فى شريعة الغاب فقط يسود قانون «البقاء للأقوى» ، ففى ظل الفوضى يتصرف كل شخص كما يشاء ، يأخذ حقه بيديه ، دون مراعاة لقيم أو أخلاق أو دين ، وما حدث قبل عدة أيام من مقتل نجل أمين حزب الحرية والعدالة - الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين - بقرية القطاوية التابعة لمركز أبوحماد بمحافظة الشرقية ، يؤكد أن شريعة الغاب هى القانون الوحيد لدى البعض ، وأن قيم الإسلام وسماحته لا تزال بعيدة عنا إلى حد كبير – إلا من رحم ربي. وبصرف النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع الإخوان ، فإن ما حدث بحق ابن القيادي الإخواني هو جريمة بشعة ارتكبها الجناة مع سبق الإصرار والترصد ، حيث حاصر مئات الغاضبين منزل نجل القيادي الإخواني ، لعدة ساعات على خلفية اتهامه – مجرد اتهام - بقتل «ترزي» باستخدام سلاح ناري ، ونجحوا فى النهاية فى اقتحامه وإضرام النار فيه، وقتل «المتهم» ، ضربا وركلا وسحلا والتمثيل بجثته فى الشارع ! أكثر من هذا ، رفضت الحشود الغاضبة أداء صلاة الجنازة على نجل القيادى الإخواني أو دفنه بمقابر القرية ، وهكذا صار الانتقام شريعة البعض ، فلا تحقيق أو تقصى للأمور ، فالدم الحرام أصبح يراق جهارا نهارا دون وازع من ضمير. هذه الجريمة لا ينبغى أن تمر مرور الكرام ، فقد ارتكب الجناة إثما عظيما ، وجميعنا يعلم أن القتل إحدى الكبائر التى نهى عنها ربنا جل وعلا ، ألم يقرأ هؤلاء الجناة غلاظ القلوب قول الله عز وجل : «وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا» (الإسراء:33) ، وقوله تعالى: «وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا» (النساء:93). وقوله جل وعلا : «وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً « (النساء : 93) ، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : «لأن تهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من أن يراق دم إمرىء مسلم». إن كراهية الإخوان لا ينبغى أبدا أن تكون مسوغا لقتل أحد أبنائهم وسحله فى الشارع ، وإذا كان منهم من ارتكب جريمة فيجب أن يخضع للتحقيق – شأنه شأن أى مواطن- ولا ينبغى أن يتم أخذ الناس بالشبهات والاتهامات . وبالطبع فأنا لا أدافع عن الجماعة التى صارت فى صدارة المشهد السياسي بعد عقود من الصراع مع أنظمة الحكم المختلفة ، ولكن علينا جميعا ألا نسمح بأن تتحول مصر إلى غابة ، نقتل فيها بعضنا البعض بدم بارد .