يبدو أنه كان لا بد أن يحدث الجفاف في مدينة «كيب تاون» بجنوب أفريقيا، ويعانى مواطنوها من أجل الحصول على شربة ماء، حتى يستفيق المسئولون في مصر، ويدركون أن الجفاف قادم ولن يتوقف عند المدينة الأفريقية التعيسة التي كانت ذات يوم من أجمل المدن الأفريقية. اعتبر الدكتور محمد عبد العاطى وزير الموارد المائية والرى ما جرى في تلك المدينة بمثابة إنذار مبكر، وعلامة تحذيرية كبيرة يجب أن تتنبه إليها مصر، وتؤكد ضرورة تنفيذ سياسة مائية وطنية واضحة وصارمة لترشيد المياه. وعندما يصدر التحذير من خبراء لا يملكون سلطة إصدار القرار، يصبح الأمر مفهوما، ولكنه يصعب الفهم عندما يصدر من المسئول الأول عن وضع السياسات المائية وتنفيذها على أرض الواقع، وإذا كان خبراء المياه لم يقصروا في توجيه المسئولين عن أزمة المياه التي ستواجهها مصر مستقبلا، سواء بأن المسئولية تقع على عاتق الحكومات التي تراخت في التعامل مع تلك المشكلة التي تعد من أخطر المشكلات التي تواجه مصر. ولا أظن أن ما أعلنه الوزير من أن الموارد المائية التي كانت تكفى في السابق 20 مليون نسمة لم تعد كافية لاحتياجات 100 مليون من سكان المحروسة، يضيف جديدا لمعلومات المصريين ولا ينفى مسئولية وزراء الرى في الحكومات السابقة عن التراخى في مواجهة الخطر القادم، والدليل التوسع في زراعة المحاصيل الشرهة إلى المياه مثل الأرز وقصب السكر، بينما الحكومات تقف مكتوفة الأيدى لا تستطيع حتى أن تنفذ العقوبات الواردة في القوانين على مزارعى تلك المحاصيل بالمخالفة، استجابة لضغوط المصدرين وأصحاب المصالح الذين غلبوا مصالحهم الشخصية على المصلحة الوطنية وهم يدركون أن تصدير الأرز على سبيل المثال.. هو تصدير للمياه من دولة تحتاج إلى كل قطرة ماء لتوجيهها للتنمية. ما ننتظره من وزير الرى الأفعال.. لا الأقوال!