ الصافي أنفاسه الأخيرة داخل مستشفى "بيل فو"، حين تعرض لوعكة صحية، استدعت نقله إلى المستشفى حيث فارق الحياة، فيما أوردت الوكالة اللبنانية أن مراسم تشييع جنازة المطرب الراحل ستجري من كاتدرائية "مار جرجس"، بوسط العاصمة اللبنانية بيروت، الإثنين المقبل. ولد وديع فرنسيس، المعروف بوديع الصافي، في الأول من نوفمبر 1921 في قرية "نيحا الشوف"، وهو الابن الثاني في ترتيب العائلة المكونة من ثمانية أولاد، كان والده بشارة يوسف جبرائيل فرنسيس، رقيب في الدرك اللبناني. وعاش وديع الصافي طفولة متواضعة يغلب عليها طابع الفقر والحرمان، في عام 1930، نزحت عائلته إلى بيروت، ودخل مدرسة دير المخلص الكاثوليكية، وبعدها بثلاث سنوات، اضطر للتوقّف عن الدراسة، لأن جو الموسيقى هو الذي كان يطغى على حياته من جهة، ولكي يساعد والده من جهة أخرى في إعالة العائلة. وفي عام 1938، وبينما كان وديع في عمر ال17، دخل عليه شقيقه توفيق يحمل قصاصة ورق عن إعلان لمسابقة غنائية تنظمها إذاعة لبنان الرسمية، والمعروفة حينذاك بإذاعة "الشرق الأدنى". وشارك وديع في المسابقة ونال الجائزة الأولى في الغناء من بين 40 متبارياً، ولشدة إعجاب لجنة التحكيم بصوته، وفي مقدمتهم رئيسها إميل خباط، طلبت منه الانتساب رسمياً إلى الإذاعة، وأطلقت عليه اسم وديع الصافي، بدلاً من وديع فرنسيس. استطاع الصافي، وفي فترة قصيرة، إبراز موهبته على أفضل وجه، وكانت أول أغنية فردية له بعنوان "يا مرسال النغم". وأثناء فترة انتسابه للإذاعة، اضطر الصافي إلى أن يحل مكان أحد الشيوخ ليؤذن لصلاة العصر، انهالت بعدها الاتصالات والرسائل على الإذاعة لتسأل من هو هذا الشيخ صاحب هذا الصوت الشجي. وفي عام 1952، تزوج من ملفينا طانيوس فرنسيس، إحدى قريباته، ورزق منها بدنيا، ومرلين، وفادي، وأنطوان، وجورج، وميلاد. أراد وديع الصافي أن يثبت خطواته الفنية أكثر فأكثر، فحاول ذلك جاهداً أوائل الستينيات، عندما عرض عليه نقولا بدران، والد المطربة ألكسندرا بدران، المعروفة باسم "نور الهدى" في مصر، السفر إلى مصر. ومكث الصافي في القاهرة حوالي عام، تعرف خلاله على ملحنين وممثلين مصريين، ليعود الى لبنان ويتبناه هذه المرة محمد سلمان، زوج المطربة نجاح سلام، وشارك معها في أكثر من فيلم سينمائي، منها "غزل البنات"، ومن ثم مع صباح في "موّال"، و"نار الشوق" عام 1973. ومع بداية الحرب اللبنانية، غادر وديع لبنان إلى مصر سنة 1976، ومن ثمّ إلى بريطانيا، ليستقرّ سنة 1978 في باريس.. وكان سفره اعتراضاً على الحرب الدائرة في لبنان، مدافعاً بصوته عن لبنان الفن والثقافة والحضارة. وعام 1990، خضع لعملية قلب مفتوح، ولكنه استمر بعدها في عطائه الفني بالتلحين والغناء.. فعلى أبواب الثمانين من عمره، لبّى الصافي رغبة المنتج اللبناني ميشال الفترياديس، لإحياء حفلات غنائية في لبنان وخارجه، مع المغني خوسيه فرنانديز، وكذلك المطربة حنين، فحصد نجاحاً منقطع النظير، أعاد وهج الشهرة إلى مشواره الطويل. وغنّى وديع للعديد من الشعراء، خاصّة أسعد السبعلي، ومارون كرم، وللعديد من الملحنين أشهرهم الأخوان رحباني، زكي ناصيف، فيلمون وهبي، عفيف رضوان، محمد عبدالوهاب، فريد الأطرش، رياض البندك.. ولكنّه كان يفضّل أن يلحّن أغانيه بنفسه لأنّه كان الأدرى بصوته، ولأنّه كان يُدخل المواويل في أغانيه، حتّى أصبح مدرسة يُحتذى بها. وكان له الدور الرائد بترسيخ قواعد الغناء اللبناني وفنه، وفي نشر الأغنية اللبنانية في أكثر من بلد.. وأصبح مدرسة في الغناء والتلحين، ليس في لبنان فقط، بل في العالم العربي أيضاً، واقترن اسمه بلبنان، وبجباله، كما قيل عنه في مصر أنّه مبتكر "المدرسة الصافية" (نسبة إلى وديع الصافي) في الأغنية الشرقية.