اتهم المرشح الرئاسي التونسي نبيل القروي، الذي أُطلق سراحه بعدما كان موقوفًا بتُهم غسل أموال وتهرب ضريبي، منافسه قيس سعيد، بأنه ذراع لحزب النهضة الذي تصدر نتائج الانتخابات البرلمانية ب 52 مقعدًا. وقال القروي في مقابلة مع قناة تليفزيونية خاصة، الأولى منذ إطلاق سراحه، إن "قيس سعيد هو ذراع من أذرع النهضة، مثلما كان المنصف المرزوقي". وأضاف رئيس حزب "قلب تونس" الذي حل ثانيًا في الانتخابات التشريعية ب 38 مقعدًا، "لن ندخل أبدًا في حكومة النهضة التي لم تفعل شيئًا للتونسيين منذ 8 أعوام، برنامجنا غير برنامج النهضة"، وتابع "الائتلاف الحاكم هو الذي وضعني في السجن". ونفى القروي أي "توافق" مقابل خروجه من السجن، وذلك في أول تصريح صحفي له منذ خروجه من السجن، وأضاف "بالأمس أخرجني القضاء، ولم أتوافق مع أيّ طرف، لا النهضة، ولا الحكومة، ولا يوسف الشاهد". وأطلق القضاء التونسي الأربعاء سراح القروي، بعد توقيفه 48 يومًا، وتتزامن تصريحاته مع انطلاق محتمل للمشاورات بين الأحزاب الفائزة في الانتخابات التشريعية، للتوافق على تشكيل الحكومة. واستؤنفت أمس حملة الانتخابات الرئاسية بعد إطلاق سراح القروي الذي يبقى أمامه يومان لإقناع ناخبيه بالتصويت له قبل الاقتراع يوم الأحد. وظهر القروي في بدلة سوداء وقميص أبيض جاهزًا لمواصلة حملته، وقال: "نشكر القضاء، في تونس قضاة شرفاء، رغم الضغط السياسي، أعطوا لكل ذي حق حقه". قيس سعيد يدلي بصوته في الانتخابات التشريعية التونسية (فيديو وصور) وبعد خروجه من سجن المرناقية القريب من العاصمة تونس، استقبله أنصاره رافعين صوره، وغادر في سيارته محاطًا بمواكبة أمنية، قبل أن يلتحق بأعضاء حملته في مقر الحزب بالعاصمة. وشمل قرار الإفراج أيضًا شقيقه غازي القروي المطلوب لدى القضاء والذي ترشح عن دائرة بنزرت شمال البلاد، وفاز بمقعد نيابي، ولم ترشح معلومات عنه وعن مكانه، ويتواصل التحقيق مع نبيل القروي رغم إطلاق سراحه. ورفض القضاة في السابق مرارًا مطالب إفراج عدة قدمها محاموه منذ توقيفه في 23 أغسطس الماضي، وقبل انطلاق حملته الانتخابية، وأظهر مقطع فيديو له نشر في فيس بوك، لقاءه أعضاء حملته وهو يشكر زوجته سلوى السماوي التي نابت عنه في حملته بالوكالة طيلة غيابه، وقال: "لا أعرف هل بإمكاني أن أُقدم أفضلَ منها". وينوي القروي التوجه إلى بنزرت مسقط رأسه، ليشارك مساءً في تجمّع حاشد في وسط تونس، واستأنف منافسه سعيد حملته الانتخابية بعد أن علقها السبت الماضي، لغياب مبدأ تكافؤ الفرص بينه وبين القروي، في مخاطبة الناخبين. وعنونت صحيفة المغرب أمس "الإفراج عن نبيل القروي.. وماذا بعد؟"، وقدرت أن الحيز الزمني سيكون ضيقًا للحملة الانتخابية، وقد يفضل القروي التحرك في جهات رمزية. وقال المحلل السياسي سليم خراط، إن "إطلاق سراح القروي يهدئ التوتر، لأن اللعبة غير المتكافئة كانت تنطوي على مخاطر مقلقة بإلغاء الاقتراع"، وأضاف أن "القروي سيحاول تدارك تراجعه في الاستطلاعات، لكن شيئًا لم يحسم، ما لم يحدث تجيير أكبر للأصوات لمصلحة قيس سعيّد الذي دعت أحزاب عدة بينها النهضة، للتصويت له". ولم يتمكن القروي من حضور المناظرة التليفزيونية قبل الدورة الأولى التي شارك فيها سعيّد وباقي المرشحين ال 24، ولقيت متابعة كبيرة من التونسيين. وشكّل سعيد مفاجأة الدورة الأولى، وهو لم يُنظم حملةً انتخابية واسعة، واقتصرت تحركاته على بعض الزيارات الميدانية لأحياء في العاصمة تونس، ويقول عنه طلابه إنه شخص كرّس حياته لمهنة التدريس، ويظهر في صورة المستقيم والصارم، ونادرًا ما يبتسم، وأُطلق عليه "روبوكوب" من قبل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي لأنه لا يتحدث بغير العربية بطلاقة، وبصفة مسترسلة دون توقف. ويرفع لواء مبادئ الثورة التونسية انطلاقًا من شعار "الشعب يريد، لا نستطيع تغيير الجغرافيا ولكن نستطيع تغيير التاريخ"، ويدعو إلى لامركزية القرار السياسي، وتوزيع السلطة على لجان محلية، ويتقدم سعيد للرئاسة مدعومًا من حركة النهضة. ويدعى الأحد المقبل أكثر من 7 ملايين تونسي لاختيار رئيس للبلاد، وناهزت نسبة المشاركة في الدورة الأولى 50%. ويرى مراقبون أن توقيف القروي كان له تأثير على الانتخابات التشريعية رغم أنها أهم من الرئاسية، بالنظر إلى صلاحيات رئيس البلاد حسب الدستور، مقارنةً مع صلاحيات رئيس الحكومة الواسعة، ويكلف الرئيس المنتخب بملفات الدفاع والأمن القومي والشئون الخارجية أساسًا.