أعلنت السعودية تعليق العمرة مؤقتًا للمواطنين والمقيمين ووقف إصدار تأشيرات العمرة لجميع دول العالم، وذلك ضمن الإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا الذي ضرب العديد من دول العالم، وصدمت الصور واللقطات التى تم تداولها بالأمس للحرم المكي ومسجد النبوى الشريف وهما خاليين من المعتمرين والمصلين جميع المسلمين حول العالم. إعادة فتح أبواب الحرمين بعد التعقيم من "كورونا" | فيديو الجمعة 6 مارس 2020 منظر حزين.. الحرم المكى يخلو من المعتمرين بسبب كورونا اللعين | فيديو وصور الخميس 5 مارس 2020
وتساءل الكثيرون عن إمكانية تعطيل الحج هذا العام، في حالِ استمرار تفشي مرض "كورونا"، وتعذر احتواؤه كليًا حول العالم قبل نهاية يوليو المقبل الذي يُصادف بدء شعائر الحج.
واستعرضت صحيفة “سبق” السعودية، التى نقلت عن "دارة الملك عبدالعزيز" ما تُعرف ب"ذاكرة الوطن"، مواقف سابقة لمثل هذه الأحداث والكوارث، لامست مواسم الحج، وسَجّلت توقفه 40 مرة، نقلًا عن علماء التاريخ الإسلامي الذين أكّدوا أن أسبابًا تنوّعت بين عِدة ظروف، منها: "انتشار الأمراض والأوبئة، والاضطرابات السياسية وعدم الاستقرار الأمني، والغلاء الشديد والاضطراب الاقتصادي، إلى جانب فساد الطرق من قبل اللصوص والقُطّاع". القرامطة
المرة الأولى لتعطيل فريضة الحج بسبب "القرامطة" الذين كانوا يعتقدون أن شعائر الحج من الجاهلية ومن قبيل عبادة الأصنام، والتي كان حينها زعيم والقرامطة "أبو طاهر القرمطي" منشدًا على باب الكعبة يوم الثامن من ذي الحجة عام 317ه، داعيًا سيوف أتباعه بأن تحصد حجاج بيت الله قتلًا ونهبًا وسفكًا وبإشرافه على تلك المجزرة، وكان ينادي ويقول لأصحابه: "أجهزوا على الكفار وعبدة الأحجار، ودكوا أركان الكعبة، وأقلعوا الحجر الأسود".
وخلّد التاريخ في تلك المجزرة تعلّق الحجاج بأستار الكعبة، قبل أن تختطفهم سيوف القرمطي، ويزداد عدد قتلى بيت الله الحرام إلى 30 ألف شهيد، ودفنوا في مواضعهم بلا غسل ولا كفن ولا صلاة، وجمع الطغاة جثة 3 آلاف حاج، وطمروا بها في بئر زمزم ودمروه بالكلية، قبل أن يقلعوا الحجر الأسود من مكانه ويحمله معهم إلى مدينة "هجر" (القطيف حاليًا)، حيث كانت مركز دعوتهم وعاصمة دولتهم، وتعطّل الحج آنذاك كما يُقال 10 أعوام، حيث لم يقف أحد بعرفة، ولم تؤد المناسك، لأول مرة، منذ أن فرضت الشعيرة.
مذبحة صعيد عرفة الحادثة الأخرى كانت سنة 251ه، والتي تُعرف ب"مذبحة صعيد عرفة"، وأُبطِل الحج حينها، بعد أن هاجم إسماعيل بن يوسف العلوي ومن معه؛ جموع الحجاج فقتلوا منهم أعدادًا كبيرة.
وتوقّف الحج سنة 357ه، ويُقال إنها بسبب انتشار ما يُسمّى ب"داء الماشري" في مكةالمكرمة، وبسببه مات الحجاج، وماتت جمالهم في الطريق من العطش، ولم يصل منهم إلى مكة سِوى القليل.
المرة الرابعة التى تعطّلت فيها فريضة الحج كانت في سنة 390ه بسبب شّدة الغلاء، كما لم يحج أحد من أهل المشرق ولا من أهل مصر في سنة 419ه.
وفي سنة 492ه، لم يحج أحد، بسبب ما حلَّ بالمسلمين من ارتباك وفقدان للأمن في أنحاء دولتهم الكبيرة بسبب النزاع المستشري بينهم، وقبل سقوط القدس في يد الصليبيين بخمس سنوات فقط.
ولم يحج المصريون سنة 563ه، بسبب انشغالهم بحرب أسد الدين، وبعد ذلك لم يحج أحد من سائر الأقطار ما عدا الحجاز من سنة 654ه ولمدة أربع سنوات.
أما سنة 1213ه توقفت رحلات الحج في أثناء الحملة الفرنسية لعدم أمان الطريق، كما عاد البغداديون للحج سنة 650ه بعد توقّفهم 10 سنوات إثر موت الخليفة المستنصر.
وفي سنة 1246ه انتشر وباء قادم من الهند وقتل ثلاثة أرباع الحجاج، وفي سنة 1837م تفشّت الأوبئة بالحج واستمرت حتى 1892م، وشهدت تلك الفترة موت ألف من الحجاج يوميًا، نظرًا لتفشّي وباء شديد الخطورة، بل في سنة 1871 ضرب المدينةالمنورة وباء، كما شهدت تفشّي وباء يُعرف بالكوليرا الذي انتشر في موسم الحج، وتزايدت الوفيات في عرفات، وبلغت ذروتها في منى.
وبحسب سبق فإن الأوبئة في تاريخ الحرم المكي كانت كثيرة لشدة الازدحام وكثرة الزوار من حول العالم، ولم تتوفّر في العصور القديمة خدمات مراقبة ومتابعة أمراض الحجاج، ولم تفرض السلطات حجرًا صحيًا على من يُشتبه أنهم يحملون أمراضًا معدية، ولم تتوفّر أي خدمات للتعقيم، فحصدت الأوبئة أعدادًا كبيرةً من الحجاج.