فى شارع ،طلعت حرب، بوسط المدينة؛ وتحديدا بالقرب من ،ميدان التحرير، دائما ما يكون الرصيف مجهزا لاستقبال العديد من"فرشات الكتب" المعروضة للمارة. أحد بياعى الكتب ، إبراهيم 36 عاما صاحب "فرشة" صغيرة يعتبرها -حسب وصفه- فرع مصغر من مكتبة ،عمر بوك ستور، بنفس الشارع بدأ حديثه بجملة شهيرة اعتادها بياعى الرصيف منذ انطلاق الثورة "منها لله الثورة خلت سوق الكتب ينام"؛ هكذا كان رد فعله بمجرد سؤاله عن أحوال البيع والشراء فى هذه الأيام. أما عن "الفرشة" فقال إنه قد ورثها عن جده الذى أسسها منذ ثورة يوليو عام 1952 ؛ ومن ثم توارثتها العائلة حتى وصلت إليه. ويضيف إبراهيم، أن سوق الكتب وبعد انتعاشة هائلة شهدتها العشر سنوات الأخيرة، تراجعت بشكل ملحوظ بعد إقبال شديد من قبل القراء كان يسرى على جميع أنواع الكتب باختلاف أفكارها قبل الثورة، ولكن منذ جمعة الغضب الأولى والتغير السياسى فى البلاد أصبح الإقبال على القراءة أقل بل، وأصبح محصورا فى بعض الكتب الدينية للشيخ الشعراوى والشيخ محمد حسان، خاصة كتابه "أحداث النهاية" وأيضا كتب الإمام الغزالي. وكذا لاقت الروايات الحديثة مبيعات غزيرة خاصة للمؤلفين ،أحمد مراد، وأحمد خالد توفيق ويوسف زيدان، فى ظاهرة أكثر ميلا باتجاه القراء للكتب الدينية والروايات الواقعية بعد الثورة. وعن أكثر الكتب مبيعا لدى إبراهيم ، كان على رأسها كتاب "سر المعبد " ل ثروت الخرباوى" ، "أوسكار الموالسة ل"بلال فضل"، وروايات أحمد مراد الأخيرة "فرتيجو و الفيل الأزرق". ويأتى بعدهم كتب التنمية البشرية ل د. إبراهيم الفقى ،الكتب الدينية ل للامام الشعراوى بالإضافة لكتب شيوخ السلفية. ومن إبراهيم، إلى "فرشة" أكبر بقليل من سابقتها، لإبراهيم الدقش صاحبة ال50 عاما؛ هنا يقف "إمبراطور وسط البلد "محمد باشا أبو حتاتة "هكذا عرف نفسه بإعتباره أحد -البياعين الغلابة اللى بيثقفو الناس- على حد قوله. أبو حتاتة الذى يعمل بائعا للكتب منذ انطلاق الثورة وبعد تغيير نشاطه من بائع اكسسورات لثوار الميدان قال "الناس بعد الثورة بقت تتثقف أكثر"، موضحا أن الإقبال على القراءة قبل ثورة يناير كان محصورا فى مؤلفات بعينها ل نجيب محفوظ ومصطفى محمود وأشعار صلاح جاهين ومحمود درويش. لكن بعد الثورة أصبح اتجاه القراء أكثر تنوعا، خاصة فيما يتعلق بالسياسة والواقع، فكانت الكتب الأكثر مبيعا من نصيب الروائيين أحمد مراد وأحمد خالد توفيق، بالإضافة إلى كتب الفنانين مثل كتاب 28 حرف ل الفنان أحمد حلمي، وغيرها كمؤلفات يوسف زيدان وستيفين كوفى ودان براون؛ وعلى راسمهم جميعا كتاب "سر المعبد" للثروت الخرباوى. وعند سؤاله عن الكتب الدينية جاوب بعبارة واحدة :"الكتب الدينية معلهاش سحب"؛ إلا أنه أكد إقبال زبائنه فيما يتعلق ب كتب مبادئ وأصول الشيعة. لنخلص من هذا وذاك بتنوع فى الاراء والأذواق لدى القراء بعد أن اعتادوا الذهاب ل"فرشات" الرصيف للحصول على وجبات تثقيفية دسمة بسعر أٌقل من المكتبات ودور النشر، لنجد أن الثورة بمفعولها السياسى والاجتماعى القوى كان لها دور فى تنويع المصادر الثقافية لدى المواطن العادى. وببساطة شديدة يعترف "أبو حتاتة" بأنه لايجيد القراءة والكتابة؛ وأنه تعود فى عملية البيع والشراء على حفظ شكل أغلفة الكتب وعناوينها وأسماء المؤلفين، دون أن تتوفر لديه معلومة واحدة عن كل هذه المؤلفات أمامه. ويقول أبوحتاته، أن سبب نجاح ال"فرشة" لمدة تجاوزت ال50عاما هو إعادة تدوير الكتاب أو طبعه من جديد لدى مطابع مغمورة؛ وذلك فى حالة نجاحه وارتفاع سعره. ويعطى حتاته مثالا لإعادة طبع كتب الإعلامى أحمد العسيلى بعد أن كانت تباع فى دار الشروق ب80 جنيها للكتاب الواحد، مضيفا أنه وبعد الطبع وبنفس المادة ولكن مصورة ويصاحبها تصميم جديد للغلاف أصبح سعر الكتاب 25 جنيها.