وزير الخارجية يعلق على دعوات الحرب مع إسرائيل خلال العدوان على غزة    متحدث الصحة: قانون 71 لسنة 2007 للصحة النفسية تأكيد على سرية بيانات متلقي العلاج    رمضان 2026 يشهد صراعًا دراميًا منتظرًا.. دُرّة وأحمد العوضي في قلب أحداث «علي كلاي»    حكيمي يوجه رسالة قوية لجماهير المغرب ويدعو للوحدة خلف المنتخب    خلال جولاته الميدانية.. محافظة الإسكندرية يشن حملة مكبرة بمنطقة باكوس وشارع سينما ليلى بحي شرق    حزب المحافظين يدعو لترحيل علاء عبد الفتاح من لندن.. والديهي ساخرا "خليه عندكم مش عايزينه"    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم قرية عابود شمال غرب رام الله بالضفة الغربية    محافظ الفيوم يتابع غلق لجان التصويت في اليوم الثاني لانتخابات النواب بالدائرتين الأولى والرابعة    مدير مكتبة الإسكندرية يوزع جوائز المبدعين الشباب 2025    رئيس وزراء الصومال: نستخدم القنوات الدبلوماسية للدفاع عن أرضنا ووحدتنا    التشكيل الرسمى لقمة كوت ديفوار ضد الكاميرون فى بطولة كأس أمم أفريقيا    تامر أمين ينتقد أداء الأهلي بعد الخروج من كأس مصر: المشكلة غياب الروح    المستشار إسماعيل زناتي: الدور الأمني والتنظيمي ضَمن للمواطنين الاقتراع بشفافية    أشرف الدوكار: نقابة النقل البري تتحول إلى نموذج خدمي واستثماري متكامل    بوليسيتش يرد على أنباء ارتباطه ب سيدني سويني    تفاصيل وفاة مُسن بتوقف عضلة القلب بعد تعرضه لهجوم كلاب ضالة بأحد شوارع بورسعيد    تفاصيل اجتماع وزير الرياضة مع اتحاد رفع الأثقال    القضاء الإداري يسقِط قرار منع هيفاء وهبي من الغناء في مصر    عاجل- رئيس الوزراء يستقبل المدير العام للمركز الأفريقي لمكافحة الأمراض ويؤكد دعم مصر لاستضافة الآلية الأفريقية للشراء الموحد    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    إيمان عبد العزيز تنتهي من تسجيل أغنية "إبليس" وتستعد لتصويرها في تركيا    سكرتير مساعد الدقهلية يتفقد المركز التكنولوجي بمدينة دكرنس    تراجع أسواق الخليج وسط تداولات محدودة في موسم العطلات    نائب محافظ الجيزة يتفقد عددا من المشروعات الخدمية بمركز منشأة القناطر    أمم أفريقيا 2025| منتخب موزمبيق يهزم الجابون بثلاثية    شوط سلبي أول بين غينيا الاستوائية والسودان في أمم أفريقيا 2025    ترامب يعلن توقف القتال الدائر بين تايلاند وكمبوديا مؤقتا: واشنطن أصبحت الأمم المتحدة الحقيقية    هذا هو سبب وفاة مطرب المهرجانات دق دق صاحب أغنية إخواتي    جامعة بنها تراجع منظومة الجودة والسلامة والصحة المهنية لضمان بيئة عمل آمنة    «مراكز الموت» في المريوطية.. هروب جماعي يفضح مصحات الإدمان المشبوهة    نجاح أول عملية قلب مفتوح بمستشفى طنطا العام في الغربية    سقوط عنصرين جنائيين لغسل 100 مليون جنيه من تجارة المخدرات    محافظ الجيزة يشارك في الاجتماع الشهري لمجلس جامعة القاهرة    «اليوم السابع» نصيب الأسد.. تغطية خاصة لاحتفالية جوائز الصحافة المصرية 2025    وزير الإسكان: مخطط شامل لتطوير وسط القاهرة والمنطقة المحيطة بالأهرامات    نقابة المهندسين تحتفي بالمهندس طارق النبراوي وسط نخبة من الشخصيات العامة    إسكان الشيوخ توجه اتهامات للوزارة بشأن ملف التصالح في مخالفات البناء    هيئة سلامة الغذاء: 6425 رسالة غذائية مصدرة خلال الأسبوع الماضي    محمود عاشور حكمًا لل "VAR" بمواجهة مالي وجزر القمر في كأس الأمم الأفريقية    قضية تهز الرأي العام في أمريكا.. أسرة مراهق تتهم الذكاء الاصطناعي بالتورط في وفاته    رسالة من اللواء عادل عزب مسئول ملف الإخوان الأسبق في الأمن الوطني ل عبد الرحيم علي    وزارة الداخلية تضبط 4 أشخاص جمعوا بطاقات الناخبين    صاحب الفضيلة الشيخ / سعد الفقي يكتب عن : شخصية العام!    " نحنُ بالانتظار " ..قصيدة لأميرة الشعر العربى أ.د.أحلام الحسن    من مخزن المصادرات إلى قفص الاتهام.. المؤبد لعامل جمارك بقليوب    انطلاقا من إثيوبيا.. الدعم السريع تستعد لشن هجوم على السودان    قيادات الأزهر يتفقدون انطلاق اختبارات المرحلة الثالثة والأخيرة للابتعاث العام 2026م    لتخفيف التشنج والإجهاد اليومي، وصفات طبيعية لعلاج آلام الرقبة والكتفين    أبرز مخرجات الابتكار والتطبيقات التكنولوجية خلال عام 2025    أزمة السويحلي الليبي تتصاعد.. ثنائي منتخب مصر للطائرة يلجأ للاتحاد الدولي    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    بدون حبوب| أطعمة طبيعية تمد جسمك بالمغنيسيوم يوميا    كييف تعلن إسقاط 30 طائرة مسيرة روسية خلال الليل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    هيئة الرعاية الصحية تستعرض إنجازات التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم القناة    لافروف: روسيا تعارض استقلال تايوان بأي شكل من الأشكال    الناخبون يتوافدون للتصويت بجولة الإعادة في 19 دائرة ب7 محافظات    أول تعليق من حمو بيكا بعد انتهاء عقوبته في قضية حيازة سلاح أبيض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابنة الشاعر الغنائي حسين السيد: عبد الناصر تسبب بإفلاسنا ومع ذلك والدي كتب فيه أجمل الأشعار وبكى يوم تنحيه | حوار
نشر في فيتو يوم 31 - 12 - 2020

*بعد 37 عاما على رحيل الوالد.. لماذا قررت إطلاق كتاب "عاشق الروح " مختارات من أعمال الشاعر الكبير حسين السيد ؟
العمل تم إطلاقه العام الحالى، ولكن كان وراءه إعداد أكثر من 7 سنوات، لأنى كنت مشغولة بحياتى المهنية والأسرية، وجاءتني الفكرة عندما كنت أتصفح أجندته الخاصة التي كان يكتب فيها أشعاره مدونا بخط يده على هامش بعض الأعمال "استعدادا لعمل الديوان" ومن هنا شعرت برغبة والدى في أن يكون له ديوان يضم أعماله أو مختارات منها ولكنه توفى عام 1983 وحاولت تحقيقها، أما السبب الآخر فهو أن أغانى حسين السيد تصاحبنا في مناسبات كثيرة جدا ترتبط بثقافة وعادات المصريين، فعيد الأم أغنية "ست الحبايب" وفى شهر رمضان نسمع أغنية "الراجل ده هيجنني" وفي أعياد الميلاد مازلنا نسمع أغانى "حبيبة أمها وأمورتي الحلوة" وأجد كثيرا من الناس والأصدقاء المقربين لا يعرفون أنها من تأليف والدي وهذا كان يحزنني لذا اتخذت قرار إعداده.
*كيف يختلف كتاب "عاشق الروح " عن الأعمال الكاملة للشعراء ؟
الكتاب عبارة عن جزأين، صدر الجزء الأول يشمل 700 صفحة ويضم الأغانى العاطفية، والتي تضم الجزء الأكبر من أعماله والدينية، والجزء الثانى يشمل 500 صفحة ويضم الأغانى الوطنية، والأغاني الاستعراضية من الأفلام والمسرحيات، والأغاني الشعبية، وأغانى الأسرة، ومجموعة من أشعاره، بالإضافة إلى باب بعنوان "أشعار من إلقاء الشاعر" وهى الأشعار التي سجلها حسين السيد بصوته مع شركة صوت القاهرة، وهما يختلفان عن الدواوين الأخرى لأنهما يحتويان على سيرته الذاتية، ومشواره مع الفنان عبد الوهاب الذي عاش معه توأمة فنية لمدة 42 عاما، واعتمدت في إعداد الكتاب على تصنيف أعمال حسين السيد لأنها أهم ما تفرد به، فهو واحد من عظماء زمنه بعد أحمد رامي ومأمون الشناوى ومرسي جميل عزيز، وجميعهم نوابغ علموا الناس الكلمة الحلوة، ولكن أظن أنه لم يكتب أحد في كل المجالات مثل والدى فإنتاجه الشعري غزير جدا، بالإضافة إلى أنني حاولت ذكر مناسبة الأغنية وذكراها وتعقيبات عليها فمثلا جملة «خلقت العلم يبني طريق سلام وأمان وفينا من رفع راية الهدى عصيان» من أغنية " إلهي ما أعظمك " هذه الجملة غاية في الاستنارة كتبها والدى وكأنه يستبصر المتاجرة بالدين.
*أين ذهبت تسجيلات الشاعر حسين السيد؟
للأسف هناك شريط وحيد سجله والدى مع شركة صوت القاهرة بصوته، وكانت معه الفنانة مديحة حمدى والإعلامية نجوى أبو النجا، ولكن للأسف نملك نسخة واحدة منه لأنه أصبح غير موجود في منافذ الشركة ولا نعرف إذا كان لديهم نسخ أم لا.
*وما الذي يقدمه باب "تأملات" في كتابك الأخير لحسين السيد ؟
حرصت على قراءة حسين السيد بشكل مختلف وتسليط الضوء على إبداعه فهو كان شاعرا عبقريا مختلفا، تميز بغزارة الألفاظ، واختلاف عناوين أغانيه (بيع قلبك – تراهني – وظبطه بيفكر فيا)، أيضا التركيز على المرأة في شعره حيث استطاع نقل إحساس المرأة في أغنية " الدوامة " لصباح، وعبر عن مشاعر الفتاة وحيائها في أغنية "ساكن قصادي" لنجاة الصغيرة، بالإضافة إلى إحساسه بمسئولية الكلمة، فنجد في أغنية "مين قالك تسكن في حارتنا" وهى أغنية خفيفة ففى كوبليه " تشاورلي عشان انزلك اقابلك..يا أخى بعدك بيتنا ما هو جنبك " وهنا نجد حرصا على التقاليد والأصول، حتى أعمال ثلاثي أضواء المسرح ، حيث تبناهم هو والملحن منير مراد والمخرج محمد سالم نجد ذلك الحرص.
*على ذكر أغنية "ساكن قصادي".. هل حقا كتبها حسين السيد لوالدتك ؟
العنوان فقط، ولكن بعد ذلك القصة اختلفت، فوالدتى كانت صديقة عمتي في المدرسة، وكانت تسكن معهم في شارع الملكة نازلي في العباسية زمان، وأحبها وتزوجها ولم يتزوج غيرها.
*شكل والدتك ومحمد عبد الوهاب ثنائيا مميزا.. ألم يشعر حسين السيد يوما ما بأنه مٌحتكر من موسيقار الأجيال؟
لم يمنعه محمد عبد الوهاب من العمل مع آخرين يوما فكانوا أصدقاء ويربطهم الحب والإخلاص، فاشتغل مع رياض السنباطى ومنير مراد ومحمد الموجي وبليغ حمدى وسيد مكاوى وغيرهم، ولكن يمكن أن نقول إن 50 % من أعماله كانت مع عبد الوهاب ولكن ليست بصوته فقط وإنما لفنانين آخرين، وفى أحد اللقاءات مع عبد الوهاب قيل له هل تنكر أن حسين السيد "المؤلف الملاكى بتاعك"، فرد عليهم قائلا : "شرف لا أدعيه، وتهمة لا أنفيها "، وكان والدى معتادا أن يذهب إليه يوم الأحد من كل أسبوع، وفى إحدى المرات أخدني معه ورأيت عبد الوهاب جالسا والحلاق يقوم بحلاقة ذقنه.
*حدثينا عن طقوس الشاعر حسين السيد في بيته ومع أولاده ؟
كان يسهر طوال الليل، ويستيقظ من النوم الساعة 10 صباحا، ثم يذهب إلى مكتبه في شارع صبري أبو علم في وسط البلد ثم نقل مكتبه إلى ميدان الأوبرا، وكان يعمل ويكتب أشعاره هناك، وكانت الوجبة الأساسية في الأيام العادية هي وجبة العشاء، الساعة 7 مساء، ولم نكن نجرؤ أن نفوتها أو عدم حضورها، وبعد العشاء كان يجمعنا في غرفة مكتبه وكنا نعيش معه حياة مبهجة كلها حواديت، فكان عنده تمثال خشب يضم أولاده بيديه وكان كل يوم يؤلف لنا قصة عن هذا التمثال، ويحكيها لنا، وحكاياته لا تنتهى، وبعد أن أذهب أنا وإخوتى للنوم يسهر هو إلى الثالثة صباحا هائما في البيت يدندن بأشعاره، وهو مرتدٍ عباءته الجوخ في الشتاء، وكان حريصا على أن تكون مقابلاته كلها في مكتبه فلم يستضف أحدا من الفنانين والملحنين داخل منزلنا، وكنت أنا الوحيدة التي تذهب معه إلى السينما كل يوم أحد من الساعة 9 مساء لأنه يوم أجازتى، وكان يعشق مشاهدة الأفلام بها، وتعلمت منه كيف أتذوق الفنون.
*هل هذا يعنى أنه لم يكن يحب السهرات مع أهل الفن ممن عمل معهم ؟
نادرا ما كان يخرج للسهر مع أحد، على الرغم من أن عبد الحليم حافظ كان يسكن معنا في نفس عمارة السعوديين في العجوزة في شارع النيل قبل أن ينتقل للزمالك، وكان أخوه إسماعيل شبانة وأخته طنط علية في الشقة المواجهة لنا، وأتذكر أن عبد الحليم جاء إلينا مرة واحدة فقط، فكانت كل لقاءاته في المكتب، وأتذكر أن الفنان سمير الإسكندرانى هو أكثر من جاء عندنا في البيت فقبل وفاة أبى بنحو 3 سنوات عملا سويا في ثلاثة ألبومات كسروا الدنيا.
*حياة الفنان دائما تكون مرهقة للزوجة بسبب الغيرة.. فكيف كان علاقة حسين السيد بوالدتك؟
والدتى الدكتورة نعيمة السيد كانت رائدة في مجالها، درست في كلية الآداب قسم إنجليزى وفي عام 1950 حصلت على منحة تفوق لعمل الماجستير في لندن، في هذا الوقت كانت قرانها قد تم عقده على حسين السيد، وسمح لها بالسفر سنتين، ثم أتموا الزواج بعد رجوعها وكان يساعدها على أن تستكمل الدكتوراه إلى أن أصبحت أستاذا في طرق تدريس اللغة الإنجليزية في مصر، وأنشأت هذا القسم في دولتى الإمارات والكويت وهذا يدل على ثقافته، ومرونة تفكيره وحبه لزوجته فالحب هنا هو حب التعاون وليس حب الامتلاك والأنانية، فكان لديها حياة مهنية زاخرة كانت تأخذها من الإحساس بالغيرة على زوجها الشاعر الجميل الذي له مئات المعجبين والمعجبات، حتى الخلافات الأسرية بينهما كانت مختلفة ، كان أبى يحول «الخناقة» بينه وبين والدتى إلى لحظات من الضحك وينتهى الموقف سريعًا، فمثلا حدث ذات يوم مشادة زوجية بينهما.. وأثناء اشتداد النقاش، والحدة في الكلام.. قالت والدتى «لأ يا حسين.. لأ مش أنا اللى تقولى كده»! هنا انتبه أبى لكلامها.. وقال: لحظة واحدة «لأ مش إيه؟» قالت: «لأ مش أنا» قال: «هذه جملة جميلة يا نعيمة»، ثم واصل كلامه.. ممكن استأذن نأجل «الخناقة» دقائق حتى أعود، ودخل مسرعا إلى مكتبه ثم خرج يقرأ عليها: " لأ مش أنا اللى أبكى.. ولا أنا اللى أشكي.. لو جار علىَّ هواك.. ومش أنا اللى أجري.. وأقول علشان خاطرى.. ولا ليا حق معاك ".
*حسين السيد عمل مع كثير من المطربين والمطربات.. فمن كان صوته يسلطنه؟
كان يحب صوت الفنانة فايزة أحمد جدا فكان يرى يراه مملوءا بالحنية والدفء خصوصا في أغنية "حمال الأسية "، إنما خارج من كتب لهم أعمالا، فكان يحب الرحبانية وفيروز لأنهم كانوا يشكلون سويا بناء فنيا متكاملا (تأليف ولحن وغناء)، ووالدى فعل هذا مع عبد الوهاب في بعض الأغاني ومنها أغنية " على إيه بتلومنى" فكان عبد الوهاب يملك اللحن وحسين السيد كتب عليه الكلمات.
وكان يشعر بأن عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ أكثر من استطاعوا أن يعبروا عن كلمات أغانيه ومن المطربات كانت ليلى مراد.
*على سيرة فايزة أحمد.. هل حقا ذهب حسين السيد إلى منزلها ليلا لتسجل أغنية " ست الحبايب " ؟
ما يتم تداوله على الإنترنت غير صحيح، والقصة الحقيقية لأغنية ست الحبايب، أن مصطفى وعلى أمين فكرا في عيد للأم، وعرضا على ثروت عكاشة هذه الفكرة، وكان وقتها وزيرا للثقافة، ووافق على فكرة وجود عيد للأم، ولكن اشترط أن يرافقها أغنية للأم، كتبها ووالدى يكتب الأغنية على "تسريحة غرفته" وكل ما يلخص كوبليه كان يتصل بمحمد عبد الوهاب ويمليه عليه، وتم تلحينها خلال 48 ساعة لأنهم كانوا مستعجلين عليها، وكان اختيارهم للفنانة فايزة أحمد لتغنيها بصوتها، ولكن هل هو ذهب إليها ليلا أو ماذا حدث فأنا لا أعلم.
*الشاعر حسين السيد له ثلاثة أبناء أسماؤهم تبدأ بنفس الحرف (حسام – حاكم- حامدة).. فما سر حبه لل " ح " ؟
ضحكت قائلة : حرف ال ح أول حرف من اسمه، فنحن كنا نمثل بالنسبة له الإمبراطورية الصغيرة، وفى نفس الوقت كان يبحث عن أسماء جديدة، وأتذكر من حكاياته، أنه عندما كان ذاهبا لوالدتى في المستشفى وقت ولادة أخي حاكم، كان يعرض في هذا الوقت مسرحية " الحاكم بأمر الله " للفنان الكبير يوسف بك وهبى، وعندما رأى في طريقه إليها أفيش المسرحية قرر أن يسميه بهذا الاسم، وعندما ولدت كان يتمنى أن يرزقه الله بابنة فحمد الله كثيرا وسمانى حامدة.
*كيف كان يتعامل حسين السيد مع أحزانه وما الذي أبكاه؟
يوم وفاة جدتى ظل يبكى عليها فترة طويلة، ولكنه كان لديه قدره كبيرة على تجاوز أحزانه وأزماته، فكان دائما لا يشعرنا بمشاكله، فكان رجلا مبهجا ينشر السعادة والتفاؤل في نفوس كل من حوله، حتى عندما فقد كل أمواله وأشهر إفلاسه بسبب قرار الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، ففى عام 1959 سأل عبد الناصر وقتها عن المتعهد الذي يورد للجيش المواد الغذائية؟ وعلم أنه حسين السيد وطلب إلغاء التعاقد معه لأنه لم تتم لذلك مناقصة عامة – قرار عبد الناصر سليم ولكن توقيته كان غير مناسب- وحاول الرئيس أنور السادات آنذاك إقناعه بتأجيل فسخ العقد للعام التالى، حيث إن حسين ورث هذا العمل عن أبيه وجده وإلغاء التعاقد سوف يخرب بيته، ولكن عبد الناصر لم يقتنع وتم تنفيذ تعليمات الرئيس وحدثت الكارثة حيث أشهر والدى إفلاسه وتم وضعنا تحت الحراسة وبيعت عمارة شارع شريف، ورغم ذلك كانت والدتى دائما تقول لى " أن اللى كان بيشوف حسين السيد بعد تلك الأزمة يلاقيه مكمل حياته عادي جدا ".. ثم انقلبت حياته من هواية الشعر إلى لقمة العيش.
*على الرغم من أزمته مع الرئيس عبد الناصر إلا أنه ظل يكتب له.. فلماذا ؟
بالفعل كتب لعبد الناصر أجمل الأشعار دون منافقة، فقد رأيت والدى يوم تنحى عبد الناصر بعد نكسة 67 كيف بكى عليه بشدة، وكنت استغرب موقفه وكيف لا يشعر بالمرارة تجاهه، وأعتقد أن حب هذا الجيل لعبد الناصر لم يكن حبا لشخص أو لسلطة.. ولكن هذا الحب للوطن، فكان ناصر بالنسبة لهم الرمز والقوة والخطوة التي ستأخذ الوطن للأمام، ومن هنا أنا لا أستغرب من تلك الحالة، نعم عبد الناصر تسبب في إشهار إفلاسه وقضى تماما على تجارته، ولكن في نفس الوقت كرمه وكأنه كان يريد أن يعتذر له، هذا الجيل عاش حلم القومية العربية، والمد الثورى والتحرر الوطنى، وكتب له بحب " والله وعرفنا الحب.. والحب في بلدنا اتعلمناه.. والله وعاش من شافه طال السما بكتافه " وهذا الوصف لا يليق على أحد سوى عبد الناصر من حيث الهيئة الجسدية والكاريزما التي كان يمتلكها.
*وكيف كانت علاقته بالرئيس أنور السادات ؟
كان السادات يحب والدى كثيرا وأصبحا صديقين، فكان يرسل له سيارة خاصة تأخذه إلى استراحة الرئيس، فكان يحب أن يسمع آخر ما كتب حسين السيد من أشعار بصوته المميز قبل أن تصبح فيما بعد أغاني، وأبى كان يحبه جدا فقد شعر منه يحاول أن يرد له اعتباره على المستوى الإنساني خصوصا وكان شاهدا على واقعة إلغاء عقد التوريدات ويعلم القصة كاملة من بدايتها إلى رفع قضية سقطت بوفاة والدي، واتذكر أن يوم مقتل السادات كان من أسوأ أيام حياة حسين السيد.
*ألم تؤثر اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام التي أبرمها السادات مع إسرائيل عليه ؟
بالعكس كان يرى أن السادات سياسيا محنكا يملك رؤية مختلفة لإدارة الأزمات، فكان رئيسا مختلفا يفاجئ عدوه، وكتب له أغنية "الختام " في أوبريت " مصر بلدنا " وهى من أجمل الأغنيات.
*توفى الشاعر حسين السيد في مكتبه بشكل مفاجئ وكان ممسكا بقلمه يكتب أشعارا.. فما آخر ما كتبه ؟ وهل هناك أعمال في أجنداته الخاصة لم تظهر؟
آخر أغنيتين كتبهما " بعمري كله حبيتك " للفنانة وردة الجزائرية وغنتها بعد وفاته ب3 شهور، وأغنية " لا يا روح قلبي أنا " للفنانة فايزة أحمد، والاثنان ظهرا بعد وفاته، وللأسف أغنية "لا ياروح قلبي أنا " كانت سيئة الحظ جدا لأن أطرافها الثلاثة والدى والسنباطى وفايزة رحلوا قبل أن تظهر ثم نزلت كشريط كاسيت، وهناك بعض الأعمال لم تظهر لأنه كان يكتبها كخواطر، فمثلا أغنية " فاتت جنبنا" بدأ كتابتها سنة 1964 ولم يكملها ثم أعاد كتابتها في السبعينيات وغناها عبد الحليم حافظ، والجزء الثانى من كتاب عاشق الروح يضم مسودات بخط يده.
*معروف عن أغنيات حسين السيد أنها دائما ما كانت مصحوبة بحكاية.. فما أطرف الحكايات؟
أغنية "توبة" لعبد الحليم حافظ.. دون والدى بخط يده بجوارها بأنه كان عائدا مع محمد عبد الوهاب من أحد الاستديوهات وطلبت منه أن نمر على شارع شريف لمتابعة أعمال بناء العمارة التي كان يمتلكها وكان المقاول وقتها يطلب منه أموالا، وهو راجع قال لعبد الوهاب "مش معقول كمية الفلوس اللى دفعتها دى كلها" وقال له عبد الوهاب "مبروك يا حسين عقبال التانية" فرد والدي عليه قائلا : " لا .. توبة" ليلتقطها عبد الوهاب ويقول "حلو مطلع توبة ده يا حسين خلية في بالك " وجاء بعد ذلك فيلم أيام وليالى وغناها عبد الحليم.
*وأخيرا.. ما الذي لا نعرفه عن الشاعر الغنائي حسين السيد ؟
حسين السيد كان يحب النكتة جدا ودمه خفيف، ومثالا للرجل الذي عنده إيمان ويقين داخلى وارتباط بالله عز وجل ليس شكليا، بالإضافة إلى أنه كان ذكر الله على لسانه طول الوقت، وعندما أخدنا البغبغان الذي كان يربيه بعد وفاته..كان البغبغان يردد بصوت بابا قائلا " يا الله "، كان صوفيا بسيطا وهذا ظهر في أغانيه الدينية، فأغنية " إله الكون" تحدث فيها عن العلاقة بين الإنسان وربه قائلا :
إله الكون أنا عابد جمال الخلق والقدرة
بشوفهم في الجبال قوة وفى عيونى الأمل نظرة
وأشوفهم في الفضا عزة وفوق خد الهوا شعرة
ولى عيون إذا شافت تحب تشوف كمان مرة
وذنبي في الهوا قلبي يحب يعيش ولو بكرة.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية ل "فيتو"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.