في ظل دولة يغلب التدين على شعبها، كان طبيعيا توسع المواطنين في إنشاء الزوايا لإقامة الصلوات، وذلك تحت إشراف وزارة الأوقاف، كونها الوزارة المعنية بشئون الدعوة، والحريصة على تطبيق المنهج الأزهرى الوسطى، ونشر سماحة الدين الإسلامى، وتأكيد نبذ العنف والتطرف، لكن الغريب أن تلك الزوايا سرعان ما استغلها المتطرفون، لينشروا من خلالها الأفكار البعيدة عن الدين الإسلامى، وهى أفكار تكفيرية ومتشددة تؤدى بالبلاد إلى ما لا يحمد عقباه على النحو الذي يعانيه الشارع المصرى حاليا. المتحدث الإعلامي لوزارة الأوقاف الشيخ سلامة عبد القوى، أكد أن هناك نحو 13 ألف زاوية مسجلة بشكل رسمى في الوزارة، بينما الإحصاءات غير الرسمية تقدر عددها بنحو 40 ألف زاوية، حرص أغلب المواطنين الذين أنشأوها على ضمها للأوقاف، لتكون تحت إشراف الوزارة الدعوية، إيمانا بدورها في النهوض بالدعوة، غير أن نتيجة أخطاء تراكمية على مر السنوات الماضية، وغياب الإشراف على هذه الزوايا، خضعت بشكل أو بآخر تحت سيطرة الجهاديين والتكفيرين، لاسيما في الأماكن الحدودية من البلاد، وسيناء بشكل خاص، إذا يوجد الكثير من الزوايا التي لا تعلم الوزارة عنها شيئا، ويتم فيها تدريب الأطفال وتعليم الجهاد، ويشرف عليها المدعون ممن لا صلة لهم بأمور الدعوة الإسلامية من قريب أو بعيد. وكشف الشيخ عبدالقوى أن بعض هذه الزوايا عبارة عن "عشش فراخ"، لكن الهدف الرئيسى من إنشائها استغلالها في نشر أفكار المتطرفين، مما يتطلب ضرورة مواجهتهم بالفكر، وإرسال القوافل الدعوية إلى هناك، للتواصل مع المواطنين والسكان الموجودين، ولتأكيد وسطية الإسلام وبراءته من الأفكار المتطرفة. ونال قرار الدكتور طلعت عفيفى - وزير الأوقاف السابق - منع إقامة صلاة الجمعة بالزوايا، إشادة الدكتور سالم عبد الجليل - وكيل الوزارة السابق - على اعتبار أن منابرها يصعدها من لا علاقة لة بالعلم، مما قد يتسبب في نشر فكر مغلوط عن الإسلام أو غير دقيق، وربما فكر متطرف، الأمر إلى يتطلب أن تكون الوزارة على إدراك كامل بمن يخطب على منابر هذه الزوايا، ليعلم محتوى الرسالة الدعوية التي توجهها الوزارة للمواطنين، مؤكدًا تلقيه خلال فترة رئاسته لإدارة شئون الدعوة بالأوقاف، شكاوى عديدة ضد خطباء بعض الزوايا الذين يغذون الناس بأفكار شاذة. الدكتور عبد الجليل الذي شدد على ضرورة إغلاق الزوايا غير التابعة لوزارة الأوقاف ولا تخضع لإشرافها، حذر في الوقت ذاته من تصارع الاتجاهات الفكرية والدينية على الزوايا، بما يهدد قدسية المساجد. بينما أكد مصدر مسئول بوزارة الأوقاف، أن سيطرة الجهاديين امتدت للمساجد أيضًا ولم يقتصر على الزوايا، وهذا تلاحظ بشكل كبير خاصة في منطقة سيناء، ويرحع ذلك إلى الطبيعة الجغرافية للمنطقة، وعدم توافر مواصلات تقوم بنقل الأئمة إلى المساجد، الأمر الذي دعا الأئمة إلى طلب سيارات لتقلهم من وإلى المساجد، خاصة مع توفير الأوقاف سيارات لوكلاء ومديري المديريات، وهو ما رفضته الوزارة، فضلًا عن قلة أعداد المفتشين، وانتشار الفساد بين أروقة الوزارة.