سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الأورمان " تحفة الخديو إسماعيل التي تحولت ل"غرزة" الإخوان.. ثاني أقدم حدائق العالم.. أمدت القصور الملكية بالفاكهة.. حولها أنصار "المعزول" لترسانة أسلحة وسلخانة تعذيب.. والخسائر تقدر بالملايين
حديقة الأورمان.. أنشئت حديقة الأورمان في عهد الخديو إسماعيل عام 1875 بهدف إمداد القصور الخديوية بالفاكهة والموالح والخضر، والتي تم استجلابها من جزيرة صقلية وكانت الحديقة جزءًا من قصر الخديو، والذي عرف آنذاك بسراي الجيزة وجلب الخديو لهذه الحدائق أشجارا ونباتات مزهرة من جميع أنحاء العالم، وقام بتصميم الحديقة على الطراز الطبيعي مهندسون فرنسيون وأشرف على تنفيذها المهندس (ج. دليشفاليري) ومعه كبير البستانيين إبراهيم حمودة. وكانت مساحتها 95 فدانا وقت إنشائها وتضم ثلاثة أجزاء الأورمان، الحرملك------ويقع الآن في الجزء الغربي لحديقة الحيوان، السلاملك ويقع في الجزء القبلي من الحديقة. تم فصلها عن حديقة الحيوان عام1890 وظلت تابعة لقصر الخديو حتى عام 1910 ثم تسلمتها وزارة الزراعة وعندما تم التخطيط لشارع الجامعة عام 1934 استقطع الجزء الجنوبي منها وضم إلى حديقة الحيوان فأصبحت مساحتها 28 فدانا وتقع الحديقة في محافظة الجيزة غرب نهر النيل وشرق جامعة القاهرة. وكلمة أورمان كلمة تركية تعني الغابة أو الأحراش، وهي من الحدائق النباتية النادرة في مصر؛ حيث إنها تضم أكبر مجموعة نباتية تضم 100 فصيلة تشتمل على 300 جنس يتبعها 600 نوع، ويوجد بالحديقة قسم لتبادل البذور مع جميع الحدائق والمراكز البحثية في العالم. تتبع الحديقة الإدارة المركزية للتشجير والبيئة التابعة لوزارة الزراعة. كانت حديقة الأورمان التي يبلغ عمرها 138 عاما ملتقى للعشاق والمحبين وهي من أهم المعالم التاريخية لمحافظة الجيزة وكانت تحتوي على العديد من الأشجار النادرة. لم يبال الإخوان بالتاريخ العريق للحديقة ولا بالمكانة الدولية لها، وشرعوا في تدميرها وافتراشها ودهس النباتات النادرة بأقدامهم و"دك" عشبها الأخضر بخيامهم وكتابة العديد من العبارات التي تهاجم القوات المسلحة على أشجارها ولم يكتف الإخوان بكل ذلك التشويه، وإنما قاموا ببناء العديد من المراحيض، إضافة إلى وضع صنابير المياه داخل الحديقة وانتشرت العديد من مياه الصرف الصحي، إضافة إلى القاذورات التي عجت بها الحديقة من مخلفات المعتصمين مما أدى إلى انتشار الروائح الكريهة داخل أرجائها، فضلا عن تحويلها إلى ساحة للتعذيب وللتنكيل بمعارضي الإخوان داخلها، وكانت هناك العديد من البلاغات التي تم تقديمها إلى مباحث الجيزة بعد اكتشاف العديد من الجثث بداخلها. قال الدكتور ياسر عادل حنفي عثمان - الأستاذ المساعد بمركز بحوث الصحراء -: إن اعتصام جماعة الإخوان في حديقة الأورمان بأنه جريمة اقتصادية وحضارية وتراثية وثقافية وعلمية مكتملة الأركان، مؤكدا أن من يقومون بهذه الجريمة لا يدركون أبعاد وحقيقة الجرم الذي يقومون به في حق بلدهم. وقام حنفي بإعداد دراسة قال فيها: إنه طبقا لروايات شهود العيان تم تدمير المسطحات الخضراء بها والتي تزيد مساحتها عن 84000 متر مربع تدميرا كاملا، وتبلغ تكلفة إعادة إنشائها ما يقرب من 3 ملايين جنيه، كما تم اختفاء أعداد كبيرة من الأنواع النباتية بقسم النباتات العصارية والشوكية بالحديقة، وكانت توجد به أقدم وأندر مجموعة نباتية في مصر من هذه النباتات، وكشف أيضا أن الخبراء المتخصصين قالوا: إن قيمة تلك النباتات المادية تفوق ال 20 مليون جنيه، هذا بالإضافة إلى القيمة العلمية والتاريخية. وأوضح أنه تم تخريب مجموعة تضم أقدم وأندر مجموعة من أنواع البامبو والنخيل وأشباه النخيل في مصر، والتي يزيد ارتفاع بعض نباتاتها عن ال 20 مترا، وكذلك العديد من المشايات بالإضافة إلى قيام المعتصمين بإقامة أكثر من 10 دورات مياه عشوائية بعد أن اقتحموا الحديقة، وأزالوا أجزاء كبيرة من أسوارها لتسهيل دخولهم، ومنعوا دخول الزائرين إليها. وأضاف الدكتور ياسر: إن المختصين في إنشاء الحدائق قدروا الخسائر الحادثة بما يقرب من 100 مليون جنيه كتقدير أولي حتى يتسنى إعطاء التقدير النهائي بعد إجراء جرد شامل بواسطة لجنة متخصصة بالإضافة إلى أن إعادة تأهيل الحديقة لتعود لما كانت عليه قد يصل إلى 500 مليون جنيه. وطالب بسرعة إطلاق مبادرة محلية وعالمية لمحاولة إنقاذ حديقة الأورمان من المصير الذي ستؤول إليه والذي بات يهددها بين لحظة وأخرى. كما ناشد المنظمات الدولية المعنية بمثل هذه الأمور مثل منظمة الأممالمتحدة للعلوم والثقافة (UNESCO) ومنظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة (FAO) وغيرها التدخل لتعود الحديقة لسابق عهدها أو لأقرب ما يكون له. وقال الدكتور سيد خليفة - رئيس مشروع العون الغذائي بوزارة الزراعة -: إن النائب العام بدأ التحقيق في بلاغه الذي يتهم فيه مؤيدي الرئيس المعزول بالتعدي على الأشجار النادرة بحديقة الأورمان وإهدار المال العام، مما تسبب في تراجع إيرادات الحديقة وتعرضها لخسائر تصل إلى 500 ألف جنيه منذ بدء. وأضاف: إن حديقة الأورمان تعد الثانية في العالم لأنها تضم عددًا من الأشجار النادرة، وتعتبر مكانًا أثريا؛ حيث تضم أشجارًا معمرة تجاوز عمرها 140 عامًا، تحولت الآن أشجارها إلى مواد خام لصناعة الأسلحة البدائية وتحويلها إلى فحم لإشعاله ليلا، وتابع: إن جماعة الإخوان يهددون عمال الحديقة ويرفضون تعاملهم مع الأشجار بأية صورة من الصور وحولوا حديقة الأورمان إلى حديقة القمامة بعدما تركوا خلفهم أطنانا منها في كل أرجائها. جدير بالذكر أن السيد علي - وكيل وزارة الزراعة والمشرف على حديقة الأورمان - كان قد تقدم ببلاغ إلى اللواء محمود فاروق - نائب مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة - أكد فيه تعرض الحديقة لخطر حقيقي؛ بسبب الانتهاكات التي تتعرض لها على يد أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي. وأشار إلى أن الحديقة وجميع مرافقها تتعرض لتعديات وإتلافات من قبل الإخوان، كما يتم منع العاملين بالحديقة من الدخول إليها وممارسة عملهم، وتم تحرير محضر برقم رقم 12177 لسنة 2013. وقال مصدر بقطاع التشجير بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي: إن الحديقة تعاني من إهمال شديد بسبب تظاهرات أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي أمامها بالإضافة إلى تعرض الحديقة للحريق، ونتج عن ذلك تفحم لبعض الأشجار النادرة. أنصار المعزول قاموا باحتلال الحديقة والاستيلاء على الكافيتريا الموجودة بها بالإضافة إلى تدمير الأحواض الخاصة بنباتات الصبار وأنواع نادرة من النخيل المطل على جامعة القاهرة إضافة إلى أن حديقة الأطفال المتواجدة بالداخل تم تدميرها بالكامل على يد الإخوان، وتم القضاء على المساحات الخضراء وأصبحت حديقة الأورمان تعاني من التصحر رغم قيمتها التاريخية. وأضاف المصدر: إن مئات الشكاوى وصلت إلى وزارة الزراعة تفيد بوجود أسلحة داخل الحديقة وهو ما جعلنا نتقدم بطلب للقوات المسلحة لتأمين الحديقة؛ للحفاظ على قيمتها التاريخية التي تجاهلها الإخوان.