كانت تكليفات الدكتور حازم الببلاوى واضحة لكل من الدكتور أيمن فريد أبو حديد وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، والدكتور محمد عبد المطلب وزير الموارد المائية والري، برفع المعاناة عن كاهل المزارعين، لكن لا شيء يكتمل، فقد أثقل الإخوان كاهل الفلاحين طوال عام كامل بالديون وكوارث الزراعة، فالأسمدة تباع في السوق السوداء بأسعار مضاعفة، وتفرغت قيادات الوزارة للحروب الصغيرة بين ما يسمي فلول الإخوان وفلول الحزب الوطني والإصلاحيين الذين لا يعنيهم هذا ولا ذاك إلا التيسير على المزارعين، ووسط هذه الحروب العبثية ضاعت مصالح الفلاحين. تسلم أبو حديد وزارته التي لم تكن جديدة عليه، فقد تولاها في حكومة الدكتور عصام شرف، ومن قبله حكومة أحمد شفيق، وسرعان ما بدأ الوزير في اقتلاع جذور الإخوان من الوزارة، وبدأ بالدكتور أحمد أبواليزيد مستشار وزير الزراعة السابق. ثم بدأ أبوحديد في تصفية خلافات سابقة له مع وزير الزراعة الأسبق الدكتور صلاح يوسف عن طريق اقتلاع جذوره من الوزارة، بإقالة القيادات التي عينت في عهده، بسبب العداء القديم بينهما لاتهام يوسف لأبو حديد بالعمالة لإسرائيل وأنه الذراع اليمني لوزير الزراعة الأسبق يوسف والي، المتهم بجلب مبيدات مسرطنة وأقماح فاسدة من إسرائيل. كما أن الوزير فشل في وقف نزيف الخسائر التي تتعرض لها الأراضي الزراعية نتيجة التعدي الجارف بالبناء عليها، وقد وصلت جملة التعديات إلى أكثر من 100 ألف فدان منذ ثورة 25 يناير حتي الآن، كما أن وزير الزراعة فشل في احتواء أزمة مصانع الأسمدة الحرة، خصوصا بعد غضب هذه الشركات من التعامل الإخواني السابق معهم والضغوطات التي مارسها الإخوان ضده، بدءا من تهديدهم بوقف التصدير للخارج وإجبارهم على توريد حصصهم الإنتاجية كاملة لصالح وزارة الزراعة للسيطرة على غضب الفلاحين بسبب عدم توفير الأسمدة الصيفية كاملة. وعندما رفضت مصانع الأسمدة طلبات الإخوان قطعوا عنهم الغاز لإلحاق خسائر فادحة بهم، وحتي الآن لم يصل أبو حديد إلى اتفاق معهم بشأن توريد الأسمدة للموسم الشتوي هذا العام، وفي غضون ذلك أنشأ بعض العاملين بالوزارة «حركة تمرد» لجمع توقيعات لإقالة الوزير،بالإضافة إلى تسريب بعض المخالفات القديمة لأبو حديد من جانب القيادات المقالة، بهدف إجبار الحكومة على إقالته. وعلي النقيض من ذلك فقد ترك الدكتور محمد عبد المطلب وزير الري أنصار المعزول من موظفي الوزارة يعبثون كيفما شاءوا، وعلل وزير الري ذلك بأنه لا يعرف «الأخونة» ولا «الفلفلة»- يقصد فلول الحزب الوطني المنحل- وأنه يخدم مستخدمي المياه بلا تفرقة بين حزب أو دين أو أي انتماء آخر.. وبسبب السيول التي تسببت في مشاكل عديدة وخسائر كبيرة للسودان توقفت المفاوضات الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا، بعد أن اضطرت السودان إلى طلب تأجيل الاجتماع الذي كان مقررا انعقاده في 26 من أغسطس الماضي لمناقشة آخر التطورات في الملف، كما تأجل اجتماع وزراء المياه بالسودان لنفس السبب، وهذا يعني أن المفاوضات توقفت تماما. وكان الوزير قد تعهد باستعادة هيبة الدولة خاصة في حماية منشآت الري التي تخدم القطاع الزراعي، وتلبي احتياجات مياه الشرب والصناعة، وأنه يجري حاليا التنسيق مع وزارة الداخلية؛ لمتابعة التعديات وإزالتها أولا بأول، إلا أن التعديات على نهر النيل ما زالت مستمرة حتى الآن.