يقولون في الأمثال الشعبية "بيحب يلعب على الخسرانة"، أي هوايته الرهان على الجانب الخاسر رغم درايته الكاملة بخسارة ما يراهن عليه، ويبدو أن الوجه السلفى الأكثر ظهورا في الإعلام – حتى شهور قليلة مضت- نادر بكار، يعرف جيدا هذا المثل ولكن لا يطبقه بحذافيره، فقد أراد مخالفة اللعبة وألقى برهانه على الجانبين، معتقدا أن المكسب سيكون حليفه في النهاية. "بكار"، حاول إمساك العصا من المنتصف فلا يريد خسارة "صديق الأمس"، وفى الوقت ذاته يرغب في الحفاظ على مكسب "رئيس اليوم"، ولهذا خرج علينا صباح الجمعة الماضية بمقال نشرته له الزميلة "الشروق" حمل عنوان أنقذوا ما تبقي"، ليؤكد لنا أن "أبو كف رقيق وصغير" أصبح كبيرا ويدير الأمور بطريقة الكبار، والمكسب والخسارة، وأنه لا يتذكر من ماضيه سوى الرغبة في الحصول على الجائزة. "بكار" استطاع – وله حق علينا في أن نعترف- في إدارة المقال كيفما شاء، بدءًا من قوله "ما الذي يُمكن للمرء أن يقوله والموت يتخطف إخوانه من حوله؛ وأحلام جيل كامل تمنى أن يرى وطنه في أعلى عليين تتبخر في لحظات أمام عينيه؛ وسُعار مجنون يجتاح مشاعر الغالبية العظمى فيدفعهم على اختلاف مشاربهم إلى الانتشاء لرؤية الدماء والتهليل طلبا للمزيد... ". ومروا بتأكيده على أنه "أصاب السُعار الكثيرين فأعملوا القتل والذبح في إخوانهم وأعينهم ثابتة لا يهتز لها جفن واسترخصوا الدماء واستهتروا بجريانها أنهارا؛ وبإزائهم كثيرون أيضا طاش صوابهم وغُرر بهم ولم يكتمل لهم علم شرعى يقيهم الفتن فاندفعوا في تكفير من بغى عليهم واستحلوا دماءهم ولم ينظروا إلى عظم المفسدة التي ولجوا في خضمها". وصولًا في نهاية الأمر إلى قوله: "كنت ممن حذر طويلا من اللجوء إلى العنف لفض الاعتصامات وقلت إن خيار التفاوض وإن بدا للبعض بطىء التأثير لكنه أفضل بكثير من شلالات دماء محرمة سيحل علينا شؤمها ولا يعلم إلا الله متى يتوقف جريانها ولا ما الذي ستخلفه في النفوس على امتداد أجيال قادمة. والقراءة المتأنية للفقرات الثالثة الماضية تكشف – ما سبق وأكدناه- بأن "بكار..أبو كف رقيق وصغير" أصبح رجلا يدير معاركه وفقا لما تمليه عليه المصلحة، فلم يرد أن يخسر "حلفاء الأمس" وفى الوقت ذاته لا يستطيع أن يترك شمس الغد تشرق دون أن يكون ظله على الأرض متواجدا.