الصراع الطائفى قلب السنة ضد الشيعة ويهدد بزعزعة استقرار المنطقة، تلك هى العناوين المرعبة القادمة من هذه الدولة المضطربة في قلب الشرق الأوسط ( العراق)، وهو أمر أصبح روتينيا جدا.. فالعشرات من الأشخاص يقتلون في بعض الأيام، فقد قتل 712 خلال شهر إبريل وحده، وفقا للأمم المتحدة. وحتى الآن، أصبح وضع العراق مشابها جدا لسوريا - التي دخلت هذا العام في صراع مميت – فشهدت العراق مقتل 66 شخصا على الأقل في سلسلة من تفجيرات السيارات الملغومة يوم الإثنين، وهى آخر حلقة في مسلسل حمامات الدم المتكررة على نحو متزايد في معركة بين أفراد الأقلية السنية في البلاد وحكومة نوري المالكي التي يقودها الشيعة.. ويرى العديد أن الصراع من المرجح أن يزداد سوءا في الفترة القادمة حيث سيتم إجراء الانتخابات العامة في العام المقبل. ومن ناحية أخرى توفى 23 شخصا على الأقل في غارة للجيش العراقي على مظاهرات احتجاج للسنة في إبريل، فيما زعمت الحكومة بأنها كانت ردا على إطلاق نار من قبل المتظاهرين.. وكانت المظاهرات جزءا من الحركة التي ظهرت في ديسمبر في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية من السنة، الذين يقولون إنهم تعرضوا للتمييز ضدهم، وفي بعض الحالات استُهدفت بعنف من قبل الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003 الذي أطاح بالدكتاتورية التي يهيمن عليها السنة أتباع صدام حسين. ومما لا شك فيه أن الصراع في العراق مرتبط بسوريا، حيث يقود السنة عملية تمرد ضد الرئيس بشار الأسد الذي ينتمى للأقلية العلوية التي تعد فرعا من فروع التشيع.. ومن المؤكد أن خروج القوات الأمريكية من العراق في ديسمبر 2011، كان حدثا محوريا حيث أعطى العنان للتوترات السياسية الداخلية منذ تولي المالكي منصبه في عام 2006 كرئيس لحكومة ائتلافية شكلت بعناية من مختلف الأطياف العرقية والدينية في البلاد. ويناضل معارضو رئيس الوزراء نور المالكى، خاصة الأكراد العراقيين الذين يقاتلون للحفاظ على الاستقلال السياسي والطاقة من وطنهم كوردستان، من أجل نيل بعض الحقوق الخاصة بهم، ويتهمون رئيس الوزراء بأنه أصبح استبداديا خطيرا، بينما ينكر أنصار رئيس الوزراء أنه شيد دكتاتورية جديدة، ويقول كثير من المحللين إن هناك مخاوف مشروعة حول الطريقة التي سيطر بها المالكى على الأجهزة الأمنية المهمة والطريقة التي اتبعها لمطاردة خصومه السياسيين.. واندلعت المظاهرات العامة من قبل السنة بعد اعتقال الحراسة الخاصة ب "رافي العيساوي"، وزير المالية وأحد المسئولين السنيين رفيعي المستوى. وتلعب أزمة سوريا أيضا دورا مؤثرا في إحداث متاعب في العراق - والعكس صحيح - عن طريق الحدود العراقية السورية ووجود الأنبار بغرب العراق وهي معقل سني للمقاتلين الجهاديين الذين حاربوا القوات الأمريكية هناك وعبروا الحدود للانضمام إلى المتمردين في سوريا، وادعى تنظيم القاعدة في العراق في إبريل أنه يمول الميليشيات المناهضة للأسد المعروفة باسم جبهة النصرة.. وتقول حكومة المالكي إنها أطلقت الأسبوع الماضي عملية عسكرية ضد الجماعات المزعومة بتنظيم القاعدة ومعسكرات التدريب في المنطقة الغربية، في أعقاب سلسلة من الغارات المماثلة من العام الماضي. مستقبل العراق الآن يتوقف إلى حد كبير على الانتخابات البرلمانية، حيث إن المالكي لديه فرصة لتعزيز قبضته، وذلك فقط إذا سمحت الظروف الأمنية والسياسية بإجراء انتخابات ذات مصداقية.. بالرغم من حالة التوافق خلال الانتخابات المحلية في إبريل، إلا أن حكومة المالكى أغضبت السنة مرة أخرى عن طريق إلغاء الانتخابات في الأنبار ومحافظة نينوى المجاورة لسوريا لأسباب أمنية.. وعلى الإدارة الأمريكية أن تشعر بقلق متزايد وهى التي دعمت تقليديا المالكي رئيسا كخيار أقل سوءًا، وبالرغم من تحالفه مع إيران، إلا أنه يدين العنف ويدعو إلى الهدوء. وخلال عهد صدام، كان السنة الذين يهيمنون على العراق والعلويون الذين يسيطرون على سوريا عبارة عن مرآة وصورة للدكتاتوريات، كانت العراق يديرها أفراد من طائفة الأقلية التي قمعت الأغلبية.. وبالتالى فإن الوضع في العراق الآن هو درس بأن سقوط هذه الأنظمة ليس سوى خطوة صغيرة أولى نحو السلام والمعاملة العادلة للأغلبية في مثل هذه الدول. نقلا عن صحيفة فايننشال تايمز البريطانية