مرسي توهم أن مصر قبيلة.. وثورة 30 يونيو أعظم من 25 يناير "تمرد" فضحت فشل النخبة.. وتستحق جائزة "نوبل" الرئيس المؤقت لا يملك إصدار إعلانات دستورية الفراغ التشريعى يهدد الفترة الانتقالية لجنة "البشرى" سلمت مصر للإخوان لست مع إقصاء الإسلاميين أو عزلهم سياسيا عودة "شفيق" واردة وترشحه للرئاسة جائز عبر الفقيه الدستورى الدكتور إبراهيم درويش، عن فخره بشباب حركة "تمرد" ورشح قياداتها لجائزة "نوبل"، معتبرا 30 يونيو ثورة جديدة قائمة بذاتها وليست استكمالا لثورة 25 يناير، بل أعظم منها، خاصة أنها أنهت حكم الرئيس مرسي الذي تعامل مع مصر على أنها قبيلة. واستعرض "درويش" في حواره ل"فيتو"، أهم ملامح الدستور الجديد الذي تحتاجه مصر، والذي لا يجب أن يزيد على 20 مادة، مقترحا تشريعا جديدا للخروج بالبلاد من أزمة الفراغ الدستورى خلال الفترة الانتقالية التي قد تمتد لأكثر من 9 أشهر، كما رفض قرار القوات المسلحة بتعطيل الدستور، منبها على أنه يسقط بسقوط رأس الدولة، وإلى نص الحوار: - كيف قرأت المشهد السياسي في ضوء انحياز القوات المسلحة لصف الشعب دون السلطة؟ - في البداية، أحب أن أؤكد أن ثورة "30 يونيو" هي ثورة حقيقية جديدة وليست استكمالا لثورة 25 يناير، لأنها قامت بجهود شباب صغار هم أعضاء حركة "تمرد" الذين نجحوا فيما أخفقت فيه النخبة التي لم تستطع توحيد صفوف الجماهير وحشدهم كما نجحت تمرد، وفى تقديرى ثورة 30 يونيو أعظم من ثورة 25 يناير، فقد بدأت بحركة صغيرة لمجموعة من الشباب أرادوا التغيير وانتهت بثورة عظيمة على غرار ثورة يوليو 52، عندما قام مجموعة من الضباط الصغار بالجيش بدعوة تمردية أيضا على النظام الملكى المستبد بالبلاد، لذا أشعر بالفخر الممزوج بالذهول أمام هؤلاء الشباب وأطلقت دعوات لترشيح قادة تمرد لجائزة نوبل. - ثورة 25 يناير قامت بإرادة شعب ضد ظلم حاكم، وثورة 30 يونيو لرفض سياسات نظام حاكم.. ما تقييمك للثورتين؟ - هدف ثورة 30 يونيو هو الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة لفشل الدكتور محمد مرسي الشديد في إدارة الدولة أو تحقيق أي من وعوده للشعب، ولكن ذلك المطلب سعى لهدف أكبر هو إسقاط نظام حكم الإخوان بأكمله وطرد مرسي من موقعه كرئيس، فهو الآن يسمى الرئيس "المطرود" على عكس حسنى مبارك الذي يسمى الرئيس السابق لأنه تنازل عن منصبه كرئيس للجمهورية، وقرر بإرادته نقل جميع سلطاته للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، أما ما حدث مع محمد مرسي عبارة عن صورة شديدة الكراهية من قبل الشعب لحكمه ولجماعة الإخوان الذين كانوا يحكمون مصر في واقع الأمر. - وما أخطاء أو خطايا "مرسي" في رأيك؟ - مرسي لم يحكم مصر كدولة، وإنما تعامل على أنه رئيس قبيلة، فكان يتخذ قراراته دون الرجوع لأحد سوى مكتب الإرشاد، وتجاهل مستشاريه وعين 12 محافظا من الإخوان من جملة 17 محافظا، و9 وزراء من جماعته، أيضا دخل في مواجهة مع القضاء وحوصرت المحكمة الدستورية التي هي ثالث أعرق محكمة في العالم، ولم يحرك ساكنا، وما زاد من سخط الشعب عليه، سعيه لأخونة كل مؤسسات الدولة، وأحب أن أنبه أن شرارة الكراهية بين مرسي والشعب المصرى بدأت منذ أن أعلن إعلانه الدستورى الذي نصب نفسه من خلاله ديكتاتورا والذي عقبه تأسيس جبهة الإنقاذ وتوالى المليونيات المختلفة ضد مرسي ونظام الإخوان، فضلا عن أن مرسي بالغ في وعوده الوردية للشعب وفشل في تحقيق أي منها ما زاد حنق الملايين الذين خرجوا لإعلان رفضهم له ولجماعته. - كيف قرأت بيان القوات المسلحة الذي تلاه الفريق السيسى وما جاء خلاله من تعطيل الدستور؟ - أحب أن أنبه أولا على أنه عندما يسقط نظام لابد أن يسقط الدستور معه فورا، كذلك تسقط معه كل مؤسسات الدولة، وهذا ليس رأيا شخصيا وإنما كل النظم السياسية وكل دساتير العالم تقول هذا، وبإزاحة النظام وسقوط رأس الدولة يسقط الدستور بالتبعية ولا يعطل فقط، لذا أرى أن هذا خطأ وقعت فيه القوات المسلحة، فإزاحة رأس الدولة يترتب عليه سقوط الدستور فورا، وهذا قول فاصل. - وما الفرق بين تعطيل الدستور وسقوطه؟ - التعطيل يترتب عليه تشكيل لجنة لإجراء تعديلات دستورية، إذن فلا بد في هذه الحالة من استدعاء الدستور المعطل، وهذا يعنى أنه موجود ولم ينته العمل به بل ستدخل بعض التعديلات على بعض مواده، أما سقوط الدستور فيعنى عدم الرجوع إليه مطلقا وانتهاء العمل به، وما حدث الآن حدث في 14 فبراير 2011 ولكن بطريقة عبثية جدا للقضاء على ثورة 25 يناير، فعندما نقل الرئيس الأسبق حسنى مبارك سلطاته للمجلس الأعلى للقوات المسلحة والذي أصدر بدوره إعلانه الدستورى في 13 فبراير 2011 شكلت لجنة "البشرى" لتعديل الدستور برئاسة المستشار "طارق البشرى" بمشاركة عدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين والمقربين لهم منهم صبحى صالح والمرحوم عاطف البنا وأيضا حاتم بجاتو وغيرهم، هذه اللجنة حطمت ثورة 25 يناير وقضت على مكتسباتها، بل حطمت مستقبل مصر ومهدت لتسليمها لجماعة الإخوان، لأن هذه التعديلات أفضت إلى إجراء انتخابات برلمانية قبل وضع دستور جديد للبلاد، فالدستور هو الأب الشرعى لكل مؤسسات الدولة وتتكون على مرجعيته السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية بالبلاد، ولا يحق مطلقا لأى من هذه السلطات أن تخلق دستورا، فهذا عبث وهو بالفعل ما سعت إليه هذه اللجنة. - وكيف سهلت تلك الإجراءات سيطرة الإخوان على مصر؟ - مهدت لسيطرة الإخوان الذين استطاعوا أن يقفزوا لتحطيم النظام السياسي والسيطرة على دستور البلاد، وبدأوا منذ هذه اللحظة رسم خطتهم للسيطرة على البلاد من خلال إجراء انتخابات برلمانية تكون لهم الأغلبية فيها ثم إعداد دستور إخوانى مشوه خانق للحريات، ومن ثم أخونة كل مؤسسات الدولة. - وماذا عن الموقف الآن، هل سنعود للعمل بدستور 1971 أم بالدستور الإخوانى؟ - لقد كنت رئيسا للجنة التي أعدت دستور 1971 وقمت بتسليمه للرئيس الراحل أنور السادات للاستفتاء عليه في سبتمر 1971، إلا أننى فوجئت بنشر دستور آخر مخالف تماما لما قمت بإعداده، فقد قام السادات بتغييره بمشاركة المستشار جمال العطيفى وعبد السلام الزيات اللذين أقنعا السادات بأن هذا الدستور سيقوم بنزع سلطاته، فتحول دستور 71 إلى أداة لتقليص سلطات البلاد في يد رئيس الجمهورية، لذا قمت بمعاونة أستاذى الدكتور عبد الحميد متولى بتوثيق التعديلات التي أدخلت على الدستور الذي أعددته وأصدرناها في كتاب للتاريخ، فدستور 1971 القائم ليس إلا نسخة مشوهة من دستور 71 الأصلى الذي أعددته، ثم أدخل عليه مبارك تعديلات عام 2005 وأخرى في 2007 أفسدته أكثر وأكثر. - وهل توجد رقابة قضائية سابقة على دستورية القوانين؟ - إطلاقا.. ويجب أن تنبه المحكمة الدستورية إلى أنه لا توجد رقابة قضائية سابقة على دستورية القوانين، وإنما هي رقابة لاحقة، بمعنى أن تراجع هل القوانين متوافقة مع الدستور أم لا، ويصح أن يكون قانونا أم لا، والرقابة السابقة على مشروعية القوانين يأخذ بها في النظام الفرنسى فقط. - وماذا عن أهم ملامح الدستور الجديد الذي تحتاجه مصر الآن؟ - الدستور يجب أن يتضمن أربعة أقسام أو أبواب؛ الحقوق والحريات العامة، والمقومات الأساسية للمجتمع، والسلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، تتكون هذه الأبواب من فصول لا يجب أن يتجاوز كل فصل منها 5 مواد، أي أن الدستور بأكمله لا يجب أن يزيد على 20 مادة، أما اشتمال الدساتير السابقة على 300 و400 مادة فهذا غير جائز مطلقا في الدساتير الحديثة، فنحن نريد دستور نستطيع قراءته في عشر دقائق وفهمه واستيعابه دون الحاجة إلى معجم مختار الصحاح لفهمه، ودستور الولاياتالمتحدة يتكون من 7 مواد منذ قرنين ونصف القرن ولم يتغير بل أدخل عليه بعض التعديلات بباب الحقوق المدنية والحريات، وإذا طلب منى المشاركة سأسارع على الفور في إعداد دستور جديد للبلاد، فأنا "صنايعى" دستور ولَدَىَّ مشروع دستور جاهز، فصناعة الدستور مثل صناعة الماس، أما الدستور الذي أعد بنظام "شيِّلْنى واشيِّلَك" وبالسباب والشتائم فقد قاد الشعلة إلى ثورة جديدة. - وما شكل نظام الحكم الأصلح لضمان عدم وضع صلاحيات مطلقة في يد الرئيس؟ وأى دساتير العالم يمكن الاستفادة أو الأخذ منها في رأيك؟ - لا يوجد دستور يضع صلاحيات مطلقة في يد الرئيس، وإنما لابد من إحداث توازن عبر صانع الدستور، ولا يمكن نقل دستور مجتمع لمجتمع آخر لأن الدستور ترجمة للعلاقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بين أفراد المجتمع ومؤسساته، فنحن نحتاج إلى دستور جديد خاص بنا يتناسب مع طبيعة مجتمعاتنا. - القبض على خيرت الشاطر وعدد من قادة جماعة الإخوان وما أثير من فوضى بالشارع وسقوط ضحايا بسبب الدفاع عن شرعية الرئيس مرسي.. كيف قرأت المشهد؟ - بالتأكيد هناك عمليات فوضى وإثارة للرعب من قبل جماعة الإخوان المسلمين، خاصة بعد الخطبة التي ألقاها المرشد العام للجماعة في ميدان رابعة العدوية، فربما يكون هذا رد فعل لتخلى الجيش عن السلطة وانحيازه لرغبة الشعب إلا أننى أثق في قدرة الجيش المصرى في السيطرة على الوضع. - وما تعليقك على القبض على قادة جماعة الإخوان ومنعهم من السفر؟ - لا أود الدخول في هذه المسائل الشائكة، فالأمور ما زالت ضبابية ولا نعلم بالفعل هل هم مدانون أم لا، وهل قاموا بالتحريض على قتل المتظاهرين أم لا، ونترك ذلك لتحقيقات النيابة. - الرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور أصدر إعلانا دستوريا.. فهل يعنى ذلك أنه سيتولى تلك المسألة أم من الممكن عودة المجلس العسكري للسلطة مرة أخرى من خلال إصداره إعلانات دستورية إذا تطلب الأمر ذلك؟ - القوات المسلحة بقيادة الفريق السيسى أعلنت موقفها واضحا بعدم العودة مرة أخرى لممارسة الحياة السياسية بصورة مباشرة، وورد في بيان القوات المسلحة أن رئيس الدولة المؤقت هو الذي سيتولى إصدار الإعلانات الدستورية، وهنا أحب أن أنبه على أن هذا خطأ دستورى آخر يضاف إلى خطأ تعطيل الدستور لأن الإعلانات الدستورية هي بمثابة دستور مؤقت للبلاد لا يملك إصدارها إلا السلطة التأسيسية التي تجمع بين سلطات عديدة، وهذا حدث بالفعل مرتين في مصر، الأولى عقب ثورة يوليو 52 والأخرى عقب قيام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بمباشرة مهام رئيس الجمهورية والسلطة التشريعية بالبلاد، أما رئيس الجمهورية المؤقت فلا يملك هذا الحق. - وماذا عن المرحلة الانتقالية المقبلة والسيناريو المتوقع لها، ومن سيقوم بالتشريع خلال هذه المرحلة التي قد تستمر لتسعة أشهر لحين الدعوة لإجراء انتخابات رئاسية؟ - بالنسبة للمرحلة الانتقالية فأتوقع أن تكون مليئة بمشكلات عدة نظرا للفراغ التشريعى، وقد تقدمت باقتراح للمجلس الأعلى للقوات المسلحة بأن تتم العملية التشريعية من خلال إرسال كل وزارة تشريعاتها إلى مجلس الوزراء الذي يقوم بدوره بإرسالها إلى قسم التشريع بمجلس الدولة القائم منذ عام 1946 ليعيد صياغتها وتجويدها ودراستها من الناحية القانونية قبل إرسالها لرئيس الدولة لتوقيعها، فأى تشريع حتى لو كان صادرا من مجلس النواب أو مجلس الشورى لا بد أن يمر على مجلس الدولة طبقا للمواد 63، 64، 65، 66 من قانون مجلس الدولة. - ما تعليقك على الطرح الذي تنادى به بعض القوى الثورية من تقديم الرئيس السابق محمد مرسي للمحاكمة؟ - إذا قتل أو ارتكب أخطاء أثناء فترة رئاسته فلا بد من محاسبته عليها، على ألا يكون هذا الطرح لمجرد الرغبة في التشفى والانتقام، فأنا كرجل قانون لا بد أن أحكم بالمستندات ولا بد من وجود أدلة لتقديمه للمحاكمة. - هل تؤيد عودة جماعة الإخوان وحزبها الحرية والعدالة لممارسة الحياة السياسية كفصيل سياسي أم مع إقصائها؟ - لست مع إقصاء أحد فمصر بلدنا جميعا، ومن أخطا يحاكم على المستوى الفردى والشخصى، ولا يجب أن يعاد تقديم نفس النهج الذي حدث مع مبارك وأعضاء الوطنى وعزلهم سياسيا، فالإخوان والسلفيون والشيعة مصريون، وكل هؤلاء سواء اتفقنا أم اختلفنا معهم لا بد أن يكون لهم دور وتواجد في الحياة السياسية. - وماذا لو طرح قانون للعزل السياسي لجماعة الإخوان المسلمين وحزبها؟ - أنا ضد هذا القانون منذ أن ابتدعه واختلقه عصام سلطان، فالعزل السياسي لا يجوز أن يكون لفصيل سياسي بالكامل، وإنما يقع على شخص ارتكب جريمة جنائية ترتب عليها عزله سياسيا طبقا لقانون مباشرة الحقوق السياسية، أما الرغبة في التشفى والانتقام وما نحو ذلك أرفضه تماما. - وما تعليقك على دعاوى العنف والاقتتال التي انتشرت في القاهرة والمحافظات عقب تنحية الجيش لمرسي؟ - أدعو الجميع للصفح والتسامح وإعلاء قيمة حب الوطن فوق كل شيء وكل مصلحة شخصية، وأدعو جماعة الإخوان والقوى الإسلامية بالبعد عن دعاوى العنف والتخريب والامتثال للعقل حقنا للدماء، فالعنف والدماء لن تحقق أي مكاسب، على العكس ربما تواجه بمزيد من العنف أيضا والتخريب للوطن. - وماذا عن ملف الانتخابات الرئاسية وما أعلن من قبل عن تزويرها لصالح الرئيس السابق محمد مرسي، هل من الممكن الآن فتح تفاصيل هذا الملف؟ - لدى الكثير في هذا الملف ولكن لن أتحدث عنه الآن، ولدى أشياء كثيرة سوف أعلنها في الوقت المناسب، ولكنى أفضل ترك هذا الملف الآن، فالتاريخ هو الذي سوف يحكم فيه. - وأخيرا هل سيعود الفريق أحمد شفيق لمصر؟ وهل من الممكن أن يرشح نفسه مرة أخرى في الانتخابات الرئاسية المقبلة؟ - هذا أمر متروك للفريق شفيق، ولكن إذا عاد وكان عليه عقوبة فلتطبق، ومعلوماتى أنه ليس عليه حكم قضائى وإنما هو على قوائم المترقبين، فإذا لم يرتكب إثما فليعد وليطلب رفع اسمه من قوائم المترقب وصولهم من الخارج، وإذا رغب في الترشح مرة أخرى للانتخابات الرئاسية فليفعل.