على صعيد تمويل الإرهاب.. تمتلك القاعدة في شمال أفريقيا (القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى) مصادر تمويل سخية لأنشطتها من خلال إدارة عمليات تهريب مخدر الكوكايين من أمريكا اللاتينية والدخول فى شراكات من هذا النوع مع منتجى المخدرات هناك، وهو ما أوجد للقاعدة فى شمال أفريقيا موارد مالية تسمح بتجنيد الأتباع وتدريبهم وتسليحهم وتوسيع نشاط عملهم إقليميًا.. وتؤكد دراسات حلف شمال الأطلنطى أن أنشطة تهريب المخدرات وكذلك أنشطة خطف الرهائن وإطلاق سراحهم مقابل فدية التي تمارسها القاعدة فى شمال أفريقيا قد أصبحت بمثابة صناعة جريمة منظمة وحقيقية تدر ملايين الدولارات على التنظيم، وقد تجلت تلك الحقيقة بوضوح فى مالى خلال العام الماضى، الأمر الذى دفع مجلس الأمن الدولى إلى إصدار قرار يحظر على الدول دفع مبالغ فدية لخاطفى رعاياها فى مالى التى كانت مسرحا خلال الأشهر الماضية لعمليات استهداف واختطاف للأوروبيين والأمريكيين بصورة أساسية. واستنادا إلى التقارير الصادرة عن مكتب الأممالمتحدة لمكافحة المخدرات والجرائم فقد كشفت حادثة تحطم طائرة (بوينج 737) فى نوفمبر 2009 وسقوطها فى شمال شرق مالى قادمة من فنزويلا عن مدى ارتباط تجارة المخدرات بتمويل أنشطة القاعدة الإرهابية فى شمال أفريقيا، حيث عثر على كميات ضخمة من الكوكايين بين أنقاضها. ويقول الخبراء إن منطقة الصحراء الأفريقية هى ممر تلتقى فيه المخدرات المهربة إلى القارة من الشرق والغرب الأفريقى لاتخاذ مسار صحراوى عبر تشاد ومالى والنيجر إلى أسواق الاستهلاك فى أوروبا بما فى ذلك مسارات تمر بمناطق تسيطر عليها عناصر القاعدة فى المغرب الإسلامى بشمال أفريقيا. وتوصلت أجهزة الاستخبارات آنذاك إلى 3 من عناصر التهريب تبين انتماؤهم للقاعدة فى المغرب الإسلامى وأدانهم القضاء الأمريكى بتهمة دعم الانقلابيين فى كولومبيا التى تعد أكبر منتج للمخدرات فى أمريكا اللاتينية، وبناء علاقات شراكة وتعاون مع عصابات التهريب المنظم للمواد المخدرة. وتعتمد القاعدة فى المغرب الإسلامى والمنظمات العاملة تحت مظلتها كذلك على اختطاف الأفراد وقبض الفدية مقابل إطلاق سراحهم أحياء.. وهو ما كشفته واقعة اختطاف 32 سائحا أوروبيا فى الجزائر فى فبراير عام 2003 . وفى يناير 2012 كشف النقاب عن علاقة بين عصابات القرصنة البحرية فى القرن الأفريقى وبين عناصر حركة الشباب الصومالى التى قدرت تقارير استخبارية حصيلتها من مدفوعات فدية المختطفين فى عمليات القرصنة خلال العام 2011 وحده بنحو 11 مليون دولار أمريكى، وإلى جانب الإتجار فى المخدرات بما فى ذلك القات وعائدات القرصنة تحصل القاعدة فى المغرب الإسلامى بأفريقيا على تبرعات سخية من شخصيات ومنظمات عادة لا يتم الإعلان عنها سوى أنها فى صورة مساعدات خيرية وإنسانية وذات طابع إغاثى. كما تعد تجارة الفحم أحد مصادر تمويل أنشطة حركة الشباب فى الصومال، وذلك عبر ميناء كيسمايو فى كينيا بما يقابله مليون دولار أمريكى سنويا. ويؤكد المراقبون أن مواجهة وكلاء تنظيم القاعدة فى أفريقيا وإن كانت تتم بالسلاح فإنهاأيضا يجب أن تتم بسلاح آخر وهو سلاح التنمية وذلك من خلال تهيئة الوضع الاقتصادى والاجتماعى الجاذب للشباب الصغير من أعضاء التنظيمات الأصولية المسلحة فى شمال مالى لكى يفض ارتباطه عن تلك التنظيمات الإجرامية، وبما يقطع الطريق كذلك على مؤيدى تلك المنظمات ومموليها فى الاستمرار فى دعم أنشطتها. وبحسب تقارير حلف شمال الأطلنطى فإن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وغيرها من الوكالات الإنمائية الدولية بإمكانها أن تلعب دورا قائدا فى جهود المواجهة غير المسلحة مع خطر إرهاب القاعدة فى أفريقيا من خلال حزم الدعم التنموى فى مناطق القارة الأكثر فقرا. كما يجب أن تتم المواجهة الأمنية بغطاء شعبى ضمانا لفاعليتها، وقد كان لافتا إلى أن تشكلت فى مالى مؤخرا ميليشيات شعبية تضم رجالا ونساءً أطلقت على نفسها اسم قوى المقاومة الوطنية لدعم جهود القوات النظامية للجيش فى التصدى لأنشطة مسلحى القاعدة بشمال مالى.