ثلاثة أيام من الاحتجاجات العنيفة في إسطنبول ومدن أخرى في تركيا خلال عطلة نهاية الأسبوع تشكل أخطر تحد حتى الآن لحكم رئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان الذي دام عقدا من الزمان. وبدلا من معالجة القضايا التي دفعت عشرات الآلاف من المواطنين إلى النزول للشوارع بالقانون، كان السيد أردوغان ميالا للرد على مطالب شعبه بقوة غير مناسبة. في تصريحاته مليئة بالتحدي التي أطلقها نهاية الأسبوع ندد السيد أردوغان بالتظاهرات وصف المحتجين بأنهم "متطرفون" و"لصوص"، وحذر من أنه إذا حشد منتقدوه 100 ألف في الشوارع، فإنه سيمكنه أن يواجه هذا بحشد مليون من أنصاره. كما اعتبر موقع تويتر وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي خطرا على البلاد، واتهم المعارضة العلمانية في تركيا بتأجيج الاحتجاجات. وبدأت الاحتجاجات الأسبوع الماضي ضد خطط الحكومة لتحويل حديقة في ساحة تقسيم في إسطنبول إلى مجمع تجاري. لكنها سرعان ما انتشرت في أماكن أخرى وتضمنت الاحتجاج على مظالم أخرى حول سياسات أردوغان الاستبدادية المستشرية على نحو متزايد وفرضه الإسلام المحافظ، بما في ذلك إصداره قانونا للحد من مبيعات الكحول في بلد تأسس كجمهورية علمانية. بعض الأتراك أبدوا قلقهم أيضا من أن دعمه للمتمردين المناهضين للأسد في سوريا قد يجر تركيا إلى الحرب السورية. وفي حين بدأت الاحتجاجات بصورة سلمية، وتصدت الحكومة لها بشكل صارم، خاصة يوم السبت الماضي حيث أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه. ألقي القبض على ما يقرب من ألف شخص، وأصيب مئات آخرون. قد تحدث السيد أردوغان كثيرا عن التزامه بتطوير تركيا كدولة ديمقراطية نموذجية وقوة اقتصادية وسياسية إقليمية. وقال إنه وحزبه الإسلامي العدالة والتنمية يستحقان التقدير لإدارة النمو الاقتصادي وكبح سلطة الجيش وتعزيز التسامح من التيارات التي تم تهميشها في الماضي مثل الأكراد، والسعي لإنهاء الحرب مع الانفصاليين الأكراد. إلا أن التعصب المتزايد للمعارضة، وتخويف وسائل الإعلام التركية (التي لم توفر التغطية الإعلامية المناسبة عن الاحتجاجات)، وخطط تغيير الدستور حتى يتمكن من الترشح لمنصب الرئيس في عام 2014 وتمديد فترة وجوده في السلطة، كل هذا يثير الكثير من القلاقل. السيد أردوغان، المعروف عنه غطرسته، ينبغي عليه الاستماع لأعضاء آخرين من حزبه، بمن فيهم الرئيس عبد الله جول، وكذلك نائب رئيس الوزراء ورئيس بلدية إسطنبول، الذي وعد مؤخرا بالاستماع إلى هموم المواطنين. استمرار الاضطرابات يمكن أن يضر بمساعي تركيا المتعثرة منذ فترة طويلة للانضمام إلى الاتحاد الأوربي، والذي كان من المتوقع أن يتقدم خطوة إلى الأمام هذا الشهر، وكذلك سيضر الاضطرابات بالوجهة السياحية للبلاد. بعد الفوز في الانتخابات 3 مرات متتالية، لا يبدو أن أردوغان سيخسر قبضته التي يسيطر بها على السلطة، لكن ثورات الربيع العربي أظهرت كيف يمكن أن تتغير الثورات السياسية بسرعة إلى ثورات في الشرق الأوسط. في هذه اللحظة المحفوفة بالمخاطر، على أردوغان وحزبه أن يظهرا التزامهما بحرية التعبير والتجمع السلمي، وعليهما تلبية احتياجات المجتمع التركي بخلفياته المتعددة. نقلا عن نيويورك تايمز.