قد لا يعرف كثيرون أن لقب (الحشاشين) هو اسم فرقة دينية شهيرة اشتغلت بالسياسة وعرفت بهذا الاسم لأن زعماءها استخدموا مخدر الحشيش للتأثير على أتباعهم وإخضاعهم. تبدأ القصة بانتقال مؤسس الفرقة الشيخ حسن الصباح من مذهب الشيعة الإمامية الاثنى عشرية إلى المذهب الإسماعيلى الذي أُسست عليه الحركة وبعد إتمامه للتعليم الدينى أقسم يمين الولاء أمام مُبشر مُرخص له من كبير الدعاة الذي كلف الصباح فيما بعد بمهمة محددة وهى الذهاب إلى القاهرة التي كانت وقتذاك مركزًا للخلافة الفاطمية والدعوة الإسماعيلية وقد استقبل الخليفة الفاطمى الشيخ الصباح بحفاوة إلا أنه سجن فيما بعد ثم طرد من البلاد بسبب تأييده للنزاريين، وقد استمرت رحلة فراره لسنوات طوال قضاها متنقلًا ومُبشرًا بالإسماعيلية في كل من فلسطين وسوريا وبغداد وإيران حتى استقر في هضبة الديلم شمال إيران التي عرف سكانها بأنهم شديدو الخطر نظرًا لانعزالها الجغرافى والسياسي الذي جعلها ملجأ للشيعة. وفى الديلم أسس الحسن الصباحى قاعدة عريضة من المؤيدين ثم اختار قلعة (ألموت) لإقامة دولته ومعناها في لسان أهل الديلم (عش النسر)، وهى حصن على قمة صخرية عالية في قلب جبال البورج وتسيطر على وادٍ مغلق صالح للزراعة لا يمكن الوصول إليه إلا عبر طريق ضيق شديد الانحدار، هذا هو الوادى الذي عُرف في عهد الشيخ راشد بن سنان ب (الفردوس)، وراشد بن سنان أو (ألودين) - أي علاء الدين - هو أحد زعماء الحشاشين الخطيرين الذين ظهروا فيما بعد وفاة الشيخ الصباح وهو الذي أمر أتباعه بإنشاء حديقة فيحاء في الوادى، وضعوا فيها كل التشبيهات التي جاءت بالقرآن الكريم عن الجنة، وكان بن سنان يوهم تلاميذه الذين تتراوح أعمارهم بين الثانية عشرة والعشرين – وهى السن المناسب للجندية – أنه يستطيع أن يريهم الجنة، وفى هذه الأثناء يقدم لهم مشروب الضيافة وبه مخدر الحشيش الذي يسلمهم إلى نعاس عميق ثم يأمر بنقلهم إلى (الفردوس) في مجموعات من 4 إلى 10 أفراد وعندما يفيقون يظنون أنهم في الجنة ويعيد الكرة ثانية لكى يعيدهم إلى مجلسه فيركعون أمام الإمام الذي يسأل كل واحد منهم: من أين أتيت؟ فيجيب: من الفردوس، مما يُبهر الحاضرين الذين لم يروا ما رأوه.. وبذلك استطاع رجل الدين الشيخ راشد بن سنان أن يسيطر على عقول أتباعه سيطرة كاملة وأن يشكل بهم أكبر وأهم وأشهر فريق اغتيالات عرفه التاريخ، وقد انتقلت قصص الحشاشين إلى الثقافة الأوربية حيث قام الحشاشون بتنفيذ سلسلة طويلة من عمليات الاغتيال أدت إلى إنزال الموت المفاجئ بعدد كبير من قادة الحملات الصليبية والملوك والأمراء وأيضًا رجال الدين الإسلامى الذين أدانوا نظريات الإسماعيلية، حتى أن كلمة (حشاشين) أو Assassin أصبحت مرادفًا لفن القتل هؤلاء القتلة الذين استغل زعماؤهم عاطفتهم الدينية كانوا يسمون أنفسهم (فدائيين) وبعد موتهم يسميهم عشيرتهم (شهداء)، بينما هم في الحقيقة ليسوا سوى.. (حشاشين)..