يبدو أن الحديث يدور عن ثورة فى المملكة العربية السعودية؛ بسبب قرار العاهل السعودى الملك عبد الله بن عبد العزيز، والذى بموجبه تشكل النساء نحو 20% من أصل 150 عضوًا فى مجلس الشورى السعودى، الهيئة شبه البرلمانية التى عينها الملك والتى كانت كلها من الرجال. وبلغ الأمر حد ذهاب نحو خمسين من كبار رجال الدين إلى قصر الملك فى محاولة لإقناعه بإلغاء قراره بضم النساء إلى المجلس، لكن خالد الحويجرى، المقرب من الملك والذى يقف خلف سلسلة الإصلاحات التى قررها عبد الله مؤخرًا، شرح لهم أن قرار الملك غير قابل للتغيير. لكن شرح الحويجرى لم يكن مقنعًا للبعض منهم ممن حرصوا على استخدام البيانات السعودية الرسمية للتأكيد على أن عدد النساء فى المجلس الاستشارى الجديد أكبر من الموجود فى برلمانات عربية أخرى، مشيرين إلى أن البحرين يوجد بها أربع نساء فقط فى البرلمان، وفى الكويت ثلاث، فى مصر عشر فقط، وفى الإمارات يوجد 7 نساء من أصل 40 مقعدًا فى البرلمان. ولكن الفارق هائل، فى كل هذه الدول البرلمان أُنتخب ولم يُعين، وهكذا أيضًا النساء، كما أن هناك فصلاً شبه تام بين الجنسين داخل المجلس، ما يعكس طبيعة الحياة السعودية، فمع أن النساء يُشكلن نحو 60% من عموم الطلاب فى الجامعات فى السعودية، إلا أنه توجد مهن محظور عليهن تعلمها، منها الهندسة والفن المعمارى، ولم يتم فتح المجال أمامهن لتعلم الصيدلة والقانون إلا قريبًا، والمحاضرون الرجال لا يلقون محاضراتهم للنساء، وبعض المحاضرات التى يوجد فيها نقص فى المحاضرات يقدمها رجال عبر الفيديو، حيث لا يوجد اتصال مباشر بين الرجال والنساء، وترتفع معدلات الأمية فى أوساط النساء إلى 78% مقابل 15% فى أوساط الرجال، ولا يحق للمرأة السعودية قيادة السيارة أو الخروج من البيت دون رفقة رجل. ويبدو أن قرار الملك بضم نساء إلى المجلس الاستشارى والإصلاحات التى قررها مثل تغيير تركيبة مجلس حكماء الشرع الهيئة الرسمية المخولة فى شئون الدين وتعيينات جديدة لمنصب حاكم المحافظة الشرقية فى المملكة ومنصب حاكم محافظة المدينة، هو جزء من نيته أن يخلف وراءه إرثًا سياسيًا واجتماعيًا جديدًا. ويبدو أيضًا أن الملك يُحاول تهدئة المجالات موضع الخلاف، مثل حقوق المرأة، وظلم الأقلية الشيعية والفقيرة، والتى من شأنها أن تشتعل من جديد مع موته، فتجترف المملكة نحو الربيع العربى الذى حاولت التهرب منه بنجاح بصعوبة. نقلاً عن هآرتس