شهدت مصر خلال السنوات الأخيرة طفرة غير مسبوقة في مجال الطرق والمحاور والكباري، إذ تمكنت الدولة من إنشاء شبكة طرق حديثة في فترة زمنية قصيرة، وهو إنجاز لم يتحقق منذ قرن كامل. هذا التطور انعكس بشكل مباشر على انسيابية حركة المرور داخل المدن، خصوصًا القاهرة الكبرى، التي عانت لعقود من اختناقات مرورية تسببت في إهدار الوقت وزيادة استهلاك الوقود، مما كلّف الدولة والمواطنين مليارات الجنيهات سنويًّا. ومع توسع هذه الشبكة الضخمة وظهور محاور جديدة تربط المدن ببعضها، استغل المستثمرون هذه المساحات الحيوية من الطرق في التوسع في إعلانات الطرق، سواء من خلال اللوحات الثابتة أو الإعلانات المضيئة أو شاشات العرض الرقمية الحديثة، التي أصبحت مصدر دخل كبير للقطاع الإعلاني وللدولة. إلا أن هذا الانتشار المتزايد فتح الباب أمام تساؤلات مهمة تتعلق بمدى تأثير هذه الإعلانات على تركيز قائدي المركبات، ومدى اتساقها مع القواعد والمعايير الدولية للسلامة، وكذلك ما إذا كانت مصر تطبّق بالفعل معايير ومواصفات تضمن عدم حدوث تلوث بصري يضر بالمشهد الحضاري الذي تعمل الدولة على تطويره. لا جدال في أن الإعلانات الخارجية واحدة من أقوى أدوات التسويق وأكثرها ربحًا، إلا أن الإفراط في استخدامها، أو وضعها دون التقيد بضوابط محددة، يُحولها من وسيلة تسويقية إلى مصدر خطر حقيقي على السلامة المرورية. خبراء الطرق يشيرون إلى أن الإعلانات ذات الإضاءة العالية أو الفيديوهات السريعة تُربك السائقين، خاصة في الطرق السريعة التي تتطلب تركيزًا بصريًا كاملًا. فالإضاءة القوية أو المفاجئة قد تسبب إبهارًا بصريًّا للسائق، وهو ما ينتج عنه بطء في رد الفعل، ما قد يؤدي إلى حوادث، خصوصًا على الكباري والمحاور ذات الكثافة المرورية العالية. كما أن التلوث البصري الناتج عن تكدس الإعلانات بألوان مختلفة وأحجام متنافرة في مساحة ضيقة يضعف قدرة السائق على التمييز السريع بين عناصر الطريق، ويحمِّل العين مجهودًا إضافيًّا قد يؤثر سلبًا على الانتباه. دول العالم المتقدمة وضعت معايير واضحة لتنظيم إعلانات الطرق، أبرزها: تحديد مستوى السطوع بحيث لا يتجاوز 300–700 nits ليلًا. منع الفيديوهات السريعة أو التغير المفاجئ في الإضاءة. تثبيت المحتوى على الشاشة لمدة لا تقل عن 6–10 ثوانٍ قبل تغييره. منع الإعلانات المضيئة بالقرب من الإشارات والمنحنيات والتقاطعات. تحديد المسافة بين اللوحات بما لا يقل عن 100–200 متر حسب نوع الطريق. هذه الضوابط لا تستهدف تقليل جاذبية الإعلان، بل تحمي السائق من التشتت المفاجئ وتحافظ على سلامة الطريق. وفي مصر، صدر قانون رقم 208 لسنة 2020 لتنظيم الإعلانات على الطرق العامة، وتم إنشاء الجهاز القومي لتنظيم الإعلانات ليكون الجهة المسؤولة عن منح التراخيص وتحديد المواصفات والمعايير الفنية. كما صدرت اللائحة التنفيذية للقانون، التي شددت على ضرورة ضبط الإضاءة، ومنع المؤثرات البصرية المزعجة، وتحديد أماكن يحظر فيها وضع الإعلانات. القانون المصري من حيث النصوص يُعد متقدمًا، وقد راعى السلامة المرورية والجمال الحضاري، إلا أن الأزمة ليست في وجود التشريعات، بل في مدى الالتزام بتطبيقها على أرض الواقع. فبعض الطرق والمحاور الجديدة تُطبق بالفعل معايير جيدة، بينما تشهد مناطق أخرى تكدسًا بصريًا وإعلانات مضيئة دون ضوابط واضحة. لا شك أن إعلانات الطرق تمثل مصدر دخل ضخم للدولة وللقطاع الخاص، وتُسهم في دعم النشاط التجاري، لكن الحفاظ على هذا المكسب لا يجب أن يأتي على حساب سلامة المواطن أو جمال المدن التي تبذل الدولة جهودًا ضخمة لتطوير صورتها البصرية. إن الحل ليس منع الإعلانات، بل تنظيمها بما يتوافق مع المعايير الدولية للسلامة، والقواعد المحلية والقانون، والحفاظ على المشهد الجمالي للمدن، وعدم إرباك السائق أو إحداث تشويش بصري. وفي ظل استمرار تطوير البنية التحتية، فإن المرحلة المقبلة تستوجب مزيدًا من التنسيق بين الأجهزة المختصة وشركات الإعلانات للوصول إلى منظومة إعلانية متطورة وآمنة، تليق بشبكة الطرق الحديثة التي تُعد فخرًا للمصريين. السياحة العلاجية في مصر.. كنز لم يستغل بعد رحلة العائلة المقدسة كنز روحي يدعم الاقتصاد الوطني مصر قطعت شوطًا كبيرًا في تحديث الطرق، لكن تنظيم الإعلانات عليها لا يزال يتطلب انضباطًا أكبر وتطبيقًا موحدًا للمعايير، حتى نستثمر هذه الإنجازات بطريقة لا تضر بالسلامة المرورية ولا تُشوّه المشهد الحضاري. التوازن بين العائد الاقتصادي والأمن المروري هو المفتاح.. والالتزام بالمعايير الدولية والمحلية هو الطريق لتحقيقه. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا