غادة لبيب: المرأة شريك فاعل في مستقبل الوطن    محافظ سوهاج يبحث استعدادات عيد الأضحى ويستعرض ملفات خدمية تهم المواطنين    وزير الاتصالات عن مبادرة الرواد الرقميون: مفتوحة لجميع الشباب والاختيار وفقًا لمعايير موضوعية    محافظ المنوفية: الأرض الزراعية خط أحمر.. وإزالة فورية لتعديات على مساحة 175 مترا    بعد مباحثاته في موسكو.. فيدان يزور أوكرانيا الخميس    مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يجري زيارة إلى كييف وروسيا الأيام المقبلة    كوريا الشمالية تهاجم قبة ترامب الذهبية وتتعهد ب"تناسق القوة"    ماكرون: مؤتمر حل الدولتين بنيويورك سيشكل زخما للاعتراف بدولة فلسطين    الناتو والاتحاد الأوروبي يعربان عن تضامنهما مع جمهورية التشيك بعد هجوم إلكتروني صيني    الأهلي أم بيراميدز.. رابطة الأندية تعلن موعد تسليم درع الدوري    «أعظم اللاعبين على الإطلاق».. رابطة محترفي الاسكواش تتغنى ب علي فرج    الكشف عن تفاصيل عقد دى بروين مع نابولي    وزير الشباب يقرر تعديل اللائحة المالية للهيئات الرياضية    «اشربوه مصانش نادية».. رسائل نارية من جمال عبدالحميد لمسؤولي الأهلي بسبب زيزو    التعليم: اتخاذ كافة الإجراءات لضمان حسن سير امتحانات الدبلومات الفنية    «تقدير الجمهور أغلى جائزة».. مي عمر تعلق على فوزها ب أفضل ممثلة عن «إش إش»    المسلماني في منتدى دبي : ثقافة الترند مصدر تهديد للأمن القومي    في أول أيام الشهر.. تعرف على أفضل الأعمال في العشر الأوائل من ذي الحجة    حكم صلاة الجمعة إذا جاء العيد يوم جمعة.. الإفتاء توضح الرأي الشرعي    فريق طبي بمستشفى العجمي بالإسكندرية يُنقذ حياة مريض بعد طعنة نافذة في الصدر    جلسة نقاشية حول الاستثمار في صحة المرأة ودور القابلات في تعزيز الرعاية الصحية بمصر    متحدث «الصحة»: بعثة مع الحجاج المصريين لتقديم الرعاية الطبية    حسم الدوري.. التشكيل المتوقع لبيراميدز في مواجهة سيراميكا كليوباترا    افتتاحات مرتقبة لقصور الثقافة في القاهرة وسوهاج وسيناء    هل يوقع أحمد الشرع على اتفاق تطبيع مع إسرائيل؟    ضبط 220 كيلو حشيش و900 ألف قرص مخدر خلال يوم    ُصرف غدا.. شيخ الأزهر يوجّه بمنحة عاجلة لهذه الفئة    بالصور- إقبال على المراجعات النهائية لطلاب الثانوية العامة ببورسعيد    بطعنة في الرقبة.. زوج يُنهي حياة زوجته بالشرقية    تفاصيل الاحتفال بتخريج دفعة جديدة من "حقوق السوربون" بجامعة القاهرة    البطيخ والكلى.. علاقة مفيدة أم ضارة؟    عبد الواحد السيد يتولى الاشراف على ناشئين الزمالك بشكل مؤقت    الزمالك يفقد خدمات الجفالي في نهائي كأس مصر    مقطوعات من التراث العربي والفلسطيني فى افتتاح مهرجان روتردام للفيلم العربي    وداعاً تيتة نوال.. انهيار وبكاء أثناء تشييع جنازة جدة وئام مجدى    القاهرة الإخبارية تكشف تفاصيل الغارة الجوية الإسرائيلية على صنعاء    «نقيب المعلمين» يكلف بدعم معلمة اعتدت عليها طالبة بالهرم    البنك المركزي النيوزيلاندي يخفض الفائدة 25 نقطة أساس للمرة الثانية    رئيس مدينة رأس غارب يعقد اللقاء الدوري مع المواطنين لتلبية احتياجاتهم    دار الإفتاء توضح أفضل الأعمال في أيام العشر من ذي الحجة.. ذكرٌ وصيامٌ وتهليل وأضحية    لمواجهة الفكر المتشدد.. "أوقاف الفيوم" تنظم دروسًا منهجية للواعظات    روبوت ينظم المرور بشوارع العاصمة.. خبير مرورى يكشف تفاصيل التجربة الجديدة.. فيديو    مبادرة "أنورت" تهدف لاستقبال ضيوف الرحمن والترحيب بهم فى جميع المنافذ البرية    «المنشاوي» يفتتح تطوير الصالة المغطاة بالقرية الأولمبية بجامعة أسيوط    «تمريض بني سويف» تستقبل لجنة الدعم الفني بمركز ضمان الجودة    صندوق النقد يحث مصر بتقليص دور القطاع العام في الاقتصاد بشكل حاسم    الحوثيون: إسرائيل شنت 4 غارات على مطار صنعاء    وزير التعليم: 98 ألف فصل جديد وتوسّع في التكنولوجيا التطبيقية    نائب وزير الصحة: إنشاء معهد فنى صحى بنظام السنتين فى قنا    الإسكان: إعادة فتح باب تلقي طلبات توفيق الأوضاع في منطقة الحزام الأخضر بمدينة 6 أكتوبر    وزير الخارجية يتوجه إلى المغرب لبحث تطوير العلاقات    وزير الثقافة: ملتزمون بتوفير بنية تحتية ثقافية تليق بالمواطن المصري    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأربعاء 28 مايو 2025    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق مخزن بلاستيك بالخانكة| صور    قرار من «العمل» بشأن التقديم على بعض الوظائف القيادية داخل الوزارة    محامي نوال الدجوي يروي تفاصيل محاولة الحجر على موكلته وطلب حفيدها الراحل الصلح    وزير الأوقاف يهنئ الشعب المصري والأمة العربية بحلول شهر ذي الحجة    ألم في المعدة.. حظ برج الدلو اليوم 28 مايو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد عرابى.. الفلاح الثائر
نشر في فيتو يوم 23 - 07 - 2013

من مواقفه التاريخية المشرفة في حياة الأمة العربية قيامه بتظاهرة على رأس الجيش المصري في ميدان عابدين لعرض مطالب الأمة على الخديو توفيق، بعد أن اتجهت إليه الأنظار
"لقد خلقنا الله أحرارًا ولم يخلقنا تراثًا أو عقارًا، فو الله الذي لا إله إلا هو لن نورث ولن نستعبد بعد اليوم".. بهذه الكلمات شق الزعيم أحمد عرابي الطريق إلى المجد وخلق لنفسه مكانة تاريخية لها دلالات مهمة لكل الراغبين في الحرية والاستقلال على مر التاريخ.
اختاره الضباط المصريون لشجاعته ووطنيته زعيمًا للجيش ومتحدثًا باسمه، وكان حينئذ ناظرًا للجهادية أي وزير الدفاع بتسميات اليوم، فتزعم الثورة العرابية في عهد الخديوِ توفيق، ليستحق بذلك ما قاله عنه سلامة موسى: "ليس في تاريخ مصر، منذ أكثر من ألفى سنة، من خدمها بروح الشرف والوطنية مثل عرابى".
ولد عرابي عام 1841 في قرية "هرية رزنة " بمحافظة الشرقية، تعلم القرآن الكريم وأرسله والده، عمدة القرية إلى التعليم الديني حتى عام 1849، ارتقى عرابي سلم الرتب العسكرية بسرعة حتي أصبح نقيبا في سن العشرين، شارك في حروب الخديو إسماعيل في الحبشة، وترقى فى الجيش إلى أن توصل إلى رتبة قائم مقام.
وظهر اسم عرابي لأول مرة على الساحة حينما تقدم مع مجموعة من زملائه مطالبين الخديو توفيق بترقية الضباط المصريين وعزل رياض باشا رئيس مجلس النظار وزيادة عدد الجيش المصري، لكن الخديو لم يتقبل هذه المطالب وبدأ في التخطيط للقبض على عرابى وزملائه واعتبرهم من المتآمرين والخونة، وتنبه عرابى حينها للخطر وقاد المواجهة الشهيرة مع الخديو توفيق في سبتمبر عام 1881 وهو ما عرف "بهوجة عرابي".
ومن أشهر مواقف عرابي الشجاعة أنه دخل في خصومة مع لواء شركسي في الجيش يدعى "خسرو" باشا ودفع عرابى ثمن هذه الخصومة، حيث تم تقديمه لمجلس عسكري وحكم عليه بالسجن 21 يوما، وأدت الواقعة إلى فصل عرابي من الجيش، وأورثته بغضا شديدا للشراكسة، ورفع عرابي تظلما من القرار إلى الخديو إسماعيل، وظل هذا التظلم بين النظر والإهمال ثلاث سنوات، التحق خلالها بوظيفة في دائرة الحلمية، ثم توصل إلى استصدار أمر من الخديو إسماعيل بالعفو عنه وإعادته إلى الجيش برتبته العسكرية.
ومنذ ذلك التوقيت أخذ عرابي يبث في نفوس الضباط الوطنيين فكرة الاتحاد والمطالبة بحقوقهم وكان للباقته وفصاحته في الكلام واستناده إلى بعض الأحاديث النبوية الشريفة تأثير كبير في نفوس الضباط، وكانت سنة 1875 بداية دعوة عرابي الوطنية، ولما تولى توفيق باشا الخديوية رقي عرابي إلى رتبة أميرالاي عام 1879م وظل يشغل هذا المنصب حتى نشوب الثورة 1881.
ومن مواقفه التاريخية المشرفة في حياة الأمة العربية قيامه بتظاهرة على رأس الجيش المصري في ميدان عابدين لعرض مطالب الأمة على الخديوي توفيق، بعد أن اتجهت إليه الأنظار، وتعلقت به الآمال لإنقاذ البلاد من مهاوي الظلم، وتحقيق أمانيها في الحياة الكريمة، وحملت مطالب القائد الثائر لمليكه، إسقاط وزارة رياض باشا وتشكيل وزارة وطنية وقيام مجلس نيابي حديث وهذه المطالب تحمل في مساعيها تطلع الشعب إلى التمتع بالحرية والعيش الكريم، لكن الخديو رد على عرابي قائلا: "كل هذه الطلبات لا حق لكم فيها، وأنا ورثت ملك هذه البلاد عن آبائي وأجدادي، وما أنتم إلا عبيد إحساناتنا"، وحركت هذه الكلمات العزة والكرامة في نفس عرابى فقال: "لقد خلقنا الله أحرارًا، ولم يخلقنا تراثًا أو عقارًا؛ فوالله الذي لا إله إلا هو، لن نُورَّث، ولن نُستعبَد بعد اليوم".
واستجاب الخديو لمطالب عرابي الأربعة وعزل "رياض باشا" من رئاسة الوزارة، وعهد إلى "شريف باشا" بتشكيل الوزارة، وسعى لوضع دستور للبلاد، ونجح في الانتهاء منه وعرضه على مجلس النواب الذي أقر معظم مواده، ولكن تدخل انجلترا وفرنسا عصف بهذا الحلم وتقدم "شريف باشا" باستقالته في نوفمبر 1882، وتشكلت حكومة جديدة برئاسة "محمود سامي البارودي"، وشغل فيها "عرابي" منصب "وزير الجهادية" (الدفاع)، وقوبلت وزارة "البارودي" بالارتياح والقبول من مختلف الدوائر العسكرية والمدنية.
واستغلت بريطانيا وفرنسا خلافا بين الخديو والبارودى حول الحياة النيابية وأمور أخرى وبعثتا بأسطوليهما إلى شاطئ الإسكندرية بدعوى حماية الأجانب من الأخطار، وطالبتا بإقالة الوزارة، وإبعاد عرابي وزير الجهادية عن مصر مؤقتًا مع احتفاظه برتبه ورواتبه، لكن البارودي رفض واعتبر ذلك تدخلا في شئون البلاد.
وإزاء قبول الخديو توفيق تلك المطالب قدم البارودي استقالته من الوزارة، فقبلها الخديوِ، ولكن عرابي بقي في منصبه نزولا على رغبة حامية الإسكندرية، فاضطر الخديو لإبقائه، ولكن الأمور تعقدت بعد مذبحة الإسكندرية، وتم تشكيل وزارة جديدة ترأسها "إسماعيل راغب"، وشغل "عرابي" فيها نظارة الجهادية، وعملت الوزارة برئاسة عرابي على استتباب الأمن في الإسكندرية، وتشكيل لجنة للبحث في أسباب المذبحة، ومعاقبة المسئولين عنها.
وقام الأسطول الإنجليزي بضرب الإسكندرية وتدمير قلاعها، فتحرك عرابي بقواته إلى "كفر الدوار"، وأعاد تنظيم جيشه، ورفض الانصياع للخديوِ بعد موقفه المخزي، وبعث إلى جميع أنحاء البلاد ببرقيات يتهم فيها الخديو بالانحياز إلى الإنجليز، ويحذر من اتباع أوامره، وأرسل إلى "يعقوب سامي باشا" وكيل نظارة الجهادية، يطلب منه عقد جمعية وطنية ممثلة من أعيان البلاد وأمرائها وعلمائها للنظر في الموقف المتردي وما يجب عمله، فاجتمعت الجمعية وأجمعوا على استمرار الاستعدادات الحربية ما دامت بوارج الإنجليز في السواحل، وجنودها يحتلون الإسكندرية، فلم يستسلم عرابي، مما تسبب في عزله عن منصبه لكن عرابي لم يمتثل للقرار واستمر في عمل الاستعدادات في كفرالدوار لمقاومة الإنجليز.
عرابي رغم نشأته البسيطة فإن طموحه الكبير للخروج بمصر من عهد الاستعمار الخارجي والحكم المستبد، جعله يكتب صفحة مشرقة من تاريخ مصر، انتهت بمحاكمته من قبل القوى المستبدة في واحدة من أشهر وأسوأ المحاكمات التي عرفها التاريخ المصري الحديث.
وبعد 70 عامًا قضى منها عرابي 30 عامًا منفيًا خارج وطنه تارة، وداخل وطنه تارة أخرى توفي عام 1911 في القاهرة لتنتهي بذلك رحلة بطل ظل صامدًا في وجه الظلم والذل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.