مع إصرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على المضي قدما في سياسة القمع التي مارسها بقوة منذ الانقلاب الفاشل ضده في يوليو 2016، بدأت دول أوروبا تعلن بوضوح عن رفضها دعمه، وذلك مع محاولات تودده التي ظهرت منذ يومين خلال زيارته لألمانيا من أجل تحسين علاقته بدول الاتحاد الأوروبي من جديد. رفض التطبيع وأحبطت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الجمعة، مساعي أردوغان لكسب دعم ألماني في مواجهة العقوبات الأمريكية على بلاده، حينما رفضت تطبيع العلاقات معه، ووجهت نقدا شديدا لنظامه، مستبعدة تجاوز فتيل التوتر بين البلدين ما لم تحترم أنقرة مبادئ سيادة القانون فيما يتعلق بالصحافة وحقوق الإنسان، كما جددت رفضها لتصنيف جماعة رجل الدين فتح الله كولن كجماعة إرهابية. مساعدات بالملايين وفي سبتمبر الماضي، ألغى الاتحاد الأوروبي مساعدات كانت مقررة لتركيا بقيمة 70 مليون يورو؛ بسبب تراجع ملحوظ سجلته أنقرة في مجال سيادة القانون وحقوق الإنسان، ليظل وحيدا وسط دعم فقير من إيران وقطر اللذين يعاني اقتصادهما على خلفية دعمهما للإرهاب. معتقلين بالآلاف وتمتلئ السجون التركية بآلاف المعتقلين الذين وصلت أعدادهم لعشرات الآلاف، ولا يوجد إحصائيات محددة صدرت قريبة ترصدهم، ولكن آخرها صدر في نوفمبر 2017 وذكرت أن هناك 50 ألف سجينا، منهم نحو 15 ألف سيدة محتجزة أيضا، وجميع المعتقلين موزعون على 384 سجنا في عموم تركيا، بخلاف 100 ألف آخرين يحاكمون. تعذيب المئات كشف التقارير أن المعتقلين يتعرضون للتعذيب والاغتصاب والضرب لانتزاع اعترافاتهم، وكذلك تهديدهم باغتصاب أفراد أسرهم، بل يصل الأمر بعقاب قرى بأكملها، فذكرت منظمة العفو الدولية أن الجنود الأتراك عاقبوا أهالي قرية تنسوا جنوب البلاد بشكل جماعي بسبب كونهم من الأكراد، وذلك بعد موت جنديين في اشتباك مع حزب العمال الكردستاني. ووفقًا لتقريرٍ عن انتهاكات حقوق الإنسان، صدر في عام 2017، عن فرع جمعية حقوق الإنسان في ديار بكر، فإن 433 سجينا تعرضوا للتعذيب ولسوء المعاملة، خلال عام واحد توفي منهم 11 ثلاثة منهم ماتوا محترقين، وانتحر 8، في حين توفي ستة مساجين متأثرين بأمراض مختلفة، إضافة إلى اثنين آخرين قضوا نحبهم على يد المساجين الآخرين، وفقا لتصريحات صدرت عن الحكومة التركية. كما كان الاعتداء على ما يعرف بأمهات السبت والذين خرجوا للمناداة بحقوق أبنائهم المختطفين، واعتقال العشرات منهم، أبرز مثال علني على ذلك التعذيب. وفاة معتقلين في خلال العامين الأخيرين، قتل 2300 سجينا وفقا لبيانات رسمية صادرة عن وزارة العدل، بالإضافة ل 1154، بذلت العديد من المحاولات للإفراج عنهم دون جدوى. إسكات الصحافة أما بالنسبة للصحافة فهذه تارة أخرى، فسعى الرئيس الذي يرى في نفسه إمبراطورا عثمانيا لإسكات الألسنة، وسجن الصحفيين وإغلاق الصحف، ويقبع ما يزيد عن 2500 صحفي وعاملين آخرين في الإعلام لوظائفهم، في سجون أردوغان، فضلا عن غلق أكثر من 180 مؤسسة صحفية، و1300 جمعية غير حكومية؛ لذلك فمن غير المفاجئ أن مؤشر "وورد برس" لحرية الصحافة هذا العام وضع تركيا في المرتبة 157 دولة من بين 180 دولة حيث تأتي بعد رواندا. فصل الآلاف وعزلت الحكومة 18 ألف موظف، أكثر من نصفهم من رجال الشرطة، لينضموا إلى 160 ألف آخرين كان قد تم فصلهم من وظائفهم بسبب الانقلاب الفاشل.