قصة غرام نجيب محفوظ المشهورة أو حبه الأول عندما انتقل للسكن في حي العباسية وكانت تسكن أمامه فتاة شديدة الجمال، سقط في هواها وظل يشاغلها من نافذة منزله دون أن ترد عليه ولو بإشارة واحدة وظل على هذه الحال لشهور طويلة حتى كانت المفاجأة الكبيرة، عندما اكتشف عن طريق المصادفة أن تلك الفتاة كفيفة ولم تكن ترى إشاراته وتلميحاته كانت وراء تسلل الوجه الجميل للمرأة المصرية في رواياته، لتكون المرأة عند محفوظ مركز الأحداث ومن حولها يدور الصراع باعتبارها مرآة تعكس العادات والتقاليد في المجتمع المصري. واختار محفوظ في أعماله شخصيات نسائية لها مشكلات عادية عاشتها معظم نساء مصر في هذه الفترة، ويقع دور الشخصية النسائية ضمن حركتها في المجتمع وتطور وضعها في إطار الحركة الصاعدة للحياة الاجتماعية في مصر المعاصرة. فشخصية –نفيسة- في رواية " نهاية وبداية " قامت بتجسيد الأزمة الحادة التي يمر بها المجتمع المصري آنذاك وبخاصة الطبقة المتوسطة التي تعيش حالة تمزق بين تقاليد تكاد تسقط وحياة مدنية تداهم طبقات المجتمع بكل قوة، نفيسة هذه الفتاة الشريفة بادئ الأمر، حيث مات والدها واضطرت للعمل خارج البيت خياطة لإعالة إخوتها وأمها وكانت في سن الثالثة والعشرين، وتكرر محاولات الزواج الفاشلة، وهو ما دفعها للعيش في عنوسة قاتلة بكل تراتيبها النفسية والسلوكية؛ فبحثت عن المتعة عن طريق البغاء في السر والخفاء، كل ذلك أدى بها إلى الانتحار كضحية للمنظومة الاجتماعية القاسية والتي تشير إلى انهيار الطبقة المتوسطة. أما صورة المرأة في الثلاثية "بين القصرين، قصر الشوق، السكرية" كانت مرآة تعكس رؤية محفوظ، تجاه الشخصية النسائية المصرية، ففي الجزء الأول من الثلاثية "بين القصرين"، حيث نرى هنية الزوجة الأولى للسيد أحمد عبد الجواد ذات الرغبات الجنسية الجامحة تحدت زوجها وطلقها، ويقابلها الزوجة الثانية أمينة وهي سيدة مسكينة خاضعة ضيقة العقل محدودة الثقافة مستسلمة بلا شروط، أما ابنتها خديجة وهي الكبرى، فسمراء غير متناسقة الملامح ورثت عن أبيها صلفه وعن أمها قدراتها في الطبخ. وتبرز صورة عائشة ذات الستة عشر عاما، مراهقة ورغبتها في التزين بلا حدود، ومع أنها جميلة ظل عشقها لاختلاس النظر للمارة من وراء المشربية، ميزة واضحة رسمت شخصيتها داخل الرواية وطبعت روحها على الكثير من النساء حتى الآن. الرائعة "شادية " أو - نور- في رواية "اللص والكلاب" حالة غريبة، لبطل تنكرت له زوجته وابنته وباعه صديقه، ولم يجد بجواره سوى بائعة هوى منحته نفسها وبيتها وأمنها مقابل حمايته من كل شىء من الشرطة ومن الرغبة فى الانتقام ومن نفسه، ولم يقدم لها شيئا فى المقابل. وبخلاف الهوى المصطنع والضحكات المتعالية نجد نموذجا للإخلاص فى الحب والوفاء قدمته شادية رغم تناقضه فى قالب راق سرق تعاطف الناس معها ومع حبيبها المجرم الهارب. إلى أن اخفاها فجأة نجيب محفوظ وقطع خطها الدرامى دون أن يمهد لذلك، وكأنه أراد أن يقول للجميع إن النور الوحيد فى حياة سعيد مهران الذى خذلته الخيانة وخذلته نفسه اختفى باختفاء بائعة الهوى التى ظل متحفظا على منحها الحب أو الثقة. وتأتي سعاد حسنى "إحسان شحاتة" فى القاهرة 30، حيث البراءة الزائفة وحزنا كسر عيون إحسان يظهر التناقض بين كل ما تكنه في قلبها وما يريده عقلها، فى "القاهرة 30" أو "القاهرة الجديدة" قدم نجيب محفوظ سعاد حسنى كما لم تظهر على الشاشة من قبل- شقية تمارس الهدوء الشديد، عاشقة للبراءة وتحمل زيف المشاعر، وفتاة رقيقة اعتادت أن تضحي دون أن تكتسب أى تعاطف من الجمهور.