اثنا عشر شهرا من الضحك والسخرية المرة، كانت نهايتها سقوط إخوان قراقوش، وقد اتفق الجميع على ذلك، جميع التيارات السياسية والبحرية، الانكشارية والحزبية، الليبرالية والافتراضية حتى إخوتنا في الدعوة السلفية لم يستطيعوا هضم كذب الإخوان الأبيض منه والأسود، والحقيقة لم تكن هناك حتى كذبة واحدة بيضاء، أما رئيسهم المطاط محمد مرسي العياط، فهو رجل لا حول له ولا قوة، وأثبتت الجماعة أن أعظم أخطائها وأفدحها وربما الذي فيه نهايتها هي أنها اضطرت لاختيار بديل استبن لا يمكنه اتخاذ قرار أو النطق بكلمة دون العودة إلى مرشده وولي نعمته، ربما يملك حنجرة من النوع الحنجوري المتوعد مثله في ذلك ابنه الشرس علاء عبدالعزيز وزير الثقافة المزعوم الذي مايفتأ يكرر "هاعاقبهم"، ثم يضرب على الترابيزة في مجلس الشورى الصوري ويكرر"ماحدش يزايد علىَّ" كأن "مناقصة إقالة المسئولين في وزارة الثقافة" ستهرب منه، أما الوزير الذي أعتقد أنه يمثل التربية الحقيقية لأربعين عاما قضاها جليسا في الإخوان فهو الطفل المتحرش المعجزة الفائق الذكورة المحروس "المتولي" طيب الله ذكره وأبقاه جليس غرفته لا يغادرها، ففي كل مرة يظهر فيها يرتكب إثما، ويبدو أن قانون الزوجات الأربع لم يطرق بابه بعد، والوزير الأهم الذي لم تأت به ولادة ولا دادة ولم يرد ذكره في عيادة فهو وزير الري، هذا الرجل الفاقد الذاكرة تماما، فهو لا يعلم لماذا هناك أزمة حول نهر النيل، ولماذا تثار كل هذه المواويل، وأعتقد أنه أخدها من قاصرها وقرر إغلاق تليفونه، إلى حين أن يكون هناك جديد مثل قطع مياه النيل تماما، أما محافظ الأقصر المعجزة المنزلة من السماء فكان يجب أن تنتهي سريعا. الأخطاء التي ارتكبها أهل الفاشوش لا تعد ولا تحصى، سلسلة متتالية سريعة من الأخطاء منذ تلك اللحظة التي قالوا فيها إنهم لن يرشحوا أحدا لرئاسة الجمهورية، ثم بدأت الوعود والنكث بها تتوالى، ولا تكاد تنتهي، ويصادف ذلك كوارث تضرب مصر من صعيدها إلى شمالها كحادث قطار الصعيد والفتنة الطائفية وتنتهي أخيرا بفتنة الشيعة، وتقف البلد كلها على شفا حفرة من النار، الجحيم يتحرك في كل أنحاء مصر، اللهب يتصاعد وتأتي حركة تمرد لتقضى على البقية الباقية من حكم الفاشوش عن سبق إصرار وترصد كاملين، وهاهي مصر تكاد تحترق ولأنهم باحثون بامتياز منقطع النظير عن السلطة، في الوقت الذي كانوا يعتقدون أن الفرخة باضت لهم في القفص يكتشفون أنهم هم الذين يجلسون في عشة الفراخ وحدهم، ويبدأ النزاع بينهم، لأن كل اختياراتهم وكل رهاناتهم كانت سيئة، ولم تكن في صالحهم.. هاهي النهاية أو أظن أنها باتت قريبة، ولم يستطع خطاب مرسي الأخير إلا أن يزيد الأمور اشتعالا، حيث كان واضحا أنه في خطابه مصاب باحتقان الزور، فيما كانت العشيرة تهلل في نصف القاعة الخلفي، كأن د. مرسي يتخيل أنه يقوم بدور عبد الناصر في مارس 1954 أو دور السادات أثناء ثورة التصحيح في مايو 1971، ولذلك كانت قراراته الثورية مثار استهجان الجميع. أتذكر من التاريخ تلك الصيحة في الثورة الفرنسية التي جعلت باريس كلها ترتعد "اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر رجل دين"، كانت موجهة لرجال الكنيسة الكاثوليكية الذين روعوا الفرنسيين بالحرام والحلال وصكوك الغفران، إن القضاء على الفتن الطائفية، والصراع الشيعي السني، وشيوخ الفتاوى والتكفير لا يتم إلا في دولة مدنية يسود فيها القانون، أما دولة الفاشوش فيجب أن ترحل، حتى يمكن بناء مصر الجديدة، حلم الثورة الوحيد!