معركة حامية دارت بين الإخوان والسلفيين من أجل السيطرة على الوزارة الأكثر أهمية، كونها المسئولة عن تشكيل وعى وأفكار الجيال القادمة، إلا أن جماعة الإخوان المسلمين، حسمت الأمر لصالحها في حكومة الدكتور هشام قنديل، عندما رسى اختيارها على الدكتور إبراهيم غنيم، أستاذ التربية، خامل الذكر قبل أن يتولى الوزارة. وقد واجه الدكتور غنيم الكثير من المصاعب في رحلة تمكين كوادر وقيادات جماعة الإخوان المسلمين من مقاليد الأمور داخل الوزارة، وكانت هناك جبهة كبيرة من المعارضة تمثلت في القيادات القديمة التي كانت تتبع الحزب الوطنى المنحل. واستطاع غنيم خلال 10 أشهر أن يمكن ما يقرب من 400 قيادة إخوانية في ديوان الوزارة والمديريات والإدارات التعليمية، واتخذ في سبيل ذلك عدد من الإجراءات التي يتيحها له قانون التعليم الحالى، حيث رفض غنيم التجديد لكل من يدرك سن المعاش، من أجل تسكين أعضاء الجماعة في الأماكن القيادية، إضافة إلى استخدام سلطته كوزير في الإتيان بمدير عام للعلاقات العامة والإعلام من الجماعة ليبرر كل ما يتخذه الوزير في سبيل تمكين الجماعة، وذلك بالرغم من أن الوزارة بها كفاءات في إدارة الإعلام تمتلك أضعاف ما يمتلكه محمد السروجى المدير الحالى، والمتحدث باسم الوزارة، والذي كان كل مؤهلاته الإعلامية أنه يعمل مدرسًا لمادة الفيزياء، ويرأس مجلس إدارة مجموعة من المدارس الخاصة الإخوانية بالغربية. السروجى تولى منصبه ليبرر للوزير المئات من القرارات الخاصة بتمكين الجماعة، وكان أبرز من ضمهم غنيم بأوامر مباشرة من مكتب الجماعة، المهندس عدلى القزاز، مستشار الوزير لتطوير التعليم، حتى أصبح القزاز هو الوزير الفعلى، فلا يبرم ولا يعقد أمر داخل الديوان إلا بعد مشورته. قدوم القزاز والسروجى، كان المدخل لتمكين باقى أعضاء الجماعة، فقد أعقب ذلك استعانة الوزير بالمستشار أحمد فؤاد، شقيق مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدستورية والقانونية - حينذاك - محمد فؤاد جاد الله داخل ديوان عام وزارة التعليم، كمستشار قانونى له، بدلا من المستشار يحيى الدكرورى الذي كان يحسب على النظام السابق. أيضا استبدل الدكتور غنيم رئيس قطاع الكتب السابق المحسوب على النظام السابق، بالإخوانى أحمد المصرى، كما استعان بالدكتور مجدى بخيت أستاذ الهندسة القادم من ألمانيا لتولى منصب رئيس قطاع التعليم الفنى بدلا من الدكتور محمود أبو النصر، وكذلك استعان بالمهندس عمر عبدالله مسئول ملف المهندسين بالجماعة ليكون مستشارا هندسيا للوزير، والدكتور عماد البعلى مستشار الوزير للتعاون الدولى، وكذلك أشرف عبدالفتاح خلف مدرس التربية الرياضية - ابن كفر البطيخ بدمياط - الذي جاء به رائدا لاتحاد الطلاب بدلا من إبراهيم الشبكشى الذي عرف بعدائه لجماعة الإخوان المسلمين وسياستها، فضلًا عن مستشارى المواد داخل الوزارة، حيث تم تعيين المهندس محمد مبروك مستشار الوزير للتربية الزراعية، كذلك تم انتداب مدرسة لغة إنجليزية من محافظة بورسعيد لتقوم بمهام مستشار اللغة الإنجليزية بالديوان لكونها زوجة أحد قيادات حزب الحرية والعدالة ببورسعيد، وتم استبدال مدير إدارة المخازن والمشتريات بالوزارة باحد أبناء الجماعة، وطارق الفيل بإدارة الشئون القانونية، وطاقم سكرتارية المهندس عدلى القزاز مستشار الوزير لتطوير التعليم، والمكون من 4 موظفين على رأسهم محمد الضوى ورضا حسين. الدكتور غنيم أصر أيضًا على الإطاحة بمجلس إدارة المعاهد القومية، ليأتى بمجلس إخوانى كامل برئاسة المهندس حمدى عبد الحليم، ثم عين أحد أبناء الجماعة أمينا لصندوق دعم وتطوير المشروعات التعليمية التابع للوزارة، والذي يتحكم في الأموال المنصرفة على بناء المشروعات التعليمية، هذا بخلاف عدد كبير من الذين أسكنهم الدكتور غنيم على رأس العمل في المديريات التعليمية والإدارات التابعة لها. وعقب رحيل النظام الإخوانى سيواجه أعضاء الجماعة الذين تم تسكينهم كقيادات صعوبات كبيرة عند إصراراهم على الاستمرار في العمل، وذلك بسبب وجود عدد كبير من أنصار النظام القديم داخل ديوان عام الوزارة، والذين يرفضون تحكم أبناء الجماعة في مقاليد الأمور داخل الوزارة، ومن أبرز الذين يواجهون صعوابات المهندس عدلى القزاز، الذي جاء بقرار انتداب، ومن السهل إلغاء ندبه، وكذلك محمد السروجى الذي كان منتدبا قبل أن يعلن الدكتور غنيم عن مسابقة خصيصًا من أجل عيون السروجى، والتي لم يعلن إن كان قد تقدم فيها أحد أم لا، كما أن نتيجة تلك المسابقة لم يعلن عنها، لأنه تم تعيين السروجى مديرا عاما للعلاقات العامة والإعلام بدلا من نظام الندب. وزير التعليم استبدل أيضًا الدكتور صلاح عرفة مدير المركز القومى لتطوير المناهج بالإخوانى الدكتور محمد رجب الذي يستحوذ على 3 مناصب دفعة واحدة، فهو مدير المركز القومى لتطوير المناهج، والمركز القومى للامتحانات والتقويم التربوى، ومستشار وزير التربية والتعليم لتطوير المناهج. وفى مديريات التربية والتعليم، تم تعيين سعد السيد أحمد الشربينى - مدير عام التعليم الفنى بمديرية التعليم بدمياط - والذي تم انتدابه مديرًا للمديرية بدمياط، وهو المعروف بانتمائه للإخوان، وكان من الداعمين للجماعة في انتخابات النقابة وكافة الانتخابات والاستفتاءات، واستغل منصبه الجديد في تخصيص مكتب لشقيقه الذي كان يعمل موظفًا بأمن بالمديرية ليظل جالسًا على مكتب بجوار شقيقه دون عمل محدد، وكذلك انتدب الشربينى شقيقه الآخر المدرس بإدارة فارسكور ليتم تعيينه بمنصب في إدارة التعليم الإبتدائى بالمديرية. وفى دمياط تم تصعيد محمد الفلاحجى موجه الدراسات الاجتماعية المنتدب ليصبح مديرا عاما للعلاقات العامة بالمديرية، كما عين الدكتور إبراهيم السمان عضو الجماعة مديرًا لإدارة دمياط التعليمية، وفى محافظة الشرقية عين الإخوانى أحمد عبدالمقصود المشرف على المدارس القومية العربية الخاصة موجه أول بإدارة كفر صقر التعليمية. وفى الإسكندرية تم تصعيد القيادى الإخوانى حسن العيسوى - أمين صندوق نقابة المعلمين- ليصبح مديرا لإدارة غرب الإسكندرية التعليمية. وفى المنيا ندب الوزير إبراهيم غنيم ممدوح مبروك، وكيل إدارة التعليم بمركز بنى مزار بالمنيا، للقيام بأعمال وكيل المديرية بالمحافظة، بدلًا من محمود وهدان، الذي تم نقله مديرا للإدارة المركزية للخدمات التربوية بديوان عام الوزارة، ثم أصدر قرارا بندبه القيام بأعمال مدير مديرية التربية والتعليم بالمحافظة، وفى أقل من أسبوعين تم استصدار قرار بتعيينه مديرًا لمديرية التربية والتعليم بالمنيا. ورغم أن إمكانية عودة القيادات القديمة لمناصبها أمر مستحيل، فإن زوال النظام الإخوانى، سيفتح المجال أمام عدد كبير من قيادات الصف الثانى والثالث في الوزارة للترقى، وتصدر المشهد في ديوان عام وزارة التربة والتعليم، كما أنه سيعطى قبلة الحياة لقيادات أخرى كثيرة تم تهميش دورها داخل الديوان وتقلص عدد كبير من اختصاصاتها في ظل وجود الجماعة.