سمعنا في عصر الثورة عن الوزير الهارب، والرئيس الهارب، ورجل الأعمال الهارب، لكن زميلنا يحيى غانم، رئيس مجلس إدارة دار الهلال، كان صاحب السبق في أن يصبح الصحفى الهارب، فالرجل الذي غادر مصر منذ عدة أسابيع، وتحديدًا قبل أيام من صدور حكم قضائي ضده بالسجن في القضية المعروفة إعلاميا ب"التمويل" الأجنبى" فاجأنا – ومن قبله قيادات الزميلة "المصور"- بفاصل إعلانى – على طريقته- كشف فيه عن المغامرات الخفية في القارة الأفريقية، تحدث عن "الأيام الخوالى"، كتب عن رحلاته إلى "الكونجو" تحدث عن أزمة غطاء "الكازوزة" الذي من أجله انكسرت ظهور الكونجوليين، تحدث أيضًا عن حكاية "الفرخة المجمدة" و"الجائزة الكبرى" "العنزة". المتعة التي قدمها لنا "غانم" في ذكرياته لما مضى كان ممكن لها أن تجعلنا ننسي حكاية أنه "الصحفى الهارب" من حكم قضائي وليس من حاكم جائر، لكنه أصر على إفساد متعتنا بحكاياته الأفريقية، فقد أعلن الحرب – متخذًا من موقف الإدارة الأمريكية خير مثال- على القضاء المصرى الذي اتهمه بأنه "عدالة أماطت – أزاحت- عن عينيها الغطاء، وجعلته متهمًا". التعاطف مع "غانم" كان جائزًا أن نمنحه إياه- لو تجاوزنا هجومه على القضاء المصرى- لكنه عاد لحكاية غطاء "الكازوزة" الذي يبدو أنه أرقه جدًا، ولكن هذه المرة بلغة من الممكن أن تأخذ من رصيده ولا تضيف له شيئا، حيث قال – حرفيًا-: عندما أنظر إلى الوراء لا أرى الكونجو تقف وحيدة وإنما قاربت بلادى الحبيبة على أن تؤنس وحدتها". ومن جانبنا نريد أن نطمئنه في غربته بأن الشوارع في مصر نظيفة أن أزمة غطاء "الكازوزة " لن تصل لمصر، لأسباب عدة أن بلادنا بها وافر من الدجاج "المجمد" و"المعيز"، ونطالبه أن ياخد باله من صحته لأن الانحناء "مر" – كما قال أمل دنقل- ومن الممكن أن يصبح خلال أسابيع معدودة "الصحفى المكسور".