سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"العدالة الانتقالية" والدور الغائب.. "المصريين الأحرار": وزارة على الورق.. "العزباوي": ليس لها مهام وآليات محددة.. "أبو السعد": مطلوب دور واضح للوزارة مع قيادات الإخوان وإلا تحولت لديكور
يفرض المشهد السياسي على وزارة العدالة الانتقالية مهاما وأهدافا خطيرة، بعد سقوط قيادات الإخوان الواحد تلو الآخر، في قضايا تتراوح بين التحريض على قتل المتظاهرين، والتحريض على أعمال عنف وتخريب المنشآت العامة والخاصة. وفى ظل أحكام البراءة وإخلاء السبيل التي حصل عليها "مبارك" ورجاله، تباينت آراء السياسيين حول دور ومهام وزارة العدالة الانتقالية، ولكنهم اتفقوا على غيابها عن الشارع المصرى. في حوارات عديدة، أكد المستشار محمد أمين المهدي، وزير العدالة الانتقالية، أن العدالة الانتقالية ليست عدالة انتقامية كما أنها ليست عدالة انتقائية، فالمفهوم الذي يستوعب العدالة الانتقالية هو مفهوم يتطلب المصارحة التي تسبق أي مصالحة، ويتجاوز محض المساءلة، وصولًا إلى تهيئة المناخ النفسي والمجتمعي اللازم للانتقال بالمجتمع من مرحلة الاحتقان، الذي أدت تراكماته إلى الثورة إلى مرحلة من المصالحة الفردية مع الذات والمصالحة المجتمعية مع الآخر، الذي هو شريك في الوطن وشقيق في الانتماء. وقال "المهدى" إنه معني بملف المصالحة الوطنية منذ قيام ثورة يناير، وكان الاتجاه في البداية إلى إنشاء مفوضية، ولكن بعد تولى المستشار عدلى منصور رئاسة البلاد، رأى أن الأمر يحتاج إلى وزارة كاملة للعمل على هذا الأمر. من جانبه، انتقد مصطفى جمال، أمين شباب حزب المصريين الأحرار بالقليوبية، غياب دور وزارة العدالة الانتقالية من المشهد السياسي، مؤكدا أنها وزارة على الورق فقط في وقت يخشى فيه من حصول قيادات الإخوان على براءات، كما حدث مع نظام مبارك إذا ما تمت محاكمتهم أمام القضاء العادي. وقال جمال: "جاء قرار إنشاء وزارة للعدالة الانتقالية لمجرد امتصاص غضب الشباب الثائر وتهديد قيادات الإخوان بأن هناك من يلاحقهم أمنيا، ولكن مع الأيام لم نجد لها قرارات واضحة واجتماعات وطبيعة عمل محددة". وأضاف أن العدالة الانتقالية هي وزارة دولة ليست لها حقيبة وزارية محددة الأهداف، وستنتهى بانتهاء المرحلة الانتقالية، مشيرا إلى أنه أولى بالحكومة تشكيل لجنة من رموز العمل السياسي وقيادات التيار الإسلامي، لحل النزاع والخلاف بينهم. وتساءل جمال "ماذا تعنى العدالة الانتقالية؟ هل تعنى التسامح مع من سرق المال العام وأفسد الحياة السياسية؟ ولماذا نحاكم مبارك ورجاله على قتل المتظاهرين؟"، مطالبا بوضع قوانين انتقالية تناسب طبيعة المرحلة وما ارتكبه الإخوان ونظام مبارك. وأوضح هشام حافظ أبو السعد، نائب رئيس حزب الجبهة الديموقراطية، أن العدالة الانتقالية تعنى مجموعة من القواعد والنصوص القانونية تضمن ملاحقة المجرمين سياسيا، منوها إلى أن هذه القوانين ليست قوانين استثنائية ولا ثورية ولكن في نفس الوقت هي ليست قوانين عادية يمكن أن تعوق سير القضية ومحاكمة من أجرم في حق مصر وسرق المال العام، كما حدث مع رجال مبارك الذي فشلت القوانين العادية في إثبات جرائمهم ومحاسبتهم عليها، فحصلوا على براءات الواحد تلو الآخر. وأشار أبو السعد ل"فيتو" إلى أن وزارة العدالة الانتقالية كان من المفترض أن يتم الإعلان عن إنشائها في فبراير 2011، أي عقب تنحى الرئيس السابق محمد حسنى مبارك، لتبدأ محاكمة مبارك ورجاله وفقا للعدالة الانتقالية. ولفت إلى أن في التجربة المصرية جاء منصب وزير العدالة الانتقالية تتويجا لجهود المستشار محمد أمين المهدى طوال السنوات الماضية في مجال حقوق الإنسان، لافتا إلى أن وزارة العدالة الانتقالية عليها وضع آليات عمل يمكنها من خلالها تطبيق العدالة على قيادات الإخوان ورموز النظام السابق، وألا تحولت لشكل ديكوري عديم الفائدة. وطالب أبو السعد بوضع آليات ومهام عمل لوزارة العدالة الانتقالية، ووضع قوانين وقواعد قانونية وسياسية تناسب محاكمة قيادات الإخوان، ومن أفسد الحياة السياسية على مدى السنوات الماضية. وبدوره، أكد الدكتور يسرى العزباوى، الباحث السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن وزارة العدالة الانتقالية ليست بدعة مصرية، ولكنها جهة أو وزارة معروفة في العالم كله، لها أهداف ومعالم محددة وتتمثل في كشف المعلومات واستقصاء الحقائق، وتحديد الفئات التي يمكن ملاحقتها أمنيا والفئات التي يمكن التصالح معها. وذكر العزباوى أن من أهداف وزارة العدالة الانتقالية في دول العالم التفاوض السياسي والتصالح بين الفئات المختلفة والانتماءات السياسية المتباعدة، مشيرا إلى أن هذه الأهداف على أرض الواقع المصرى مختلفة تماما. واستطرد العزباوى قائلا إنه بالنظر للتجربة المصرية، فإن وزارة العدالة الانتقالية ليس لها أهداف محددة وواضحة، ولم تضع لنفسها خريطة عمل حتى هذه اللحظة، رغم أهميتها القانونية والسياسية في الشارع المصرى. وتابع الباحث السياسي، أن أغلب الظن أن هذه الوزارة جاءت مجاملة للمستشار محمد أمين المهدى، دون أن تحدد له الدولة المهام المطلوبة منه والآليات التي يعمل بها. وطالب عصام الشريف، رئيس الجبهة الحرة للتغيير السلمي، بسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان وتطبيق العدالة الانتقالية، مشيرا إلى أن هناك ثلاث خطوات لتنفيذ العدالة الانتقالية، أولاها المصارحة ثم المحاسبة وبعدهما تأتي المصالحة.