وصف خبراء الاقتصاد العلاقات الاقتصادية ( الإخوانية – الأمريكية) بأنها غير واضحة المعالم وغامضة، تقترب من درجة «سرى للغاية»، في ظل زيارات قيادات إخوانية إلى واشنطن، مثل عصام الحداد وخيرت الشاطر لتوقيع اتفاقيات، ومفاوضات سياسية أو اقتصادية لم يكشف عنها، وأن واشنطن تتعامل مع الجماعة اقتصاديا بغض النظر عن طبيعة النظام، وهناك اتفاقيات تمت في الإطار الاقتصادى بين السفارة الأمريكية في القاهرة وجماعة الإخوان، ودخلت جمعية «ابدأ» التي يقودها حسن مالك في الملف الاقتصادي، لكن هناك تعتيما على طبيعة هذه العلاقات ،سوف تتكشف مع الأيام.. الدكتور جهاد عودة - أستاذ العلاقات الدولية بجامعة حلوان – يؤكد أن قراءته لملف العلاقات الاقتصادية (الإخوانية – الأمريكية) تؤكد أنها غير مرئية لأنها تتم في إطار ضيق، وتمثل جزءا صغيرا في المعادلة السياسية بين الجماعة وواشنطن بسبب الأزمة المالية التي اجتاحت الولاياتالمتحدة منذ عدة سنوات، خاصة أن الإخوان في عهد مبارك كانوا مشغولين بالجانب السياسي دون الاقتصادى الذي كان سريا، وربما يكون معروفا لدى أجهزة الأمن القومى ولم يتم الكشف عنه، فقد كانت قيادات الجماعة في السجون، لكن تدشين هذه العلاقة الاقتصادية أصبح واضحا بعد أن تصدر الإخوان المشهد السياسي، خاصة أن الجماعة ليست مدرجة على لائحة الإرهاب التي أعدتها أمريكا، بصرف النظر عن تاريخهم الحافل بالاغتيالات، مما جعل العلاقة تشكل تحالفا موضوعيا، ربما يكون له أهداف أخرى بين الإخوان والولاياتالمتحدة. يضيف عودة: إن المسألة الاقتصادية للإخوان لم تظهر إلا في البعد الإستراتيجي لمكافحة تنظيم القاعدة، كما جاء في مذكرات «يوسف ندا»، لكن هذا لا يستبعد وجود آلية اقتصادية لتمويل الإرهاب من خلال يوسف ندا للوصول بهذه الأموال إلى الحركات الإسلامية. ويوضح الدكتور عودة أن الاستثمارات بين الإخوان والولاياتالمتحدة تسير في إطار النموذجين التركى والعراقى لتوافقهما من وجهة نظر السياسة الأمريكية كلاعب دولى في تحالفهم مع واشنطن ضد أي تحالفات قومية أو ثورية عربية، فالإخوان ليست لديهم بنوك كبرى، لكن دورهم المالى الاقليمي أكبر منه دوليا، وسوف تشهد هذه العلاقات الاقتصادية نموا في المرحلة المقبلة بعد استقرار الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية، لتبدأ رحلات رجال أعمال الإخوان وغيرهم إلى الولاياتالمتحدة بشكل علني، كما تم في زيارتهم مع الرئيس محمد مرسي إلى الصين وتركيا. لا تخفى الدكتورة عالية المهدى - عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية السابق بجامعة القاهرة - أن علاقات الإخوان الاقتصادية مع أمريكا قبل الثورة لا تتوافر عنها أي معلومات بالقدر المتعارف عليه في العلوم الاقتصادية، لكون الجماعة سياسية دعوية أكثر منها اقتصادية، ولكن بعد وصولها إلى سدة الحكم، بدأت تظهر مؤشرات ملموسة لهذه العلاقة خلال اتصالات وزيارات يقوم بها رموز قيادية من الجماعة إلى واشنطن أمثال عصام الحداد وخيرت الشاطر، وهذه الزيارات ربما تحمل مضامين اقتصادية سرية لا يبوح بها أحد لوسائل الإعلام، بعكس ما حدث في زيارة رجال الأعمال مع الرئيس محمد مرسي إلى الصين وتركيا، وهذا لا ينفى أن هناك مفاوضات وتعاملات لتدعيم الاقتصاد من خلال التعاون مع واشنطن في المرحلة المقبلة، يتم في القاهرة بين السفارة الأمريكية وجماعة الإخوان المسلمين. تضيف الدكتورة عالية: إن جمعية «ابدأ» التي يقودها حسن مالك مع رجال أعمال من حزب «الحرية والعدالة»، ومن النظام السابق، بدءوا في إقامة علاقات مع أمريكا لتنمية الاقتصاد القومى، لكن الولاياتالمتحدة لم تسهم بأى استثمارات منذ ستة أشهر في مصر حتى الآن، مع أن الدعاية الانتخابية التي أطلقها الرئيس مرسي عن استثمارات تصل إلى 200مليار دولار حال تقلده منصبه في الرئاسة وتنفيذ برنامج الحكومة، فلم نسمع أو نقرأ عن أي استثمارات أمريكية حقيقية لمساندة الاقتصاد القومى للخروج من أزمته، لكن هناك مفاوضات بين الجماعة والولاياتالمتحدة لن تؤتى ثمارها إلا في ظل استقرار سياسي وأمنى واقتصادى، لتبدأ عجلة التنمية في مسيرتها لتحقيق معدل نمو اقتصادى بزيادة معدلات الإنتاج، وهذا لن يتحقق في ظل الوضع الحالي ما لم تستقر الأمور لإحداث توافق بين القوى السياسية والنظام في مصر. ويرى الدكتور أبوهنطش عبدالله - خبير الاقتصاد بالأمم المتحدة - أن أمريكا تتعامل مع الشيطان حتى ولو كانت جماعة الإخوان المسلمين، لأنها كدولة ليبرالية رأسمالية تتعامل مع مختلف أنظمة الحكم في العالم بما فيها مصر، التي تمثل ركيزة إستراتيجية في الشرق الأوسط، وهذا يستدعى من الولاياتالمتحدة وضع مصالحها - وأحد أبعادها العلاقات الاقتصادية- مع جماعة الإخوان على الرؤية المستقبلية لها، والدليل على ذلك أن اقتصاد الصين موجود في أفريقيا، وماليزيا لها صناعات في أمريكا والسعودية، فواشنطن تتعامل مع مصر كدولة وليست كجماعة. يضيف الدكتور أبوهنطش أن مستقبل مصر واعد بالنسبة لشبكة الاستثمارات الأمريكية، رغم أنها لا تزال في مرحلة أولى للتنمية لخلق قوة ابتكارية مبنية على المعرفة، بجانب قاعدتها العلمية الكبيرة، والتي لا تستطيع العمل بمفردها دون استثمار أجنبى لتطبيق التكنولوجيا لدعم الاقتصاد المصرى، مؤكدا أن الاقتصاد الأمريكى له هيمنة على الاقتصاد العالمى بما يستوجب من الإخوان فتح علاقات مع واشنطن لما تملكه الولاياتالمتحدة من نفوذ على المؤسسات الدولية للإقراض، كصندوق النقد والبنك الدوليين اللذين يضعان في شروطهما زيادة الضرائب ورفع الأسعار حتى تتم عملية الاقتراض. ويرى الدكتور مختار الشريف - الخبير الاقتصادى- أن هناك غموضا يحيط بعلاقات الإخوان الاقتصادية بأمريكا، لعدم استقرار الوضع السياسي في مصر الذي يصبح استقراره مرتهنا بقوة العلاقات الاقتصادية، فالمنح والمساعدات والمعونات العسكرية التي تقدمها واشنطن للقاهرة هي من أجل مصر وليس من أجل الإخوان، وإن كانت مساعدة لهم بطريقة غير مباشرة، فأمريكا تتعامل مع جميع دول العالم لكن ليست هناك أرقام حقيقية عن حجم الاستثمارات الأمريكية في مصر أو اتفاقيات بين رجال أعمال إخوان ونظرائهم الأمريكان واضحة للعيان، ولكن ربما يكون هناك جزء سرى يتم ولا يكشف عنه للإعلام إلا في مرحلة معينة، فالرأسمالية الأمريكية تتعامل مع جميع الأنظمة السياسية والاقتصادية في العالم. الاستثمارات بين الإخوان والولاياتالمتحدة تسير في إطار النموذجين التركى والعراقى لتوافقهما من وجهة نظر السياسة الأمريكية كلاعب دولى في تحالفهم مع واشنطن ضد أي تحالفات قومية أو ثورية عربية.