هل سافرت بالعيد؟، أنا سافرت على الورق إلى سمرقند, أعدت قراءة رائعة أمين معلوف, الرواية التاريخية الموثقة: ثلاثة أصدقاء جمعهم التاريخ, وفرقتهم النظرة للحياة, أولهم الشاعر والفلكى وعالم الرياضيات عربى الأصل: عمر الخيام, وثانيهم السياسى القوى الذى دافع عن مملكة من أقوى دول التاريخ, ونافح عن الدين والسنة فى وجه المد الفارسى: الوزير نظام الملك.. أما ثالثهم –عدو الثانى فيما بعد- هو أشهر سفاح عرفته الدنيا, مؤسس مبدأ الاغتيال, متخذ الحشيش سلطانًا ومزاجًا لمريديه: هو حسن الصبّاح, زعيم الطائفة الإسماعيلية الشيعية وقائد قلعة ألموت أو (قلعة الموت). حسن الصباح زعيم الحشاشين, ومنها عرف الغرب مصطلح الاغتيال ب (حشاش)، ثم أصبحتassassin) )، كان ينظر للدنيا من جبل الكراهية, ومن وراء جدار الحقد, أقسم أن ينشر المذهب الشيعى الإسماعيلى, واستقل بدعوته عن الفاطميين, وصار اسمه مرادفًا للباطنية. نظام الملك, الرجل القوى راعى واحدة من أقوى دول التاريخ.. والوصى على سلطان طفل تقوده امرأته, كان ينظر للدنيا من برج الجهاد, ومدارس العلم, مصدر قوة دولة السلاجقة السنية التى بسطت سلطانها من الشام وحتى الصين.. السلجوقيون فى مقابل الفاطميين بمصر, والبوهيين بالعراق, عاش مجيدًا ومات شهيدًا بخنجر حشاش. عمر الخيام العالم الفيلسوف واسع المعرفة, كان ينظر للدنيا من زاوية الحب ونافذة الفلسفة, ساعد نظام الملك, ورفض حسن الصباح, وطاردته اللعنات, ولصقت به كثير من رباعيات لم يقلها, فأصبح هدفًا للتكفير, وضع أسس حساب المثلثات, وسبق العالم فى الفلك والأرصاد, وقال إنه يحب خالقه, فلم يفهمه كثيرون. المؤلف أمين معلوف, مسيحى لبنانى, سبق عشرات الأدباء المسلمين, خرج عن الطائفية, وحاول التمسك بميزان العدل فى الرواية, حتى لتشعر أثناء القراءة أنك أمام مثقف مسلم شديد التمسك بتاريخه. جاء بالرواية:: "لا تعجب لشىء إن للحقيقة وجهين, وللناس أيضًا".. "ليس فقيرًا من عرف أن يُبقى رغباته بسيطة".. "ما أسهل التظاهر بالولاء, فليس أصدق منه فى الأفواه الكاذبة".. "وأما عمر فالحياة عنده مختلفة.. إنها لذة العلم وعلم اللذة.."، فأجمل مديح يوجه إلى قاضٍ, لا يكون بالإشادة بحميد خصاله, بل باستقامة من يرعاهم".. "ففى كل عام يُحتفل بمقتل الخليفة عمر المكروه من الشيعة.. فى مهرجان هزلى". وختامًا, فكرت أن أقول كل عام وأنتم طيبون, فقلت: لما لا نتشارك؟. [email protected]