سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الموت يكتب نهاية أسطورة "الريان".. أحد أباطرة شركات توظيف الأموال.. ثروته بلغت في الثمانينات 3 مليارات و280 مليون جنيه.. "كشوف البركة" إحدى وسائل تهريب أمواله للخارج.. قضى 23 سنة خلف القضبان
توفي اليوم الخميس رجل الأعمال "أحمد توفيق عبد الفتاح الجبري" الشهير ب"أحمد الريان"، وتقوم العائلة بالاستعداد لدفن الجثمان وتشييعه. أحمد الريان، رجل أعمال ومؤسس شركة الريان عام 1989، له 10 أبناء، 8 بنات وولدان، اتهم في قضية توظيف أموال، ويعتبر أحد أباطرة ورواد شركات توظيف الأموال في الثمانينات وأوائل التسعينات، كما يعتبر الرجل الذي هدد اقتصاد مصر ردحًا من الزمان واكتست بصوره الصفحات الأولى للصحف والجرائد، وظهرت على ملامح وجهه علامات المرض والإعياء عقب خروجه من محبسه. كانت البداية عندما أولت الحكومة المصرية اهتمامًا بملف "أحمد توفيق عبد الفتاح الريان" المعروف إعلاميا ب"الريان"، في مطلع سبتمبر سنة 1989، فتم فتح ملفه، بعدما اكتشفت الحكومة أن أموال المودعين التي حصل عليها الريان وأسرته تحولت إلى سراب، على حد التحقيقات الرسمية في ذلك الوقت، حيث قيل إن آل الريان نهبوا أموالهم وغامروا بها في البورصات العالمية، وحولوا جزءًا كبيرًا منها إلى الولاياتالمتحدة والبنوك الأجنبية، وبلغ ما تم تحويله طبقًا للأرقام المعلنة رسميا التي كشف عنها المدعي العام الاشتراكي وقتها 3 مليارات و280 مليون جنيه. وأشارت المعلومات إلى أن هناك مسئولين ورجال دين وإعلاميين تورطوا مع "آل الريان" وساهموا في تهريب هذه الأموال مقابل حصولهم على ما كان يسمى وقتها ب"كشوف البركة"، تحت بند تسهيل وتخليص مصالح شركات توظيف الأموال في المؤسسات الحكومية. ومن هنا دب الخلاف بين الحكومة و"الريان"، خاصة بعد فضيحة صفقة الذرة الصفراء، التي تمت بين شركات "الريان" وبنك التنمية والائتمان الزراعي عام 1986، 1987 وهى الصفقة التي أدت إلى وجود أزمة في المحصول الرئيسي للبلاد، وتفاقمت أزمات "الريان" بعد ذلك، لتبدأ نوبة ما وصف ب"صحوة الحكومة المصرية" ومطاردة "الريان" عن طريق فتح ملفه الأسود، وتقديمه للمحاكمة بتهمة وحيدة وهى تلقي أموال مخالفة للقانون رقم 246 لسنة 1988، الذي طبقته حكومة دكتور عاطف صدقي والخاص بتوفيق أوضاع شركات توظيف الأموال، بالرغم من عدم تطبيق القانون قبلها، وأعطت الحكومة لهذه الشركات مهلة لتوفيق أوضاعها ورد أموال المودعين. تناقلت الشائعات بعد ذلك بأن الدولة والحكومة تحركا فقط عندما ردد "آل الريان" أنهم استطاعوا أن يكونوا دولة داخل الدولة، ولم تتوقف عمليات نصبهم على المواطنين بل تخطتهم وصولًا إلى بنك التنمية الزراعية، ولم يكن التدخل بهدف حماية مصالح المودعين فقط، بدليل أنه خلال عهد حكومات عاطف صدقي وكمال الجنزوري وعاطف عبيد وأحمد نظيف ظلت مشكلة المودعين دون حل، ولم يحصل أغلبهم إلا على 50% فقط من مستحقاتهم دون فوائد، أي أنهم حصلوا على 10% من أموالهم فقط. بدأ الريان التجارة في المرحلة الابتدائية حيث بدأ مع زميله الذي كان يتمتع بموهبة الرسم وإتقانه للخط العربي في صنع ميداليات من خشب أشجار معينة في إحدى المحافظات، وبيعها للمحال، وفى عام 1967 كان يدهن الريان فوانيس السيارات باللون الأزرق مقابل عشرة قروش التي كان لها قدر كبير في هذا الوقت، وفى المرحلة الإعدادية تاجر الريان في المذكرات الدراسية وطباعتها، ثم تاجر في المواد الغذائية، حيث كان يورد البيض لمحال السوبر ماركت. درس الريان في كلية الطب البيطري وقبل تأسيس شركة الريان بثلاث سنوات كان يعمل في المبادلات المالية التجارية العالمية عن طريق المضاربة. وكانت نتائج كل ذلك حبس "الريان" سنة 1989 في قضية توظيف الأموال الشهيرة، حيث حكم عليه بالحبس لمدة 15 سنة، والتي قضاها "الريان" قابعًا خلف القضبان حتى انتهت ال15 سنة، إلا أن وزارة الداخلية استمرت في اعتقاله بعدها لفترة طويلة اعتقادًا منها بأنه لديه المزيد من الأموال التي تجب إعادتها للمودعين. وفى مارس 2009 تم الحكم عليه في قضية شيك، ونظرًا لأنه لم يحضر أي محام الجلسة، فحكم عليه بسنة غيابيا، وتم عمل استشكال وبالفعل تم إيقاف التنفيذ يوم 29 ديسمبر 2009، ويوم 30 من نفس الشهر أرسلت الداخلية "فاكس" إلى مصلحة السجون تخطرهم فيه بالإفراج نهائيا عن "الريان"، إلا أنه ظهرت عليه قضية جديدة وحكم عليه فيها بالسجن 3 سنوات لتحريره شيكا بدون رصيد بمبلغ 5 آلاف جنيه، إلا أنه تم التصالح عليه، وأوقف تنفيذ العقوبة وصدر له حكم الإفراج النهائي. وكان قد ودع الريان" "أشهر سجناء السجون المصرية" حياة الزنزانات، وخرج من محبسه بعد 23 سنة قضاها قابعًا خلف قضبان الحديد، وذلك عقب الإفراج عنه سابع أيام شهر رمضان عام 2010 بعد قضائه عقوبة الحبس في قضية شيك بدون رصيد، بالإضافة إلى تصالح المدعى عليه معه بعد سداد القيمة، وسداده مبلغ 200 ألف جنيه من مبلغ المديونية الأصلية عليه المقدر ب900 ألف جنيه وموافقة النائب العام على سداد باقي المبلغ على 3 أشهر. أكدت مصادر في ذلك الوقت أن الريان وعائلته بدءوا نشاطهم التجاري في مجالات مجهولة، وسرعان ما ظهرت عليهم علامات التدين، خاصة بعدما التحى الأب والشقيق الأكبر أحمد الريان مرتديين الملابس الأفغانية، ليدخلا عهدًا جديدًا من التدين والمحافظة على الصلاة، إلا أن ذلك لم يمنعهما من احتراف تجارة العملة بجميع أنواعها، وصولًا إلى توظيف الأموال الإسلامية والتي جنيا منها ملايين الجنيهات. وكانت الكارثة عندما أعلن رسميا أن الحكومة اكتشفت أن أحمد الريان حوّل إلى بنوك سويسرا 550 مليون دولار، الأمر الذي جعل الحكومة تعتقله وتخيره بين أمرين إما السجن أو إعادة الأموال المودعة باسمه داخل أروقة بنوك سويسرا، إلا أنه بدأ يلاعب السلطات عن طريق تقديم تفويض لهم غير متكامل لتحويل الأرصدة إلى مصر، ومن ثم سافرت وفود متعددة فحاول مسئولو أمواله رشوة الوفود القادمة من مصر إلى سويسرا أكثر من مرة، في محاولة من الريان لكسب جزء من الوقت حتى يتمكن من الهروب خارج مصر، إلا أن أحلامه في الهروب تبخرت، وطلب من الحكومة حبسه بحجة أنه لا يمتلك أموالا ليصدر الحكم ضده بالحبس. تم عمل مسلسل عن قصة حياة الريان قام ببطولته الممثل خالد صالح وعرض في رمضان 2011، لكن قال الريان إن هذا المسلسل شوّه صورته أمام الرأي العام، لافتا إلى أن الشركة المنتجة لم تراع العقد الموقع وأدخلت على السيناريو مشاهد ووقائع بعيدة عن الواقع، مشددا على أن عرض المسلسل بهذه الصورة أساء لأسرة الريان ويعد تشويها للتاريخ.