سادت حالة من الاعتراض على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن لون واجهة قصر البارون إمبان بمصر الجديدة إثر قرب الانتهاء من ترميمه وظهور لون واجهة القصر غير الذي اعتاد المواطنون على مشاهدتها طوال السنوات الماضية. أكدت مصادر مطلعة بوزارة الآثار، أن اللون الذي ظهر به قصر البارون هو لونه الأصلي بناء على دراسات وعينات وتوثيق من جانب الأثرية بسمة سليم مفتشة آثار القصر، والتي أرسلت تلك الدراسات لرئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية ومكتب وزير الآثار. الآثار: انتهاء 85% من أعمال ترميم قصر البارون إمبان بمصر الجديدة وكشف كتاب قصر البارون بقلم الدكتور رفيق جورج الذي يعد أول كتاب يتناول القصة الحقيقية لحياة البارون "ادوارد لويس جوريف امبان (20 سبتمبر 1852- 22 يوليو 1929) رجل الأعمال الذي جاء إلى مصر في يناير 1904 وأنشأ ضاحية هليوبوليس المعروفة بمصر الجديدة، ويتناول العديد من الأسرار المعمارية لقصر البارون. وأكد الكتاب أنه في شتاء عام 1911 تم الانتهاء من بناء ضخم على أرض هيليوبوليس، كان هذا البناء هو "الفيلا الهندوسية" والتي أعدت لاستقبال حدث هام، كانت الكاميرات تلتقط الصور الفوتوغرافية ولكن كل الصور بالأبيض والأسود، أكثر من مئة عام مضت منذ لحظة ميلاد فيلا إمبان التي اكتست بالعمارة الخميرية، ولم يعرف أحدًا أبدا ماذا كان لون واجهات هذا القصر الغامض. هذا السؤال ربما يثير حالة من الجدل، فهل كان اللون "ترابي" أم أنه درجة من درجات "buf colour"، أو ربما أن القصر لم يدهن بالمرة، دعنا ندق باب القصر ليفتح لنا الماضي بوثائقه وأسراره لعلنا نجيب على هذا السؤال الذي طالما حير كل من يمر أمام القصر ليتساءل كيف كان لون هذه الجدران القديمة؟ ونوفمبر عام 1909 تحدث المعماري الفرنسي ألكسندر مارسيل مع الشركة الإنشائية عن إمكانية تلوين الفيلا الهندوسية مثل كاتدرائية Basel And Freiburg بلون أرجواني (Sienne brûlée) يختلف عن لون الملاط والأسمنت، وحافظت فكرة مارسيل على المظهر العام لمبنى الفيلا الهندوسية، وأحدث هذا التلوين ضَجة مدنية ليعطي نوعا من الصدى بين سكان ضاحية هليوبوليس القُدامي. وكانت هذه الفكرة ناتجة عن توجيهات البارون إدوارد إمبان، فكما أراد لقصره المهيب أن يتم تشييده على تبة صِناعية ليكون أعلى بناء على أرض هيليوبوليس بمعمار هندي (عمارة خميرية) فأراد أيضا أن تصبغ فيلته بلون مختلف عن بقية العمائر حتى عن قصر صديقة بوغوص نوبار. ويذكر أن التركيب الكيميائي للون الذي أستخدمه مارسيل هو مزيج من سلفات الحديد وكبريتات النحاس، وتم رش الأجزاء المرغوب في تلوينها بالمضخات وكانت النتيجة مرضية للغاية، "طبقا لما نصت علية الوثائق الفرنسية للشركة الإنشائية للقصر، ولما دلت عليه النصوص المذكورة". وأكدت بسمة سليم، مفتشة آثار قصر البارون، أنه قبل عام 2005 كان يحيط بقصر البارون سور ضعيف جدا من الحديد الشبك، تقتصر وظيفته على رسم حدود القصر، وليس حمايته، وبعد عام 2005 واحتفالًا بمئوية مصر الجديدة دخل القصر مشروع تطوير قامت حينها الشركة المنفذة بإحاطة القصر بسور من الحديد أقوى من سابقه، وظل يحيط بالقصر حتى تاريخه. وأوضحت أنه توجد شواهد أثرية باقية حتى الآن لسور من الحجر بمحاذاة شارع ابن بطوطة، وهي تمثل- بالإضافة إلى المسافة المحصورة بين كشكي الحراسة على شارع العروبة- ما تبقى لنا من السور الأثري المحيط بالقصر، وتم ترميمهم والإبقاء عليهم. وأشارت إلى أن المشروع الحالي لترميم قصر البارون إمبان يراعي في جميع جوانبه معايير الأصالة، بما في ذلك كل ما يتعلق بسور القصر، حيث إن السور الذي تم تشييده في عام 2006 كان قد تعرض للتلف في أجزاء كبيرة منه، كما أنه لا يتواءم مع أصالة وعمارة قصر البارون الفريدة، وعليه تمت إزالته وإنشاء سور جديد تم مراعاة تطابقه مع السور الأثري، وكذلك مع الرسومات الأصلية للمعماري ألكسندر مارسيل الذي صمم القصر، وتمت مراعاة عدم حجب رؤية القصر لكل من يمر حوله. وأنهت وزارة الآثار حتى الآن 85% من أعمال ترميم قصر البارون إمبان بحي مصر الجديدة، والذي من المقرر أن يتم افتتاحه خلال العام الجاري. وأكد العميد هشام سمير، مساعد وزير الآثار للشئون الهندسية والمشرف العام على القاهرة التاريخية، أن أعمال الترميم تجري على قدم وساق تحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة. وأوضح أنه حتى الآن تم الانتهاء من أعمال التدعيم الإنشائي لأسقف قصر البارون وترميمها وتشطيب الواجهات وتنظيف وترميم العناصر الزخرفية الموجودة به، واستكمال النواقص من الأبواب والشبابيك ونزع جميع الأسقف والكرانيش الجصية، والانتهاء من ترميم الأعمدة الرخامية والأبواب الخشبية والشبابيك المعدنية وترميم الشبابيك الحديدية المزخرفة على الواجهات الرئيسية واللوحة الجدارية أعلى المدخل الرئيسي، والتماثيل الرخامية بالموقع العام. وأشار إلى أنه تم البدء في أعمال رفع كفاءة الموقع العام للقصر وتنسيق الحديقة الخاصة به، وتبلغ تكلفة أعمال المشروع 100 مليون جنيه مصري. وأضاف أنه حرصًا من وزارة الآثار على الحفاظ على معايير الأصالة خلال أعمال الترميم الخاصة بالقصر، تمت إزالة الأسوار الحديدية غير الأثرية والتي تم إنشاؤها حول القصر عام 2006، لسوء حالتها كما أنها لا تتوائم مع القيمة الأثرية والمعمارية للقصر. وأضاف أنه لن يتم بناء سور حجري بدلا منها وأنه تمت الاستعانة بالرسومات الأصلية للقصر والمنفذة من قبل المهندس ألكسندر مارسيل، وذلك لإنشاء أسوار بنفس تصميم الأسوار الأثرية القديمة، الذي هو عبارة عن قاعدة طولية خرسانية أسفل منسوب سطح الأرض، تعلوها أعمدة بانوهات حديدية بطول الواجهات مع وجود أعمدة حجرية بقطاع صغير موزعة على مسافات لتثبيت البانوهات الحديدية للأسوار مؤكدا أنه لن تتم بأي حال إعاقة أو حجب رؤية القصر ليستمتع المارة بمشاهدة القصر وروعة تصميمه. وتقوم وزارة الآثار حاليا بالتعاون مع السفارة البلجيكية بالقاهرة، وجمعيات المجتمع المدني بمصر، بتنفيذ مشروع إعادة توظيف القصر، حيث ستتم إقامة معرض عن تاريخ حي مصر الجديدة وهليوبوليس عبر العصور.