السياسيون يقولون غير ما يعرفون.. والفقى نموذج الفكر الدينى الصحيح لايعرف الكهنوت والأحزاب الدينية عبء على الإسلام في نهاية الجزء الأول من الحوار مع الناقد الأدبى الكبير الدكتور صلاح فضل، الحائز على جائزة النيل، ألقى «فضل» الضوء على موقفه من الحقبة الناصرية، وأيام حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وهنا.. في الجزء الثاني، يقدم تحليلًا واقعيًا، وقراءة محايدة، وكواليس أيضا، للأنظمة التي حكمت مصر خلال السنوات الماضية، وتحديدًا أنظمة «عبد الناصر، السادات، ومبارك». انطلقنا من أيام «ناصر»، وقال «فضل» متذكرًا واقعة حدثت له وقتها: كان يمكن الوشاية بى بمنتهى السهولة، وأنا لست من هذا أو ذلك، ولكن ما الذي يضمن أن وشاية ما من مخبر ما، لن تنقذنى من السجن، إن لم تكن هناك واسطة، كان الخوف شديدا جدا، وكان السفر حلا مناسبا للهروب من هذه الأجواء، خصوصا أن العديد من زملائى قبض عليهم ودمر مستقبلهم تمامًا. الناقد الكبير، اعترف لأول مرة في تاريخه ل«فيتو»، بأنه حرم على نفسه السياسة والاشتغال بالعمل العام، مدعيا وقتها أنه يعد نفسه لأن يكون أستاذا جامعيًا، الذي يجب أن يكون في رأيه محايدا، وفوق مستوى السياسة، وألا يغمس نفسه في هذه التفاصيل التافهة للعمل السياسي، موضحًا أنه «حرم على نفسه السياسة، لأنه لم يكن يأمن لها على الإطلاق، أن يمارسها من هنا، ويجد نفسه قد حبس في زنزانة خاصة، إذا ما اشتغل بالعمل السياسي». وأكمل: عندما تكشف لى أن الحياة الجامعية لا تحرم عليّ على الإطلاق القيام بدوري الثقافي، لأنى أعمل في النهاية على النهوض، بالفكر العلمى وصناعة الأجيال وهذا الفكر وصناعة الأجيال، ينخرط في تيار عام. وأضاف: أدركت في مرحلة متأخرة أننى ما كنت أتعلل به من الحياد الأكاديمي، الذي يطلب أن يبتعد عن السياسة، كان مبعثه الحقيقى الخوف، الذي زرع فينا منذ عهد عبد الناصر، وأظن أنى مثل أبناء جيلى بأكملهم، لكننى أمتلك القدرة والشجاعة على الاعتراف الآن. صلاح فضل تابع سلسلة اعترافاته قائلا: عندما بدأت أتخلص نسبيا من هذا الخوف، بدأت أقوم بدوري السياسي، على وجه التحديد في لحظات عاصفة، وأذكر أول رغبة لى في المشاركة بالشأن السياسي، كانت منتصف الثمانينيات، عندما بدأنا نطالب بالحريات، التنظيم والمؤسسات، والأحزاب، والدفاع عن حرية الفكر؛ لم أكف وقتها عن محاولة بعث ونبش والدفع والتدخل بشكل ما في طبيعة الحياة السياسية لمصر، ولكن كنت أفعل معظم ذلك وأنا خارج مصر. الناقد الكبير كشف ل«فيتو» تفاصيل حكاية غريبة ونادرة قائلا: كنت أقوم بتدريس الأدب والثقافة العربية بكلية المكسيك للدراسات العليا، وكان عدد المصريين محدودا جدًا، وقدر لى أن أرتبط بعلاقة صداقة قوية مع السفير المصرى في المكسيك رحمه الله وجاءت السيدة جيهان السادات، لتحضر مهرجان المرأة العالمي، ليطلب منى السفير تقديم هدية لها عبارة عن طبق من الفضة، باسم الجالية المصرية في المكسيك، واشترى السفير الهدية وأقام حفلا في السفارة. وواصل: جاء الدور عليّ لأقول كلمتي؛ قلت لها: الرئيس السادات أعاد الكرامة وحرر الأرض، ولكن يا سيدتى قولى لزوجك: إنه لن يستطيع أن يدير مصر بعقله فقط، وعليه أن يستعين بعقول كل المصريين، قولى لزوجك إنه لن يستطيع شغل سلفه جمال عبد الناصر، إلا إذا أنجز ما عجز عنه عبد الناصر، وهو إقامة الديمقراطية، وفكرة المنابر التي يتحدث عنها ليست صحيحة؛ فالمنابر للمساجد ولكن السياسة تحتاج أحزابا حقيقية وليست صورية، ومستقبل مصر يتوقف على حياة ديمقراطية صحيحة. بعد ذلك.. شرح «فضل» كواليس هذا الموقف المضطرب، قائلًا: ألححت عليها بكلمتى «قولى له، قولى له» وهى تصرخ فىّ وتقول «والله هقوله، والله هقوله»، وهى حية ترزق وتستطيع التعليق إن أرادت، كانت ثورة حماس، ربما وجودى في الخارج منحنى قدرا من الشجاعة والتخلص من الخوف المزمن حتى أستطيع البوح بذلك». موقفه من جيهان السادات، لم يكن الأخير مع السيدة الأولى، فبعد سنوات وجد نفسه في موقف مشابه لكن هذه المرة مع زوجة الرئيس محمد حسنى مبارك، سوزان مبارك، قال عنه: كنت قبل ثورة يناير على صلة حميمة بإحدى الشخصيات المصرية العظيمة التي على علاقة مباشرة برئاسة الجمهورية، وأخبرنى الصديق الذي لم أستأذنه في نشر اسمه لكنه سيعرف نفسه فور نشر الحوار، أنه سيقابل صبيحة اليوم التالى السيدة سوزان مبارك، فحملته رسالة، وطلبت منه أن يبلغها لها على لسان مثقف مصري، وليس مهما أن تعرف اسمي. وهى أن رغبتها الشديدة تتجاوز زوجها في توريث جمال حكم مصر، وكل الشواهد تدل على أن جمال بدأ يحكم مصر فعلا، والتوريث حتمي، سواء أراد مبارك أم لم يرد، لأن الرجل فقد قدرته على الاستمرار بعد وفاة حفيده، والسيناريو يمر. «فضل» التقط طرف الحكاية تلك، وكشف عن تأكده من دعم سوزان مبارك لتوريث جمال حكم مصر، قائلا: هي لم تكن تريد أن تتعرض للمهانة التي تتعرض لها جيهان السادات، والطريقة الوحيدة التي تمكنها من الاحتفاظ بكيانها ومجدها أن تكون أم الملك. وتابع: استكملت رسالتى لصديقي، وقلت له: «قل لها إن الشعب المصري، ليس متاعا يورث هكذا، لكن له طموحات، وأكبر طموحات المصريين الآن، ممارسة التحول الديمقراطي، ليضع جمال برنامجا للتحول الديمقراطى ويمكن أن نساعده في ذلك، وعلى أساسها يطرح نفسه لخلافة والده، وأظن أن كثيرا من المثقفين وقادة الرأى العام، يمكن أن يدعموه في ذلك». واستطرد يحكى بقية رسالته لسوزان مبارك: «لكن أن يبايعه الناس بشكل هلامى لتوريث الحكم مثل أبيه، لسنا حيوانات لنورث بهذا الشكل؛ يقف فضل هنا، ويعدل من جلسته»، وقد أشفقت على صديقى من نقل رسالتى بهذه الحدة ومنحته الضوء الأخضر في أن يلطفها بطريقته وينقلها، ولم تمض سوى أسابيع قليلة، واندلعت ثورة يناير، وظللت طوال أيام الثورة على تواصل يومى مع هذا الصديق، من السابعة مساء نتداول فيما يحدث في ميدان التحرير ونتبادل الآراء، وخطر لى أن أسأله عن مصير الرسالة، التي طالبته بنقلها إلى سوزان مبارك، فرد وقالى لى: نعم نقلتها. تتغير ملامح فضل قليلا، يتجه إلى جدية الموقف الذي ربما لم تعشه أسرة مبارك وقتها قائلا: رد صديقى وقال إنه فوجئ بتجهم وصمت لم يره من قبل، ولم يتلق ردا على رسالته، هم لم يكونوا مدركين لأعماق الشعب ومصالحه، هم كانوا محصورين في عوالمهم وأشيائهم وعلاقاتهم، ولم يكن يعنيهم ما يفكر فيه الآخرون، فجرفهم التيار، يقول فضل ويعبر عن الحالة التي كان عليها مبارك وعائلته في هذا التوقيت الفاصل من عمر البلاد. في سياق الحديث عن «ملف التوريث» أشارت «فيتو» إلى نفى الدكتور مصطفى الفقي، الذي كان مقربا من دوائر الحكم ويعلم الكثير، تماما وجود أي إشارات لسيناريو التوريث، بل أكد أن الرئيس الأسبق مبارك وزوجته كانا يرفضان الفكرة بكل قوة، ليرد «فضل» مبتسمًا: مع احترامى وتقديرى واعتزازى للصديق الدكتور مصطفى الفقي، غير أن السياسيين دائما يقولون غير ما يعرفون، هذا هو فن السياسة في جزء منه هو فن الكذب، مبارك لم يكن يريد التوريث لأنه يدرك جيدًا أنه سيواجه صعوبات كثيرة؛ كان يتذرع أنه وجد في الرئاسة صعوبات كثيرة ولايريد أن يعرض ابنه لها، وهذا كذب والسبب الحقيقى أنه يعرف أن المؤسسة العسكرية لن توافق على تولى جمال الحكم بهذه الطريقة، دون أن يكون منتميا لها، وخارجًا من صفوفها، لأن ذلك يهدد الأمن القومى بشكل مباشر.. يضيف محللا تلك الفترة: مبارك على قلة خبرته لم يتحمس للتوريث، لكنه كان مسوقا من التيار الذي تديره السيدة سوزان. وتابع: كان وزراء في حكومة مبارك ويعملون سكرتارية لجمال مبارك، ويحملون له التليفون ويردون نيابة عنه، وهو الذي يتحكم فيهم، ما هي السلطة إن لم تكن ذلك ؟ كان الموضوع رهن الظرف، سواء تنحية أو وفاة، لكن سيناريو التوريث كان قائما ومحكوما وموزونًا، إلا فما سبب تمسك مبارك بالسلطة، وبقائه فيها ثلاثين عاما، كانت كل إستراتيجيته، أن يفعل ما يبقيه رئيسًا، ما يهدد ولو ب 1% من استقراره كرئيس ولو فيه مصلحة مصر يستبعده على الفور. من مبارك وزمانه، انتقلنا إلى ثورة 30 يونيو، التي تتعرض لحملات تشويه غير مسبوقة، هل كانت الأسباب التي قامت من أجلها كافية، أم لا، سألنا صاحب «النيل» فأجاب: الضمير الوطنى والحس التاريخى والوعى القومى هو الذي انتفض ضدهم؛ مصر بوجهها الحضارى الذي كاد أن يتشوه، وتختطف ثورتها؛ الشخصية المتحضرة العميقة بحسها الوجداني، والتي كان يتم إلباسها قسرا قناعًا من التعصب وأحادية التفكير والتوجه نحو الفاشية الدينية، والتي أوهمت المصريين أن تمتطى حصانا من الديمقراطية، حتى تقوم بقتله بعد ذلك. وأضاف: «صعدت الإخوان على سلم الانتخابات ثم ألقت به لتظل هي السطح، للاستمرار في الحكم، لذا ضيقت على الفن والثقافة والحرية والإبداع، فانتفض ضدهم المشتغلون بالثقافة ورفضوا الوزير الإخوانى الذي عين لهم، بل ومنعوه من دخول الوزارة، وجعلوا الشارع الكائن في مقر الوزارة ساحة للغناء والتظاهر، وكان ذلك سابقا على حركة تمرد، بل إن الأخيرة استوحت ما قامت به من المثقفين والمبدعين». بمزيج من الأسى والقوة في مواجهة فترة سيذكرها التاريخ بكل نوباتها في الذاكرة الوطنية، أكمل «فضل»: كنا نعرف أن ما يحدث لن يستمر، ولكن لم يتوقع أحد خروج المتظاهرين بهذه الكثافة لوقف الفاشية والظلامية، «كان الدافع قويا لإنقاذ مصر».. يقول الناقد الكبير، وكأنه يختار عنوانا للصفحة الأولى في صحيفة يومية، تخرج صبيحة عزل الإخوان عن حكم البلاد. الفكر الدينى منذ بداية الإسلام، لم يتخذ عباءة الكهنوت، ولا تسليم حكم الله عن من ينوب عنه في الأرض، ولكن الأحزاب السياسية الخارجة من عباءة الإسلام السياسي، فعلت ذلك وخلطت الدين بالسياسة لتشوه الأمرين معا، الوصف الذي منحه «فضل» لمن اسماهم المتاجرين بالدين والحاكمين باسم الله الذي أرادوا إعادتنا إلى العصور الوسطى. وواصل: الإخوان أخطأوا بشكل فادح، بداية من الإعلان الدستورى الذي كان سيقضى على التجربة الحضارية والدستورية بجرة قلم عبر كلمة كان يريدها مرسي، وقالها: «قراراتى لا يراجعها أحد»، كان حدا فاصلا يلغى شرعية مرسي، ومنذ هذه اللحظة علم المثقفون المصريون أن نظام الإخوان لن يستمر في حكم البلاد. من الرومانث الإسباني: دراسة ونماذج 1974م منهج الواقعية في الإبداع الأدبى 1978م نظرية البنائية في النقد الأدبى 1978م تأثير الثقافة الإسلامية في الكوميديا الإلهية لدانتى 1980م علم الأسلوب، مبادئه وإجراءاته 1984م إنتاج الدلالة الأدبية 1987م ملحمة المغازى الموريسكية 1988م شفرات النص، بحوث سيميولوجية 1989م ظواهر المسرح الإسبانى 1992م أساليب السرد في الرواية العربية 1993م بلاغة الخطاب وعلم النص 1993م أساليب الشعرية المعاصرة 1995م أشكال التخيل، من فتات الحياة والأدب 1995م مناهج النقد المعاصر 1996م قراءة الصورة وصور القراءة 1996م عين النقد على الرواية المعاصرة 1997م نبرات الخطاب الشعرى 1998م تكوينات نقدية ضد موت المؤلف 2000م شعرية السرد 2002م تحولات الشعرية العربية 2002م الإبداع شراكة حضارية 2003م وردة البحر وحرية الخيال الأنثوى 2004م حواريات في الفكر الأدبى 2004م جماليات الحرية في الشعر 2005م لذة التجريب الروائى 2005م وثائق الأزهر.. ما ظهر منها وما بطن 2017م عن دار بدائل للطبع والنشر والتوزيع الجوائز التي حصل عليها جائزة البابطين للإبداع في نقد الشعر عام 1997م جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 2000م جائزة النيل في الآداب