وسط أسوأ موجة جفاف تضرب منطقة القرن الإفريقي خلال السنوات ال100 الماضية، أعلنت وزارة الموارد المائية والري المصرية، حالة الطوارئ القصوى أوائل شهر مايو الماضي، وتستمر حتى أغسطس المقبل؛ استعدادا لموسم المحاصيل الصيفية، وأطلقت الوزارة حملات واسعة لحرق محاصيل الأرز المستهلكة للمياه بكميات كبيرة. كثف المزارعون مظاهراتهم ضد وكلاء وزارة الزراعة والري، الذين رشوا المبيدات الحارقة على محاصيل الأرز المزروعة خلافا لقرار وزارة الزراعة الذي ينص على زراعة الأرز بمساحة مليون فدان، في مناطق معينة من دلتا النيل. وقال نبيل الشحات، أحد المزارعين المخالفين لقرار حظر زراعة الأرز في محافظة الشرقية: "سيجوع أبنائي طوال العام إن نفذت القرار الحكومي، ولم أزرع الفدان والنصف الذي أملكه أرزا"، موضحا أن غلاء أسعار الأرز الذي يعتمد عليه الفلاح المصري وأسرته طوال العام في طعامه بات أمرا لا يمكن معه الالتزام بقرار سيكون أثره تجويع عائلات الفلاحين. وفي هذا الصدد، أشار تقرير حكومي إلى أن إجمالي سطح الأرض المزروعة بالأرز، زاد بنسبة مليون فدان في شهر واحد فقط، حيث ارتفع من 174 ألف في 5 أبريل إلى 1.175 مليون، في 30 مايو. وأضاف الشحات أنه في السنوات الماضية زرع الذرة بدلا من الأرز لتجنب انتهاك الحظر المفروض على الأرز، موضحا: "في العام الماضي لم أجد مشترين للذرة، ولم تقدم الحكومة خدمات تسويق لتعويض خسارتي، وإذا لم أجد مشترين للأرز سأستخدمه لإطعام عائلتي"، متابعا: "عاقبني المسؤولون في وزارة الموارد المائية والري بقطع المياه عن أرضي لأنني أزرع الأرز، إلا أنني تغلبت على الأمر بدق بئر لاستخراج مياه في داخل أرضي، المياه التي في البئر ليست عذبة تماما، وفيها ملوحة، إلا أنها تفي بالغرض، بل وتروي ظمأ أسرتي في ظل معاناتنا من عدم وصول مياه الشرب النظيفة إلى القرية". وفي المقابل، قال محمد برغش، الرئيس السابق لاتحاد الفلاحين المصريين، إن بعض المزارعين ينتهكون القرار، ليس لتلبية الاحتياجات الفورية، لكن للاستفادة من أسعار الأرز العالية، كل من كان يزرع فدان أرز في الأعوام السابقة، زرع 10 أفدنة هذا العام، بما ينذر بأزمة في استنزاف مقررات المياه للعام كله دفعة واحدة في زراعة محصول صيفي على حساب المحاصيل الأخرى، وفي ظل ما تعانيه مصر من أزمة جفاف مائي. تأتي تصريحات برغش في سياق المخاوف الحالية بين المصريين بشأن تشغيل سد النهضة الإثيوبي، مما قد يخفض من حصة مصر السنوية في نهر النيل. وقال حسام المغازي، وزير الموارد المائية والري السابق، إن أزمة ترشيد المياه تمثل معادلة صعبة، تتطلب تظافر الجهود مع الوزارة وتفهم المواطن والفلاح المصري لقرارات الدولة بترشيد المباه، وهي في الأساس تصب في مصلحته. وقال المهندس وليد حقيقي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية والري، إن تصدير مصر للمحاصيل الشرهة للمياه يعد إهدارا لها، كما أن محاصيل مثل قصب السكر والموز باتت عبئا على الموارد المائية المتاحة في مصر، ولذلك يتم تحجيم زراعتها. المونيتور