كالعادة عقب كل حدث أجد الاتصالات لا تنقطع عن هواتفى سواء في العمل أو البيت أو على تليفوناتى المحمولة من أناس كثيرين، منهم أصدقاء مقربون ومنهم قراء لمساحتنا هذه، ومنهم معجبون متابعون لكل نشاطاتنا.. وعقب خطاب السيسى - يوم الأربعاء الماضى- وطلبه تفويض من الشعب ورغبته في أن يصدر الشعب أمرا مباشرا له للتعامل مع الإرهاب على حد وصفه طبعا.. وخروج الصحف والقنوات الفضائية والمواقع الإخبارية لتزف الخبر على من لم يستمع لخطاب السيسى وبيانه المهم، بدأت الاتصالات تأتينى من كل حدب وصوب لفهم دوافع السيسى في اتخاذ قرار مثل هذا.. أنا كعادتى لا أدلى بتصريحات أثناء الاحداث الجسام، لا لشئ سوى لأننى -كما تعلمون- تكون عندى كل الأسرار والكواليس لأى حدث يقع على أرض مصر، بالإضافة إلى أن القادة والمسئولين يثقون في العبد الفقير، بل يستعينون بى في كل الأحداث الكبرى لأنهم يعلمون من هو أبوطقة كما تعلمون أنتم تماما. المهم ماطولش عليكم.. قولولى طول.. فوجئت أنا يوم الاثنين الماضى بالفريق أول عبد الفتاح السيسى يطلبنى عبر الهاتف المحمول.. في البداية "طنشت" وقلت في نفسى هو أكيد عايز يشكرنى على عدم وقوفى مع مرسي عقب قرار عزله والتزامى للحياد؛ لأنه ببساطة يعلم ماذا كان بمقدور ابوطقة أن يفعل لو اختار الوقوف مع مرسي.. المهم بعد إلحاح السيسى في الاتصال قلت مابدهاش، أكيد الرجل يريدنى في مهمة خاصة من المهام التي كان يكلفنى بها عندما كان رئيسا للمخابرات الحربية وكنت انفذها باقتدار دائما، خاصة المهام التي كانت تقع أحداثها على الأراضى الإسرائيلية وفى جنوبسيناء ومهمات خارج الحدود، الأمر الذي جعل شهادات التقدير التي حصلت عليها من المخابرات الحربية عندما كان يرأسها السيسى تملأ جدران حجرتى الخاصة التي لايدخلها سوى أم العيال فقط.. المهم ماطولش عليكم قولولى طول، أنا رديت على التليفون فجاءنى صوت السيسى: إيه ياعم أبوطقة مابتردش ليه.. ولا احنا خلاص يعنى مابقاش فيه بينا شغل فمتردش ؟! قلت: لا أبدا ياسيادة الفريق دا انت حبيبى بعيدا عن الشغل والمهمات الخاصة، وانت تعلم انك حبيبى.. مش كده ولا ايه ؟! قال: إيه ياعم أبوطقة إيه.. أنا فعلا عرفت أنى حبيبك لأننى كنت أعلم أن أصدقاءك في مكتب الإرشاد سيستعينون بك عقب قرار عزل مرسي لأنهم لا يعلمون العلاقة التي تربطنى بك.. وبالفعل علمت أنهم التقوا معك في الكهف الخاص بك بطريق "القاهرة – الإسكندرية" الصحراوى.. وانت رفضت التعاون معهم وقلت لهم بالحرف الواحد: إلا السيسى.. أنا لن أنسى لك هذا الموقف أبدا ومصر كلها لن تنسى لك هذا الموقف.. وكل شيء سوف يتم الإعلان عنه في الوقت المناسب! قلت: هذا حقك علينا ياسيادة الفريق..وحق الشعب الطيب الذي عانى كثيرا من وقف الحال وانقطاع الكهرباء والماء والغاز والأنفاس كمان في سنة واحدة حكمهم فيها الإخوان ! قال: أديك قلت الشعب ياعم أبو طقة.. فنحن نفعل كل شيء من أجل الشعب وانت أكثر العارفين بكم التضحيات التي ضحيناها من أجل مصر وشعب مصر ! قلت: نعم أعرف ولا أشك في هذا أبدا.. بس انت عايز تقول ايه ياغالى ؟! قال: عايز اقول يرضيك انت يا ابوطقة بيه اللى بيعملوه الإخوان في الشعب الطيب ده.. فكل شيء معطل ولا أحد يستطيع أن يعمل كى تتحرك مصر وتعوض ما فاتها على أيديهم.. هم يعلمون أن مرسي لن يعود للحكم مرة ثانية إلا أنهم يخربون ويقتلون ويحرضون الناس الطيبين على الاعتصام معهم باسم الدين.. وعادوا ليمارسوا إرهابهم مستعينين بكل رموز الإرهاب الذين تعلمهم كما أعلمهم ياعمنا.. وأنت ترى وتسمع وكل الناس في مصر تسمع بما يقع في سيناء والعريش من تدمير وتخريب وقتل باسم الدين.. فهل يرضيك هذا.. هل يرضيك أن يقتل المصرى اخاه المصرى لأول مرة في التاريخ ظنا منه أنه يدافع عن الإسلام ؟! قلت: لا.. لا يرضينى طبعا ولا يرضى أحدا.. بس برضو انت عايز تقول ايه ياسيادة الفريق ؟! قال: انت كده تعجبنى..انك بتجيب من الآخر ياعمنا.. شوف يا سيدى ولا سيدك إلا أنا.. الناس لن تكف عن أعمال العنف حتى يتحقق لهم ما يريدون.. ومن الآخر برضو لن يتحقق لهم ما يريدون.. فعودة مرسي على جثتى.. لأن الشعب خلاص تعب ومل وكره حكم الإخوان لدرجة أننى كنت ألحظ عتابهم لى في أعينهم كلما حضرت مناسبة مع مرسي.. فهل انت معى ياعم أبوطقة.. أم ستكون على الحياد.. لأنه لا خيار ثالث لك.. لأننى لا أظن انك ستكون مع المصلحة الشخصية هذه المرة.. فالمهمة المطلوب تنفيذها الآن هي إنقاذ مصر وشعبها من الإرهاب.. فماذا ستختار ؟! قلت: سأختار مصر وشعب مصر، لكنى لن أخرج واتكلم بلسان مصر لأن الشعب لم يفوضنى بالحديث عنه.. وكذلك انت لا يمكن أن تدخل في حرب مع الإرهاب دون تفويض من الشعب ! قال: الإخوان يضعون الشعب بين شقي رحى ياعمنا.. فإما أن يعودوا هم للحكم وإما أن يحرقوا البلد بالإرهاب ! قلت: وإذا اتفقنا أن صالح الشعب في ذهاب الإخوان إلى غير رجعة.. بل عودتهم جماعة محظورة.. الأمر الذي سيستدعى لجوءهم للإرهاب ويستدعى منا الدفاع عن الشعب والوطن من هذا الإرهاب.. وإذا اتفقنا أيضا أننى لا أستطيع محاربتهم بأسلوب الننجا والقضاء عليهم فساعتها قد يتعاطف معهم فصيل من الشعب، مضحوك عليه باسم الدين، وانا ساعتها لن اتعرض للشعب حتى لو قتلونى، وهذا أيضا ينطبق عليك وعلى قواتك المسلحة ! قال: يعنى عايز تقول إيه ياعمنا ؟! قلت: أقصد أن التفويض الرسمى من الشعب هو الحل الوحيد الذي سيخرس كل الألسنة في الخارج.. وفى نفس الوقت يحرج الإخوان امام ابنائنا من الغلابة المضحوك عليهم باسم الدين ! قال: وكيف يكون هذا التفويض الرسمى ياعمنا ؟! قلت: تخرج غدا أو بعد غد وتقول بيانا تطلب فيه إذن الشعب بالتعامل مع الإرهاب وتقول لهم فوضونى تجدونى.. أأمرونى بمحاربة الإرهاب وساعتها سأدخلهم جحوره ! قال: هذا سهل وسيوافق كل من سيستمع لهذا البيان.. لكنى اسألك عن كيفية أخذ التفويض من الشعب ! قلت: بالطبع انت لن تمر على 90 مليون مواطن تأخذ توقيعهم.. لكنك تطلب من الشعب الذي خرج بالملايين يناشدك أن تخلصهم من حكم الإخوان أن يخرج مرة أخرى بنفس الملايين ليأمرك بالتخلص من الإرهاب.. وساعتها سيكون معك "كارت بلانش" يا باشا.. ودوس بقى وهاتلى البلتاجى هنا ألعب بيه يومين ثم أعيده لك ! قال: إنها فكرة عبقرية ياعم ابوطقة.. وساعتها سيكون القرار للشعب.. فإذا خرج بنفس الملايين أمام العالم سيكون هذا تفويضا..وبهذا انقذ الشعب من حرب أهلية كانت قادمة لا محالة.. أنا ياعم ابوطقة سألقى بيانى هذا بعد غد الأربعاد بمناسبة تخريج دفعة من أبنائنا بالكلية الحربية..وسأدعو كل قيادات الجيش وأعرض عليهم الأمر ! قلت: فعلا يجب أن تعرض الأمر على كل قيادات الجيش قبل تنفيذه.. فأنا أعلم أنكم يد واحدة.. لكن هذا مهم أمام العالم.. معلش انا فاتتنى دى ! قال: بس مافاتتنيش أنا ياعمنا.. فجميع قادة الجيش سيحضرون حفل التخرج وسيعلمون بتفاصيل البيان قبل أن ألقيه.. فنحن دائما على قلب رجل واحد.. فجيش مصر لخدمة مصر والدفاع عنها من أي خطر وهذه مهمتنا الأساسية ! قلت: ربنا معاك يا بطل انت وكل أبطال الجيش المصرى... وإن شاء الله لن يخذلكم شعب مصر فكل الشعب لا يريد إرهابا على أرض مصر.. وهنا أنهيت المكالمة مع السيسى وبالفعل يوم الجمعة بدأت أشاهد ملحمة وطن عظيم.. جيشه وشعبه على قلب رجل واحد ضد الإرهاب.. ففرحت كثيرا وجئت مسرعا إلى مكتبى كى أكتب لكم تفاصيل الحدث وأجيب على السؤال الصعب الذي كان يسألنى به جميع المحيطين وهو: لماذا طلب السيسى التفويض من الشعب قبل التخلص من الإخوان ؟!