رشا.. حنين.. ياسمين.. دلال.. كريم.. ضياء. طلاب كوريون لكل واحد منهم قصة شيقة في بلد عربي وحكاية كفاح في تعلمها، بدأوها حينما اختاروا لأنفسهم أسماء عربية تتناسب مع ترجمة أسمائهم من الكورية، وقد اكتسبوا من ذلك السفر التعليمي الخبرة في التعايش وفهم العرب، والطريف أنهم يلتمسون العذر لكَم المضايقات التي تعرضوا لها من تحرش واستغلال، فيضحكون قائلين:" مفيش مشكلة". تسمع حكاياتهم باللغة الفصحى ذات اللكنة المصرية أو التونسية أو المغربية، وتضحك معهم وأنت كُلُّك مرارة وتعجب في آن واحد من صورة بلادنا في عيونهم. وفي صباح أحد الأيام قررنا أن يكون حديث المحاضرة عن شخصية عربية أثّرت في العالم، وكل واحد منهم اختار شخصية عربية وأعد لها جيدا. وبدأ النقاش والسؤال، كيف للعالم العربي أن يكون لديه كل هذه الشخصيات العظيمة في الثقافة والأدب والفلسفة والعلم والإبداع ولم يتغير ولم يتقدم، أو بمعنى أصح لماذا لم يعِ فحوى كُتب هذه الشخصيات؟ بدورها تحدثت "رشا" عن شخصية "ابن المقفع" وكتابه "كليلة ودمنة"، وربطت الماضي بالحاضر في قصة تقطيع أوصاله وموته لاختلاف فكره مع الحاكم وقتذاك!، وتساءلت بضحكة ذات مغزى، لماذا لم يبتكر الحاكم العربي الحديث وسيلة جديدة لإسكات معارضيه؟ أما "كريم" فتحدث عن "عبدالقاهر الجرجاني" وكتابه "دلائل الإعجاز"، وتعجب كيف وصل مستوى اللغة العربية في البلاد العربية من تدمير ذاتي وإحلال الإنجليزية مكانها، وهذا الكتاب عندهم؟! وتناولت "حنين" شخصية المؤلف المجهول في كتابه "ألف ليلة وليلة"، وشخصية المجتمع العربي المنفتح الذي أنتج هذه الليالي الفريدة، وعبرت عن استغرابها في تدني المستوى الثقافي والإبداعي للمجتمعات العربية الحالية التي تحاصر كُتُب المبدعين بحجة التوغل في موضوعات تمس الدين والجنس والسياسة. وتحدثت "دلال" عن "ابن بطوطة" وكتابه "غرائب الأمصار وعجائب الأسفار"، وتساءلت عن أسباب الحدود والحواجز التي وضعها العرب بنفسها على نفسها في الوقت الراهن. حيث تحرم على علمائها تكرار مثل هذا الإنجاز الحضاري الكبير. وعرض "ضياء" فكرته عن شخصية "الجاحظ" وكتابه "البخلاء" الراصد والناقد للعربي الحريص على أمواله، وكيف سبق "الجاحظ" بكتابه هذا كل التفسيرات النفسية والاجتماعية لتحليل علة البخل. ودار حديث "ياسمين" عن رائعة "الأيام" ل"طه حسين" واكتفت بالقول إن هذه المعجزة التي اسمها "طه حسين" لماذا لم تتكرر مرة أخرى في مصر أو في العالم العربي، هل لأن مناخ الحرية والإصرار على التعليم تعطل عند العرب؟! المدهش في هذه الحوارية أن الطلاب ربطوا الماضي بالحاضر وضربوا مثلا بشخصية "نجيب محفوظ" وظهوره مع نضج ثمار التنوير المصري في بدايات القرن العشرين، ثم نبوغه الإبداعي في أواسطه ومصادرته وتكفيره في نهايته، وقالوا إن "محفوظا" تجسيد حي لتقهقر المجتمع العربي ووصوله إلى الانغلاق والدموية. فلا تستهينوا بمكر(ن والقلم وما يسطرون).