سيكمل الرئيس محمد مرسى عامه الأول لتوليه السلطة فى البلاد كأول رئيس منتخب، ويخشى الكثيرون من هذه الذكرى السنوية، لأنها ستمثل بداية الانهيار للنظام السياسى فى مصر. دعت المعارضة للاحتجاجات حاشدة ضد مرسى والإخوان المسلمين فى الذكرى الأولى لتولى مرسى السلطة يوم 30 يونيو المقبل، وعلى الرغم من أن المعارضة والاحتجاج هو حق سياسى فى ظل نظام ديمقراطى، إلا أن هذه الاحتجاجات يمكن أن تؤدى إلى انقلاب ضد العملية الديمقراطية ويمكن أن تغرق مصر فى دوامة العنف والفوضى. وهناك العديد من الانتقادات حول أداء مرسى وسلوك جماعة الإخوان المسلمين منذ سقوط الرئيس السابق حسنى مبارك، فلم يستطيعوا إقامة حوار مجدٍ مع المعارضة، ولم يمنح للقوى السياسية المعارضة المشاركة، واتخذت القرارات من جانب واحد فى العديد من القضايا بدون إجماع وطنى. والمعارضة تحاول على مدى عام منع الرئيس الإسلامى، ورفضت الحكم بالأمر الواقع ورفضت نتائج الانتخابات الحرة وتحاول تغيير قواعد اللعبة. وقد ارتكبت المعارضة عملين خطرين، يحظرون سياسيًا، أولًا: فى مطالباتها باستقالة الرئيس مرسى، وتحالفها مع بقايا النظام السابق وأجهزة الأمن التى تم حلها، وفى مقابلة مع صحيفة الحياة اللندنية، نشرت فى الأسبوع الماضى، قال زعيم المعارضة محمد البرادعى، رئيس حزب الدستور الليبرالى: "إن كلمة فلول التى تشير إلى بقايا النظام السابق، أصبحت الآن شيئا من الماضى، ومن الضرورى احتضان أولئك الناس الذين لم يرتكبوا جرائم من النظام الماضى، وأعاد المرشح الرئاسى اليسارى الناصرى السابق، حمدين صباحى تأكيد موقف البرادعى فى مقابلة فى محطة تليفزيون مصرية، ووصف الذين يعارضون أى تحالف مع فلول النظام السابق بأنهم مراهقون سياسيًا وضيقو الأفق. وتزامنت هذه التصريحات مع العديد من الأحكام القضائية التى برأت عدد كبير من كبار الشخصيات من النظام السابق، فى يونيو 2012 برأت محكمة مبارك من الفساد، وصدر حكم سابق بإلغاء إدانته بتهم التآمر لقتل المتظاهرين خلال الثورة، الآن يجرى محاكمة الرئيس السابق وسط حالة من الارتباك حول التهم الموجهة ضده، وقبل بضعة أيام برأت المحكمة عددا من أعضاء جهاز أمن الدولة المنحل، من بينهم رئيس ومساعد وزير الداخلية. وبرأت محكمة أخرى أبنائه، جمال وعلاء، على عدد من التهم الموجهة إليهم، عملية تبرئة الوزراء السابقين لمبارك ومساعديهم يعطى انطباعا أن هناك عملية تطهير للتاريخ، بل هو كما لو أن 30 عاما من الطغيان والفساد كان شيئا وهميا دون أى أساس واقعى. وقال فهمى هويدى: "إن مهرجان البراءة من كل شيء ليس إلا مجرد انعكاسا حقيقيًا لموقف القضاء تجاه النظام السابق وأعوانه وبقاياه ويمثل القضاء رأس النظام السابق ". وكان المحظور الثانى على المعارضة، دعواتها لتدخل الجيش وإسقاط رئيس منتخب، وكان من إنجازات مرسى الديمقراطية بأنه أبعد الجيش عن السياسة وأقال عددا من أعضاء المجلس العسكرى وأقنع مسئولين الجيش الجدد بعدم التدخل فى العملية الانتقالية. وبالتالى فإنه من المثير للسخرية أن المعارضة التى هى جزء من الثورة ضد عقود من الحكم العسكرى، تدعو الآن الجيش لأن يتدخل، وأن الجيش يرفض المشاركة فى العملية السياسية. وقال وزير الدفاع، اللواء عبد الفتاح السيسى، الشهر الماضى جميع الأحزاب السياسية يجب أن تتوقف بالمطالبة بتدخل الجيش وينبغى أن تكون صناديق الاقتراع الوسيلة الوحيدة للتغيير. ومع ذلك، البعض فى المعارضة ما زالوا يأملون أن يتدخل الجيش، وخصوصا بعد أن اندلع العنف خلال الاحتجاجات يوم الأحد الماضى وهناك قلق من أن عناصر أمنية مرتبطة بالنظام السابق، قد تثير أعمال العنف والهجوم على المنشآت الحكومية من أجل إجبار الجيش النزول والسيطرة. الوضع الحالى لمصر يشهد حالة استقطاب شديدة، وهناك محاولة للمقاومة من أنصار مرسى لمواجهة الدعوات ليوم 30 يونيو التى تنادى بإسقاط مرسى، ودعت الأحزاب الإسلامية إلى اجتماعات، ويوم الجمعة الماضى خرج لوسط القاهرة مظاهرات حاشدة دعم لمرسى من الإسلاميين، فما زال الإسلاميون يمثلون التأثير الأكبر فى الشارع، وإذا لجأت المعارضة إلى مظاهرات واسعة ستكون لصالح الإسلاميين. معظم قادة المعارضة الذين يصفون أنفسهم بأنهم ليبراليين، واليساريون يمثلون النخبة السياسية التى ليس لها وجود واسع فى الشوارع، وأكدت صناديق الاقتراع مرارا وتكرارا هذا الأمر، إنهم يأملون أن يتحالفوا مع النظام السابق، ومنح السلطة والنفوذ، وخاصة أن نظام مبارك ما زال يمارس نفوذًا فى عدد من القطاعات الرئيسية، ومتواجدون أيضًا فى الأجهزة الأمنية والقضاء، ورجال أعمال يؤثرون بممتلكاتهم من وسائل الإعلام. الشرق الأوسط يمر بمرحلة انتقالية، أصعب من الحرب العالمية الأولى، تأثير الحرب السورية، على لبنان والعراق، وصعود توترات طائفية إلى مستويات غير مسبوقة يمكن أن يكون لهذا انعاكسات جذرية تؤثر إلى خارج المنطقة. وإذا كانت مصر الأكثر سكانًا وتأثيرًا، فى حالة فوضى، وبالتالى يزيد الخطر بحالة عدم الاستقرار فى المنطقة بأسرها، لذا يجب على المصريين عدم السماح بهذه الفوضى، فما زال لديهم الفرصة لبناء مستقبل أفضل، فلا يوجد بديل سوى الحوار الوطنى الجدى على أن يضم جميع الأطراف ويلتزموا بعملية الديمقراطية حتى لو كان هذا يتعارض مع رغباتهم.