هل ذقت طعم الفشل ذات يوم في حياتك، هل قالها أحدهم لك وأخبرك بأنك فاشل، هل فشلت حقًا حتى اعتقدت داخلك أنك فاشل؟! الفشل يا صديقي هو اللحظة التي يحول بينك وبين هدفك حاجز يصعب عليك تخطيه، فتشعر بالعجز وأنت تقف أمام الحاجز ضعيفا لا حول لك ولا قوة، يقف الناس حولك يخبرونك بفشلك لأنك لن تستطيع الوصول إلى هدفك - كما لم يستطيعوا هم -. الفشل هو لحظة سقوط نجم الكرة العالمية المصري محمد صلاح عندما دخل في مرمى منتخب بلاده هدفا يحول الحلم إلى جحيم، والفرحة إلى مرارة حزن، ويبعده عن هدفه في وصوله ليلعب في كأس العالم، لحظة صعبة أن تسقط أرضا وتضع رأسك بالأرض، تدرك أنك فشلت!. الفشل هو لحظة إجراء أحد الأطباء المصريين لعملية استئصال خطيرة لورم في المخ، بأقل الأدوات والإمكانات، ثم فجأة يظهر أمامه وريدا كفقاعة الصابون فوق الورم، لمسة بسيطة سينفجر الوريد، لحظة العجز عن الوصول إلى نجاح العملية. ... أنت فاشل ! كلمة قد تمر على سمعك، أو تراها في عيون من حولك، أو تشعر بها داخلك.. تغيب الرؤية وتتلاشى، وتبهت الصورة أمامك، شريط طويل من الانكسارات والانتكاسات والفشل تراه كاملا، تسمع شيئا ما يهمس في أذنك: "أنت فاشل"، صوت ينبع من داخلك قبل أن تسمعه من الآخرين. هنا يفترق الخلق وينقسمون، بين إنسان يصدق الفشل ويحيا حياة الناقم الخاضع، يبكي حلمه الذي فشل في تحقيقه، ينعى حظه، يؤمن بأن الحياة ما هي إلا حظوظ وأرزاق، وأن حظه سيئ ورزقه قليل، وبين إنسان لا يرضى بالعجز، يتذكر عندما كان صغيرا يسافر من بلده بسيون إلى القاهرة أربع ساعات ونصف لخمسة أيام أسبوعيا لمدة ثلاث سنوات، من أجل أن يصبح شيئا، يتذكر عندما ترك كل فشل خلف ظهره وسافر خارج مصر كي يصل إلى هدفه، يتذكر غيره كل هذه السنوات التي ظل فيها يدرس الطب كي ينفع البشر، وكل هذه العمليات التي أجراها ونجح فيها. يأتي صوت قوي يهزم صوت الفشل، صوت من الداخل يصرخ في أعماق الإنسان يخبره بأنه سيقدر، يخبره بأن الله قد أودعه من الأسرار والإمكانات ما لو أحسن استغلالها سيقتلع الحواجز ويقهر الفشل ويصل إلى الهدف. في تلك اللحظة تنهض من على الأرض وتصرخ بأعلى صوتك، "لن أفشل"، سأعلنها لكل من قالها لي يومًا وأخبره بأنني سأقهر المستحيل، سأخبر هذا الفشل بداخلي بأنه لم يعد له مكان، سأقوم وسأحاول ولن أيئس مادمت أتنفس، أنا لست عاجزًا، حتمًا سأصل. هنا يبدأ وهم الحظ الذي يرسمه لنا الخيال في التواري تحت أقدام الواقع الذي نبنيه بإرادتنا، الحظ لا يأتي لمن يستسلم، الحظ يعمل خادما عند أصحاب الإرادة، لم يكن محمد صلاح ليضيع ضربة الجزاء التي جاءت لتعيد الحلم وتجدد الهدف، حقًا إن لكل مجتهد نصيب، عندما ينجح الطبيب في إبعاد الوريد عن الورم ويتمكن من استئصاله بنجاح، هنا ينهزم الفشل ويرفع يده معلنا الاستسلام. يوم ما ستذكر يا صديقي تلك الكلمة: "أنت فاشل"، وتضحك، تضحك جدا، ثم تكمل طريقك نحو هدف جديد تسعى لتحقيقه.