صفحة لاذعة جدا بطعم الحياة الت ى يحياها حرافيش وفقراء هذا الوطن, ..من خلالها نستقبل رسائل المهمشين كى نعرضها على ولاة الأمر.. أصبح الحزن هو السمة المميزة والمسيطرة علي المصريين بصفة عامة ولأمثالى من الحرافيش خاصة.. لأنهم يبحثون دائما عن حريتهم لكنهم يفشلون.. بعكس الأغنياء الذين يجدونها أحيانا وأحيانا يخفقون.. وأصبح الخوف من المستقبل.. من الماضى .. من الحاضر هو السمة المسيطرة علينا. فإلى متى سيظل هذا الإخفاق جاثما فوق الصدور.. إلى متى نسير الخطوة فيردنا الزحام خطوتين.. نطفو مرة.. فنهوى مرتين.. من يسأل الزحام عن موت الأمنية ولعبة الإخفاق ؟!.. من يسأل الزحام عن كل هذا الحزن والخوف الذى تخيم أشباحه على حياتنا جميعا نحن فقراء هذا الوطن الحزين.. بل وأغنياؤه وحكومته ومعارضته ورئيسه ؟! أكتب هذه المقدمة بعد أن قرأت تلك الرسالة التى وصلتنى من أحد أصدقائى الحرافيش والتى أعرضها عليكم فى هذه السطور... عزيزى الحرفوش الكبير: أعلم أنك مهموم بنا نحن الذين نشغلك دائما بمعاناتنا ونحملك إياها كأمانة لتوصيلها للمسئولين من خلال نشرها فى تلك المساحة المخصصة لنا في جريدتكم الموقرة.. وأعلم أن الوقت الذى نعيشه الآن لا جدوى من نشر همومنا.. طالما أننا نبتغى من النشر أن تصل همومنا للمسئولين.. لكننى وكثير من أمثالى الحرافيش يرسلون لك رسائلهم.. فقط كى يقرأوا أنفسهم ويستمتعوا بنشر معاناتهم فى سطور.. وهذا أيضا تُحمد أنت عليه يا سيدى.. فمهمة التنفيس فى حد ذاتها مهمة وطنية. عزيزى الحرفوش الكبير: أنت تعلم - كما أعلم- أن مصر فى الوقت الحالى ليس بها مسئولون.. ليس بها حكومة.. فقط بها مجموعات من الخائفين تقابلها مجموعات أخرى من المتربصين.. وبينهما مجموعات صغيرة من الثائرين والغاضبين والمقهورين والمتأهبين ليوم الثلاثين .. لكن ما يجمع كل هذه المجموعات أنهم كلهم خائفون .. فالثائر يخشى فشل ثورته.. ولم يفكر ماذا سيفعل إذا ما نجحت.. والمتربص يخشى فشل خطته فى تهييج الثائرين ولم يفكر ماذا بعد أن يحصل على مبتغاه.. والحكومة خائفة من هذا وذاك ولم تفكر أيضا فيما يجب أن تفعله فى حال إخفاق الآخرين فى إفشالها. ونحن الفقراء تائهون بين كل هؤلاء.. ولم نفكر في كونهم يستخدموننا جميعا..عليهم جميعا.. وننسى أن الجميع خائفون منا إذا ما استيقظنا من رقادنا وأصبحنا نحن الثائرين والمتربصين والحاكمين. لكننا وكل هؤلاء نتفق فى كوننا خائفين.. نعم كلنا فى مصر خائفون ياسيدى.. الفقراء والثائرون والمتربصون من المعارضين والحكومة، والحاكمون الذين هم فى مكتب الإرشاد قابعون.. كلنا يخاف من يوم الثلاثين المنتظر بعد أيام.. أنا أخاف وأنت تخاف وهم يخافون وحتى الرئيس أيضا يخاف.. نعم الرئيس يخاف .. يخاف من الأجهزة الأمنية المحيطة به لأنها ببساطة كانت يوما ما تلقى القبض عليه.. الرئيس يخاف من جماعته لأنها ذات يوم كانت تجعل منه إستبنا.. الرئيس يخاف الثوار الذين يتهمونه بخطف ثورتهم هو وجماعته.. الرئيس يخاف الإسلاميين الذين يكفرونه بعد أن بايعوه على الخلافة. الرئيس يخاف من المصلين حين يؤمهم.. يخاف الجيش الذى يرأس مجلسه الأعلى.. يخاف من الشرطة ومن الإعلام.. يخاف الداخل والخارج ومابينهما.. الرئيس يخاف من الفقراء والأغنياء.. الرئيس يخاف من نفسه.. فكيف يحكمنا وكيف ننتظر منه أن يحمينا ومن حكومته أن تحل مشاكلنا؟! الآباء والأمهات خائفون على أبنائهم.. الأطفال يخافون على آبائهم.. والزوجات على أزواجهم.. الجميع خائفون.. محزونون.. منتظرون.. يتساءلون فى ظنون.. ماذا سيسفر الثلاثون؟! هذه رسالتى قد انتهت ياسيدى الحرفوش.. لكن الخوف لم ينته بعد.. وخاصة خوفى على أمثالى من حرافيش هذا الوطن.. أنا خفت أكثر يا سيدى عندما ذهبت للصلاة فى مسجد عمرو بن العاص ووجدت الشيخ العريفى يحثنى على الجهاد ضد النظام السورى.. فما كان منى إلا أن سألت نفسى: كم ستجمع راية الجهاد تحت ظلها عندما تتم الدعوة لها هنا فى مصر.. وهل سيكون الجهاد ضد النظام الإخوانى أم معه.. ولماذا لم يدع العريفى للجهاد من فوق منابر السعودية ومساجدها المباركة؟! اللهم جنب مصر تلك الدماء التى تُراق فى سوريا.. اللهم جنب مصر تلك القواعد العسكرية الأمريكية القابعة على أرض قطر وتغطى مياه خليجها.. اللهم جنب مصر خوفها من نفسها.. آمين!!